شاء القدر ان يرحل النجم الكبير فادي إبراهيم في يوم ميلاده، تبدلت المشاعر واختلفت عن كل عام في هذا اليوم أي 26 شباط، الرصيف الذي يضج بالمارة والحياة تدغدغ مشاعرهم، اصبحوا غرباء عن الفرح، بعد عاصفة قاسية هبّت وخطفت معها من نُحب، فأصبحت الورود ممزقة وأصبحنا جميعا في عاصفة ضربت على وتر الفراق ولوعته.
فادي إبراهيم لم يكن مجرّد ممثل، هو إنسان حمل بداخله أسمى المشاعر الإنسانية، تعالى عن مشاكل الوسط الفني فلم يختلف مع أحد من الزملاء، بل كان يسعى دائما لتقديم يد العون للجميع، وكواليس أعماله تشهد فعلا على تواضعه وكرم أخلاقه، لم يكن التعالي موجودا في قاموسه، ولن نتحدث هنا عن أعماله التمثيلية، لأن أرشيفه يشهد على إبداعه وجمهوره الوفي خير شاهد.
ممثل بحجم فادي إبراهيم لو أنه في غير وطننا لبنان، لكانت الدولة اهتمّت به أكثر، لكانت أعطت لأعماله حيّزا واسعا، لكنا لمسنا اهتمام الدولة بالممثل، لكن دولتنا وللأسف في سبات عميق حتى عن واجباتها بحق مواطنيها.
فهل يُعقل أن لا تعزّي به الدولة اللبنانية؟ نعم فوفاة فادي إبراهيم لن يكسبهم المزيد من المال.
ننتقل الى أعداد الحضور الذين أتوا لتعزية العائلة، وهنا نقارن بينه وبين الراحل وديع وسوف إبن الفنان جورج وسوف، هناك لاحظنا اهتمام أكبر وحضور شخصيات أكثر من قبل الوسط الفني، لكن في عزاء فادي إبراهيم كان بشكل أقل مع أنه ممثل شهير، واللافت ايضا انه لم يأت أي من اصحاب القنوات التلفزيونية لتقديم واجب العزاء بشخص أغنى الشاشات بأعمال لا تُنسى.
مع العلم ان وديع وسوف ليس فنانا، لكن يستحق ذلك الاهتمام فهو ابن الوسوف.
وفي هذا المقال نُسرّب لكم سرا مفاجئا، وهو ان نائب رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة هي من ساهمت بدفع جزء من المبلغ المستحق للمستشفى الذي كان يتعالج بها الراحل فادي إبراهيم وذلك بمبادرة طيبة وحسنة، فعلا تُرفع القبعة للسيدة ليلى الصلح على تصرفها الحكيم الإنساني والذي يدل على كرم أخلاقها.
ولا ننسى ان نشكر كل من ساهم بمبالغ صغيرة او كبيرة، ومن دعم ماديا ومعنويا.
فادي إبراهيم نشبهه بالمبدع الراحل بليغ حمدي، عملا بكل شغف وحرص صنعا اسمهما بتعب وساهما برفع قيمة عملهما، الى ان تخطى اسمهما خارج الوطن ليكون في كل العالم العربي.
وداعا فادي إبراهيم، انها الحياة تفرقنا عن من نحب، تزرع فينا الحسرة، وما أصعب الإشتياق الى شخص قد رحل من دون عودة، ما أصعب الإحتراق في دوامة الحنين وفي شباك الذكريات، شريط من الأحداث يمر في مخيلتنا نستذكر فيه لحظات تمزج بين الدمعة والإبتسامة.
وداعا فادي إبراهيم صاحب القلب الطيّب، لترقد مع والدتك بسلام، أرشيفك التمثيلي سيبقى، وإطلالاتك الإعلامية ستخبر الجيل القادم عنك، عن ألفتك ورضاك عن نفسك، وداعا فالموت حق، لكن الفراق بركان من الألم.