بسيطة في حياتها، قوية في حضورها، دخلت عالم التمثيل منذ عشرة أعوام، فافتتحت مسيرتها بمسلسل "ليس سراباً" عام 2008، وبعدها تتالت مشاركاتها في الأعمال المهمة مثل "قلبي معكم" و"ما ملكت أيمانكم" و"آخر أيام الحب" و"الدبور" و"لعنة الطين" و"تخت شرقي" و"الغفران" و"الغربال" و"صدر الباز" و"ياريت"، علماً أنها أطلت خلال رمضان الماضي بثلاثة أعمال هي "الرابوص" و"شوق" و"الإمام".
الممثلة السورية الشابة ميريانا معلولي حلت ضيفة على موقع "الفن"، وكان الحوار الآتي.
بداية حدثينا عن آخر أعمالك.
انتهيت مؤخراً من تصوير مشاهدي في مسلسل "وهم"، الذي لعبت فيه شخصية "تالين"، وهي امرأة تعاني من تعنيف زوجها، فتتخذ قرار الهجرة بعد وفاته بمرافقة ابنها الوحيد في محاولة منها للحصول على حياة أفضل.
ويسلط العمل الضوء على تفاصيل رحلة الهروب بما تتخلله من برد وخوف وعدم توفر وسائل حماية وأمان، والعمل واقعي وموجع.
كما شاركت في مسرحية "ضوى القمر"، فكرة وإخراج بسام حميدي، وتستعرض حال السوريين اليوم بطريقة غير مباشرة عبر قصة فتاة تسير في طريقها إلى مدرستها، ثم تتعرض لحادثة مفاجئة تضطرها لتغيير طريقها والتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن مخبأ آمن.
وأحضّر الآن لعرض مسرحي للأطفال سيعرض خلال الشهر الأول من العام الجديد على خشبة مسرح القباني.
سبق ووقفت عدة مرات على المسرح هذا العام.. ما الجديد في "ضوى القمر"؟
الجديد أن العرض كان صامتاً ولا يتضمن حوارات وإنما يعتمد على الإبهار البصري، كما يضم تقنيات حديثة قلما تقدم في المسرح السوري.
ويتطلب أداء هذا النوع من العروض درجة عالية من التركيز والدقة في الحركة للحصول على توافق بين حركة الممثل والغرافيك، وأي خطأ يسبب خللاً.
ماذا يعني لك المسرح؟
لا استطيع الابتعاد عن المسرح، وأنا أساساً لم أبتعد عنه منذ تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية، فالمسرح صقل شخصية ميريانا الإنسانة قبل الفنانة، وسأبقى وفية لهذا المكان.
كما أعتبره المادة التي تطهرني داخلياً من تعب الحياة والآثار السلبية التي ممكن أن يتلقاها المرء من أي مكان.
تواجدتِ مؤخراً في عرضين مسرحيين للمخرج مأمون الخطيب، هل هذا نوع من العمل في اطار "شلّة"؟
لا أود أن أسمي الموضوع كذلك لأن هذا المصطلح يأخذ منحى سلبيا نوعاً ما، فأنا لا أنتمي لأي شلة، ولكن هناك توليفة خاصة تجمعني بالأستاذ مأمون الخطيب، وقد أصبحتُ على دراية بما يطلبه من الممثل وهو كذلك على معرفة بقدراتي، الأمر الذي ينتج عملاً إيجابياً وظريفاً.
هل قدمكِ المسرح للناس أكثر من التلفزيون؟
لا أستطيع الفصل بينهما فهما كتلة واحدة في حياتي، وأراهما يكملان بعضهما البعض، ومن الممكن أن أنشغل بتصوير عمل تلفزيوني وفي الوقت ذاته أحضر بروفات عمل مسرحي، وفي هذه الحالة أوزع طاقتي على الخطين.
أحب فكرة التكاملية بالعمل، وأن يعرف الإنسان ما له وما عليه كي يقدم عمله بالشكل الصحيح، وبهذه الحالة يستطيع أن يساعد نفسه وكذلك شريكه بالعمل.
لنعود إلى بداياتك في المعهد.. التمثيل لم يكن رغبتك؟
صحيح، كنتُ أرغب في دخول كلية الصيدلة أو الفنون الجميلة وكان عليّ الاختيار بين عدة اختصاصات.
حينها يكون المرء صغيراً ولا يتمكن من تحديد توجهه، فسمعت عن افتتاح فرع السينوغرافيا وقررت أن أقدّم عليه، وفي قاعة الانتظار التقيت بالفنان عبد المنعم عمايري وسألني إن كنتُ أرغب بالتقدم إلى قسم التمثيل وبعدها أدخلني إلى اللجنة، لكنهم لم يوافقوا على اختباري كون أوراقي لم تكن جاهزة، وبقيت رغبتي موجودة للسنة التالية، فتقدمت وتم قبولي.
