كل مرة تواجه الكاتبة ندين جابر تحدي أكبر، والنتيجة نجاح وإبهار في الكتابة، فمن "عروس بيروت"، "عشرين عشرين"، "صالون زهرة"، الموسم الأول من "للموت" مرورا بالثاني والثالث، وصولا الى مسلسل "ع أمل" الذي عرض مؤخرا في شهر رمضان، أثبتت ندين جابر جدارتها وجعلتنا نعيش أجمل القصص.
عرفت كيف تختار مواضيع المسلسلات التي لمست عاطفتنا، فهي مستمدة من الواقع والمجتمع، حبكت القصة بمستوى عال من الإتقان وترجمت لنا مشكلة اجتماعية الا وهي تعنيف المرأة، فأظهرت لنا الخوف الذي انتاب "يسار" وجميع النساء في المسلسل.
نجاح العمل يعود الى اختيار الممثل المناسب في الدور المناسب، اذ لكل ممثل دور اساسي أوصله بحرفية عالية.
النائب بولا يعقوبيان طلبت بعد نجاح العمل ووصول صداه الى كل العالم العربي تقديم اقتراح قانون يرمي إلى مناهضة العنف بالتعاون مع جمعية "كفى".
"فظيعة" ندين جابر باستطاعتها دمج الخوف والعنف مع المحبة والحنان، مثلا رغم كل خوف يسار وحذرها كانت تغدق حنان على أختها "رهف"، ما يميز ندين جابر عن غيرها من الكتاب هي المواقف المضحكة التي تسلي المشاهد، مثلا مشهد الممثلتين إلسا زغيب وكارول عبود أجريتا خلطة لشد الرجلين، فكانت النتيجة كارثية.
الكيمياء الموجودة بين شركة إيغل فيلمز وندين جابر تنتج عمل ناجح ومميز ومتكامل، فندين تارة تأخذنا بالأحلام عبر نصها الى ما لا حدود، وتارة تعيدنا الى ارض الواقع، تختار الشخصيات التي نعيش معها في المجتمع من أب وأم وأخ قوي وضعيف ومستبد، من حبيب ظالم ومظلوم، من بنات ذو ارادة قوية وأخريات ذو شخصية ضعيفة.
استوحت ندين كما قيل من فكرة برنامج الإعلامية رضوى الشربيني، لكنها لم تسرق، بل حبكت شخصية يسار على طريقتها، فكانت يسار الإعلامية المناضلة لقضية النساء والمحللة والتي تدرك اخطاءها وتعرف ايضا توقيت استقالتها وتغيير مهنتها.
كحّلت الإعلامية بأجمل المكياج، وألبستها أجمل الأزياء وصقلت شخصيتها بالوعي والثقافة، وأطلقتها في الإعلام، فكانت موضوعية بكلامها حيث ان المتشددين كرهوا يسار، في حين ان المظلومات أحبوها.
يُحسب لـ ندين جابر "شطارتها" في صناعة الشخصية التي جسّدتها الممثلة ماغي بو غصن، فهي تعرف كيف تغوص بعمق القصة، وكيف تعطي الحلول في نهاية كل حلقة، حتى لو انها تركت مجال لتحضير موسم ثاني.
هنيئا لنا بالكاتبة ندين جابر التي ترفع لها القبعة، نتمنى لها النجاح والتجدد الدائم، فهي علامة فارقة في الدراما.