"كلّو مسموح" عند بلوغ الإبداع حداً، يصبح فيه الجنون المسرحي، حالة من العشق والانصهار شبه الكامل بالتألق والتفرد.

"كلّو مسموح" عند حضور النجمة اللبنانية العربية الشاملة كارول سماحة، على مسرح "كازينو لبنان"، الذي أدرج الشمولية في قائمة التميز.

"كلّو مسموح" من خلال الألق الذي أعادته كارول إلى المسرح الاستعراضي الراقص، وأعادت معه الروح إلى قلب هذا المسرح، من قلب لبنان الأحب إلى قلبها.

"كلّو مسموح" سوى أن يطول غياب نجمة بحجم الوطن، عن مسرح ألفته همزة وصل بالعالم الخارجي، التوّاق دائماً وأبداً إلى فنها الراقي.

حضرت كارول مساحة بكيانها وفنها، محوّلة الحزن إلى فرح، والألم إلى طاقات عبقت بالحاضرين، الذين استأنسوا الحضور، وانخطفوا بحالة الهذيان الفني مع كارول.

مواهب هذه النجمة واضحة وضوح الشمس، ترقص كفراشة تحرق الأضواء كلها، متى جعلت من جسدها لغة تحاكي الموسيقى، وتلاعب نوتاتها بفرح. تغني بشغف الحضور المسرحي، وأحبالها الصوتية تجود، كلما قفزت خطوة وهزت كتفاً وخصراً، وتمايلت كسنابل مسرحها. صوت لا تنهكه كثرة الحركة، لقد اعتاد كل أنواع النوتات والسلالم والأنماط والألوان الموسيقية. تمثّل من دون إجهاد وتكلف، تلبس الشخصية كرداء حريري سهل الانسياب على الحضور.

هذه العودة إلى المسرح، تبعد مسافة 18 عاماً عن آخر عمل مسرحي غنائي قدمته كارول سماحة، وهو "زنوبيا" للمؤلف والملحن الراحل منصور الرحباني، وكارول هي تلميذته النجيبة، التي باتت نجمته، وبارقة أمل أعماله المسرحية. وبعد مرور كل تلك السنوات، وظفت كارول عشقها المسرحي في مسرحية "كلّو مسموح"، التي كتبها وأخرجها وشارك في بطولتها روي الخوري، والعمل مقتبس من المسرحية الأميركية "Anything Goes"، التي قُدمت للمرة الأولى في برودواي عام 1934.

نجحت كارول في لبننة هذه المسرحية مع فريق العمل، والتي تدور أحداثها على متن سفينة، وتجسد كارول دور الفنانة ياسمينا، التي تعمل على متن السفينة، الغارقة في حب شاب من طرف واحد، فتمتزج المشاعر والحب بالكوميديا والمواقف والمقالب الطريفة، من خلال حوار مغنى، ولوحات راقصة، على إيقاع موسيقى ومعزوفات ضبطتها الأوركسترا بقيادة المايسترو إيليو كلاسي.

لم تتناسَ كارول حزنها على فقيدها وحبيب قلبها زوجها الدكتور وليد مصطفى، بل صهرته بشغفها المسرحي والتزامها، فخيانة المسرح في قاموسها خطيئة لا تغتفر. تحاملت على مشاعرها، انتقمت منها، وكيف لا، وهي التي أمضت معه أجمل سنوات عمرها، ونفذت وصيته لها بأن تُطلق هذه المسرحية حتى لو توفي.

حقيقية كارول بفنها، وبروحها وسمو مشاعرها، فالفنان الحقيقي هو أكثر من يتقن فن تحويل مكنونات القلوب والظروف القاسية، إلى شهب من القوة على المسرح.