إذا، الفضل يعود لعمايري؟
كان المحفز الأكبر بالنسبة لي.
واجهتِ معارضة أفراد عائلتك؟
لا أبداً، أبي كان المشجع الأول لكنه تخوف قليلاً من أن يؤثر الفن على حياتي الشخصية فتصبح عامة، خصوصا كونه يدرك طباعي ومزاجي جيداً بأني أحب الخصوصية.
ما أكثر الشخصيات التي أثرت فيك بعد التصوير؟
شخصية "سحر" التي لعبتها في مسلسل "شوق" التي تحاول تغيير واقعها لكن جبنها يمنعها، إلى أن أتت "روز" وأخرجتها فتغيرت حياتها بعد ذلك.
شعرتُ بالقهر فعلاً تجاه الحالة الغريبة التي تعيشها النساء، منغلقات وكأنهن مغلفات عقلياً وحياتياً، وكل شيء ممنوع حتى التنفس يُمنع عنهن أحياناً.
ظهرتِ بالعمل من دون ماكياج.
الشخصية التي ألعبها ليست ميريانا الحقيقية ولا تضع الماكياج ذاته ولا تسريحة الشعر ذاتها. الشخصية هي من تُسيّر الفنان وليس العكس، فنحن نتعامل مع صفات الشخصية بحسب النص كي نُقدَمها للجمهور بطريقة صحيحة.
وفي يومياتي بعيداً عن العمل، لا أبالغ بماكياجي وأحب الظهور على طبيعتي، وعموماً لا أحب الماكياج ولا أكترث له، لكنني أهتم بشعري كثيراً وأيضاً برشاقتي.
شاركت بعدة أعمال شامية، ماذا عن باب الحارة؟
الموضوع عبارة عن عرض وطلب، وباب الحارة لم يُعرض عليّ.
وفي حال عُرض عليك، هل توافقين ؟
يعتمد ذلك على الشخصية المقدمة وظروف العمل، لستُ بصدد التقييم، لكنني أرى أن العمل قد استُهلك ويُفضّل إنتاج أعمال أخرى بدلاً عنه.
نعومة ملامحك حرمتك من بعض الفرص؟
نعم، وكثيراً ما يقال لي بأنني ممثلة خاصة ولا تليق بي جميع الأدوار متناسين أنني ممثلة بالدرجة الأولى وأستطيع أداء جميع الأدوار، وعلى صعيد الشكل فإن الماكياج وتسريحة الشعر قادرين على التغيير كثيراً في الشكل الخارجي بما يتناسب مع الشخصية.
أُتهم بالغرور وتُسند إليّ أدوار الفتاة الطيبة والعاشقة.. لم أقتنع بهذه المعادلة.
لعبت أدوارا أخرى بعيدة عن الفتاة الطيبة والعاشقة؟
نعم، أحاول دائماً الابتعاد عن تلك الصفات بشخصياتي المؤدّاة، وفعلت ذلك في مسلسل "تخت شرقي" و"شوق" و"الدبور" و"صدر الباز" و"أحمد ابن حنبل" و"ظل الحكايا".
أحياناً مساحة الشخصية لا تسمح لي بذلك وظروف العرض لا تكون مناسبة دائماً، وهناك أعمال لا تُشاهد، وأعمال تُظلم بالعرض، وأعمال تؤجل لمواسم أخرى، لكننا نحن نعمل كممثلين طوال العام وليس فقط في الموسم الرمضاني.
ابتعادك عن الصداقات في الوسط الفني، ألم يحرمك من فرص المشاركة بكمّ أكبر من الأعمال؟
نعم كثيراً، لكن من حقي بالنهاية أن أرسم حياتي الخاصة بالشكل الذي يحلو لي، ولكل إنسان حياته الخاصة وأحب أن أملأ وقتي بالأمور التي أحبها، وربما لا تناسب أجواء الوسط الفني.
جميع الفنانين زملائي وعلى مسافة واحدة من المحبة والقرب مني لكن هذا لا يعني أن أشاركهم حياتي الخاصة، وفي حال نشأت علاقة صداقة بعد فترة من الزمن مع أحدهم فأعتبر الأمر جيداً لأن بُعدي عنهم أساء لي مهنياً وعليّ التواجد بينهم.
عموماً الحمد لله أتواجد سنوياً في عملين أو أكثر على الرغم من علاقاتي القليلة.
ما هي الأمور التي تحبين القيام بها ولكنها لا تتناسب مع الوسط الفني؟
أحب الجلوس بمفردي والابتعاد عن الزحمة والضجيج خصوصا بعد العمل، وأحياناً أُغلق هاتفي الجوال، ولا يمكن لأي شخص تقبل طباعي، ربما يتقبلها المقربون مني ومن يعرفني على حقيقتي ويدرك نمط حياتي.
