تتغير الموسيقى مع تغير المجتمع، فكل شيء في الحياة، هو بحالة تطور للتتماشي مع العصر، خصوصاً في لبنان، بعد أن دخلت الأغاني الأجنبية، وأوحت للعديد من الفنانين بالتوجه إلى أنواع أخرى من الأغنيات، فالبعض تبنى الهيب هوب، والبعض الآخر الراب، حتى أنه ظهرت مؤخراً أغاني الماتيل.

وهذا التطور خلق تنوعاً في الغناء، ولكن ما نلاحظه هو تدني مستوى أغلب هذه الأغاني، فبعد أن كانت الأغنية تحتاج إلى فريق عمل متكامل يسهر الليالي قبل إصدارها، أصبح الآن أي شخص يجلس بغرفته، ويشعر بالملل، فيقرر أن يكتب أغنية، ينسب لها لحناً، ويشهرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فالكلمات برأي هؤلاء ليست مهمة، الأهم هو الإيقاع الحماسي، والعبارة التي تعلق برأس المستمع، والمفاجئ هو الإقبال الشديد على هذه الأنواع من الأغاني.

ومن الأغاني التى إنتشرت بشكل جنوني مؤخراً، أغنية "Sugar Daddy"، والتي تعني الرجل الكبير في السن والثري، الذي ينفق المال والهدايا والرحلات على امرأة أو رجل أصغر منه سناً، مقابل علاقة جنسية مع الطرف المستفيد.

ومن كلمات الأغنية :"يا ريتا تيجي عالسكيته شاري الساحة بحب الراحة انا وياها...دادي مش عادي...لي فيكم قدي يلعب حدي عشان الدادي أبدا مش عادي...السهرة علينا انتي يا حلوة عيدي الغنوة".

هذه هي الكلمات التي أصبح يرددها الكثير من الأطفال باستمرار، والتي أثارت تساؤلاتهم، ومع وجود الإنترنت، الهاتف والأيباد بمتناول الجميع، فليس من الصعب على الأطفال البحث عن معاني هذه الكلمات، والاطلاع على مواضيع لا تناسب أعمارهم.

فبعد أن غنى أهلنا "بلا ولا شي، بحبك بلا ولا شي، ولا في بها الحب مصاري، ولا ممكن فيه ليرات، ولا ممكن في أراضي، ولا فيه مجوهرات"، أصبح الأهالي يسمعون أولادهم يغنون "ليلي و نهاري هذا خياري، قراري، أفكاري... حياتي رحلة خليها joke (نكتة)، خليها سهلة...بدها Sugar دادي".

فهذه الأغاني لا تؤثر فقط على مستوى الأغاني الذي يتدنى باستمرار، بل حتى على نظرة المستمع (خصوصاً الأطفال والمراهقين) إلى الحياة، فأثبتت الدراسات أن الموسيقى تؤثر على المستمع، وتلهمه على أصعدة مختلفة، ويستعمل العديد من المعالجين النفسيين ما يسمى بـ"العلاج بالموسيقى".

فمتى سيتحمل من يكتب هكذا أغنيات أو يغنيها أو يلحنها، مسؤولية ما يسببه للأطفال بشكل خاص، وللمجتمع بشكل عام؟