وسط تضاريس كابادوكيا الساحرة، تقف مدينة غوريميه كتحفة طبيعية وتاريخية نادرة، تأسر كل من تطأ قدماه أرضها.

هي ليست مجرّد وجهة سياحية، بل تجربة استثنائية تدمج بين سحر الطبيعة وعمق التاريخ، في مكان يبدو وكأنه خارج حدود الزمن.

تحوّلت غوريميه في السنوات الأخيرة، من بلدة صغيرة إلى محط أنظار السيّاح من مختلف دول العالم، من الذين يبحثون عن وجهات غير تقليدية وذكريات لا تُنسى. هنا، لا تُشاهد الفنادق المعتادة، بل تقيم داخل كهوف حجرية، كانت في الماضي مساكن ومخابئ، قبل أن تتحوّل إلى أجنحة فندقية راقية، تحتفظ بأصالتها رغم الحداثة.

وتقدّم المدينة واحدة من أكثر التجارب المذهلة حول العالم: الاستيقاظ فجراً على مشهد عشرات المناطيد وهي ترتفع بهدوء فوق الوديان الصخرية المدهشة. رحلة المنطاد فوق غوريميه لا تُعد نشاطًا ترفيهيًا وحسب، بل أصبحت جزءاً من هوية المدينة وصورتها العالمية.

وإلى جانب هذا المشهد الجوي المدهش، تحتفظ غوريميه بكنوز تحت الأرض. ففي باطنها، تمتد مدن سرّية متشابكة الأنفاق، استخدمها سكان كابادوكيا عبر العصور للاختباء من الغزوات. كما تنتشر حول المدينة كنائس صخرية مزينة برسوم بيزنطية نادرة، بقيت محافظة على جمالها رغم مرور القرون.

وللذوّاقة نصيبهم هنا أيضًا. فالمطبخ الأناضولي حاضر بقوة، وأشهر أطباقه "تِستي كباب" الذي يُطهى داخل إناء فخاري مغلق، يُكسر أمام الزائر في لحظة درامية شهية، تضيف نكهة بصرية إلى الطعم التقليدي العريق.

غوريميه ليست وجهة عابرة، بل تجربة حقيقية تعيد تعريف مفهوم السفر؛ مدينة تنام داخل الجبال، وتصحو في الهواء، وتُبقي زائرها معلقًا بين الحلم والدهشة.