أتعتبرين نفسك شخصاً هادئاً؟
ميريانا تمتلك عدة شخصيات، هناك شخصية للعمل وأخرى للعصبية وواحدة للفرح وواحدة للحظات الجنون، جميع هذه الشخصيات تجتمع بي، ولكل واحدة من هذه الشخصيات وقته الذي يحدّده الظرف.
نرى زحمة أسماء جديدة شابة لا تتمتع بالموهبة، هل يؤثر هذا الامر عليك؟
يؤثر عليّ مهنياً وليس شخصياً، وبالنهاية علينا المحافظة على درامانا وانتقاء أعمالنا وممثلينا بشكل صحيح ووضع الشخص المناسب فيالمكان المناسب، والقصة ليست اعتباطية.
أعتقد أن لي بصمة لا يمكن أن تمحى، وأصبحت الناس تعرفني، وأتوقع أن تتم غربلة بعض الأشخاص بعد فترة، اذ لا يصح إلا الصحيح.
تخرجت من المعهد عام 2007، لو لم تدرسي التمثيل، هل كنت لتفكري في الدخول الى هذا المجال؟
لا أبداً.
أتشعرين بالغيرة على شهادتك؟
جداً، أغار على شهادتي وتعبي وعمري الفني الذي يبلغ 10 سنوات، وهي مدة قصيرة مقارنة بالعمالقة الكبار، ولي أحقية الوصول إلى مكان ما، لكن بالوقت نفسه، انا لستُ منحازة للخريجين، فهناك أشخاص يمتلكون الموهبة ويسعون لتنميتها ومن حقهم الظهور على الشاشة في حال كانوا يستحقون.
بعد تخرجك هل تندمين على أمر ما؟
ربما أوسع علاقاتي بشكل أكبر، وأعرّف الجميع على ميريانا الحقيقية، فغالبية الناس تكوّن عني انطباعا بأني فتاة لئيمة ومغرورة وطاقتي سلبية.
ربما لأنني أفصل بين العمل واللهو، وأعطي لكل شيء حقه.
أتواظبين على ممارسة الرياضة؟
أمارس الرياضة باستمرار لكنني لا أحب الآلات.
أتجيدين الطبخ؟
نعم أنا طباخة جيدة وأبرع بطبخ الكوسا المحشي، وأطهو جميع المأكولات باستثناء الكبة.
يقال إنك شخص متفائل بالعمل؟
متفائلة بعملي دائماً وأطمح للاختلاف والتميز وتقديم الأفضل في الفن وأتمنى أن تصل رسالتي للجمهور.
لكن في حياتي الخاصة سواء كنتُ متشائمة أو متفائلة فهذا الأمر يعود لي.
إلى أي مدى تستعدين للتضحية بشكلك في سبيل الفن؟
للحد الأقصى.
وماذا عن الإغراء؟
قدمتُ مشاهد جريئة في مسلسل "تخت شرقي"، لكن الجرأة حينها كانت مدروسة مع المخرجة رشا شربتجي التي أحب العمل معها لأنها تهتم بأدق التفاصيل والظهور بشكل لطيف وأنثوي.
إذا كانت الجرأة مدروسة ولها هدف وغاية ولا تؤذي العين والذوق العام فأنا معها.
لباسك محتشم، رغم أن الإغراء يساعد على النجومية.
علمونا في المعهد أن علينا التركيز على الفكرة التي نقدمها وليس على لباسنا أو جسدنا أو شكلنا الخارجي، وهذا يتطلب منا الظهور بملابس مريحة ومناسبة للشخصية التي نقدمها.
وهل جمالك طبيعي مئة بالمئة؟
أنا بعيدة جداً عن التجميل لأن عين المشاهد اشتاقت للجمال الطبيعي، وأنا متأكدة من أن موضة التجميل ستنتهي بعد فترة قصيرة، لكن من الصعب التخلص من العمليات والعودة إلى الشكل الطبيعي.
هل سرقك الفن من حياتك الخاصة؟
حاولت الموازنة نوعاً ما بين حياتي الخاصة والفن.
لما لم تتخذي قرار الزواج لغاية اليوم؟
الموضوع عبارة عن كيمياء تنشأ بين شخصين، وأنا أبحث عن رجل يحترمني كشخص ويحترم مهنتي وعملي ويرى ميريانا الإنسانة قبل ميريانا الفنانة، وأبحث عن شريك لكل اللحظات.
هل من الممكن ان تستغني عن الفن من أجل رجل؟
أستغني عنه من أجل أولادي فقط، وربما لم يأت بعد الشخص المناسب والحقيقي الذي يجعلني أستغني عن فني من أجله.
ما أكثر صفة تجذبك في الرجل؟
ليس هناك شخص كامل، أحب الرجل صاحب المسؤولية، أي المسؤول عن حياته وكلامه وأن يكون صادقاً وحقيقياً، ولا أجيد التعامل مع الرجل المراوغ والكاذب، وأهرب منه على الفور.