تعتبر قصة التوائم الثلاثة من أغرب القصص الواقعية، ومن يسمع بها يعتقد أنها حكاية خيالية مسوحاة من فيلم درامي.
جذبت هذه القصة الكثير من المنتجين من حول العالم، الذين حولوها إلى أفلام ووثائقيات، لاقت نجاحاً بارزاً.
ففي 12 تموز/ يوليو عام 1961، في الولايات المتحدة الأميركية، أنجبت الأم البيولوجية التوائم الثلاثة، وذلك نتيجة علاقة خارج إطار الزواج. فتخلت عنهم وسلمتهم إلى إحدى الوكالات التي كانت معتمدة وقتئذٍ للعائلات اليهودية.
وعرضت الوكالة الأشقاء الثلاثة للتبني، لكن منفصلين، وتبنت 3 عائلات مختلفة الأطفال، ولم يتم إخبارهم أن لكل طفل منهم شقيقين.
أراد عالم النفس التابع للوكالة، بيتر نيوباور، إجراء دراسة لمعرفة إذا كانت الطبيعة البيولوجية هي التي تتحكم بالأشخاص أو التنشئة. فوزّع التوائم الثلاثة على بيئات مختلفة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وفصلهم عن بعضهم البعض.
وكان الدكتور يزور الأولاد في منازلهم، على مدار 15 سنة، وبفارق ساعات فقط، وذلك بحجة إجراء أبحاثاً على الأطفال المتبنين، إلا أنه كان يجري اختبارات نفسية مكثفة وقاسية في بعض الأحيان على الأطفال، ويصور هذه التجارب، ثم يشاهد التسجيلات ويقارنها مع بعض، ويدون ملاحظاته.
وعاش كل من روبرت شافران وإدوارد غالاند وديفيد كيلمان حياته الخاص المختلفة عن الآخر، حتى اكتشفوا بعد 19 عاماً أن هذه الحياة كانت مرتبة.
التحق روبرت شافران بالجامعة عام 1980، فاستقبله زملائه بطريقة ودودة على أساس أنه صديق مر على لقائهم به زمن، فعانقوه ومازحوه. واستغرب روبرت الأمر فأخبر الرفاق أنه لا يعرفهم، واعتقدوا أنها مزحة، حتى أكد لهم أنه ليس إدوارد غالاند "إيدي" الذي درس في الكلية نفسها خلال العام السابق.
طلب روبرت مقابلة إيدي، وقال روبرت في إحدى الأفلام الوثائقية متذكراً أول لقاء له مع إيدي: "عندما مددتُ يدي لأطرق الباب، فُتح، وها أنا ذا".
روبرت وإيدي كانا يعلمان أنهما طفلان بالتبني، إلا أنهما لم يدركا أنهما فئران تجارب.
وبعد أن تأكدت الحقيقة بسرعة من سجلات المستشفى الذي ولدا فيه، تصدرت قصتهما عناوين أخبار الصحف والقنوات التلفزيونية. حتى فوجئ التوأم والعالم كلّه بوجود شقيق ثالث.
وبعد أن اكشف التوائم الثلاثة الحقيقة، انقلبت حياتهم وحياة عائلاتهم بالتبني بشكل غير متوقع. وعرف التوائم سنوات قليلة من السعادة، عندما قرروا العيش معاً. وافتتح الأخوة "مطعم مانهاتن" بالشراكة، واعتادوا خلال تلك الفترة ارتداء الملابس نفسها.
كما اكتشف التوائم أن فريقاً بحثياً، بقيادة العالم بيتر نيوباور ومساعدة وكالة التبني، رتب عملية التبني لاحقاً.
بدأت الخلافات تظهر بين الأخوة حول ظروف العمل وطريقة العيش، كما بدأ كل واحد يعتقد أنه مهمش.
أصيب إيدي عام 1995 بالاكتئاب، وكانت علاقته متوترة مع والده بالتبني، وتفاقمت حالته النفسية، حتى أطلق النار على نفسه، ومات منتحراً عن عمر 33 عاماً.
وكردة فعل على موت شقيقهما، ابتعد كل من ديفيد وروبرت عن بعضهما، وعاشا حياة منفصلة. وأدرك الأشقاء أن الفريق البحثي، بقيادة الدكتور نيوباور، أجرى الدراسة نفسها على ما يقارب 11 توأماً.
ولم ينشر نيوباور دراسته أبداً، وأوصى بفتح دراسته والاطلاع عليها عام 2065.