بعدما تصدرت الدراما اللبنانية واجهة الابداع والتألق والتميز خلال السباق الدرامي في السنوات الأخيرة، بفضل رؤية ذهبية وضعتها شركتا "إيغل فيلمز" و "سيدرز آرت بروكدشن"، من غير المقبول أو المسموح على الاطلاق، العودة إلى مربع الفشل والافلاس والاخفاق، والإساءة إلى كل تلك الجهود التي أرست صورة مغايرة للدراما اللبنانية، حتى ولو كانت مشتركة.
صبرنا وراقبنا عن كثب، كي لا نتسرع ونطلق الأحكام جزافاً على مسلسل "والتقينا"، الذي يعرض خلال شهر رمضان المبارك عبر شاشة الـMTV. صبرنا حتى النفس الأخير، قبل أن نطلق النفير بحق هذا العمل، الذي افتقد إلى الكثير من مقومات النجاح والانتشار.
ومع أننا نؤمن بمنح الفرص، إلا أن الفرصة الممنوحة لمشاهدة هذا العمل، تصيب المشاهد بحال من الذهول بسبب المستوى والملل في تركيب ووصل الأحداث، ضمن إطار فاضح من الرتابة.
البداية من نص العمل الذي كتبته غادة كلاس في أول تجربة لها، والذي تصور من خلاله فساد الطبقة السياسية، وسط علاقة حب باهتة بمكوناتها، من الواضح أن الكاتبة حديثة الولادة في كتابة القصص الدرامية. فلا لون لنصها ولا نكهة... وهو عابق بالشعارات والتنظير، وخالٍ من عناصر الإثارة والحبكة وعنصر المفاجأة... وبعيد كل البعد عن المشاهد، حتى أنه أعاد إلى أذهاننا شعارات وحكم وأقوال "فريد الفقير" في مسلسل "مرارة الحب" التركي.
بالانتقال إلى إخراج العمل، فهو كارثي بامتياز. لقد أخفق المخرج مكرم الريّس في إخراج هذا العمل. لقد إفتقد الإخراج إلى الإبداع، والرؤية التي كان من المفترض أن تُظهر السيناريو الخشبي بصورة أقل خشبية، وأقل تنظيراً على المشاهد. فأحياناً، حتى ولو افتقد العمل إلى النص المتمكن والجاذب، بإمكان المخرج أن يضفي لمساته وإبداعاته وخبراته، لخلق الإبهار الذي من شأنه ان يجذب المشاهد.
أما المشاركون في هذا العمل، فمحزن جداً ما آل إليه أداء البعض منهم. ولا لوم عليهم، طالما أن المخرج أخفق، وإلى حد كبير، في إدارته للممثلين. فظهر البعض منهم كمن يُسمّع درساً في القراءة أو الشعر. معيب ما نشاهده في أداء بعض الممثلين، الذين وبصورتهم هذه، ظلموا أصحاب الكفاءات والخبرات.
ولأننا، كما سبق وذكرنا، مع منح الفرص للوجوه الجديدة، إلا أن لعب نوال بري دور البطولة جاء "مبهبطاً" عليها للغاية. فهي تحتاج إلى دورات مكثفة في الأداء ولغة الجسد والتعبير عن المشهد، والانصهار الكامل في الشخصية، إذا إنه لا يمكنها أن تعتمد فقط على تعليمات يتيمة للمخرج حديث النعمة، خلال التصوير لتصويب بوصلة أدائها، بالإضافة إلى حالة عدم الانسجام بين الممثلين، وركاكة البعض في تجسيد أدوارهم.
وهنا لا بد من استذكار بعض المشاهد على سبيل المثال، حين رمت نوال العصير في وجه ميشال حوراني، فهذا المشهد ينطبق عليه قول "المضحك المبكي"، وذلك من كثرة السخافة، والمبالغة المقززة وغير المقبولة.
إذاً بين الهبوط الحاد في الضغط الدرامي، والإفلاس الكبير بسبب الأزمات الحادة التي تعصف بالبلد، وبين الغياب، كان الغياب أفضل من الخروج بهذه النوعية من الأعمال الدرامية الهابطة، والمسيئة، والمشوهة لصورة الدراما اللبنانية. فأحياناً درهم غياب خير من قنطار حلقات وأعمال فارغة لتعبئة الهواء، لأن ذلك يفسده ويلوثه.
نشير الى أننا نستثني من المسلسل الممثلين الذين عندهم خبرة في الدراما، ونشاهدهم منذ سنوات على الشاشات في الأعمال التمثيلية، ومنهم الممثل ميشال حوراني.