عودة المهنا فنانة كويتية من أعمدة الفن الشعبي في الكويت والخليج العربي. بسيطة، عفوية وإنسانيتها يشهد عليها زملائها ومحبيها. ساهمت في تأسيس أول فرقة شعبية فولكلورية نسائية في البلاد في منتصف خمسينيات القرن الماضي وتميزت بحنجرة قوية مكّنتها من أداء جميع ألوان الغناء الشعبي كالخماري والنجدي. لم تسكن في برجها العالي بل دعمت وساندت فنانين آمنت بهم. اخترقت الحاجز التقليدي الذي يمنع المرأة الكويتية من سلوك درب الفن وإنضم الى فرقتها عدد كبير من الفتيات.
نشأتها
إسمها الحقيقي جوهرة بشير معيوف المهنا من مواليد 1907 في منطقة جليب الشيوخ. سُميت "عودة" تيمناً بإسم جدتها التي كان يطلق عليها لقب "العودة" أي الكبيرة. بدأت الغناء وهي في الخامسة عشرة من عمرها ضمن فرقة خالتها هدية المهنا التي داهمها المرض وهي تستعد لتقديم احدى حفلاتها فأوعزت الى عودة لقيادة الفرقة لمعرفتها الأكيدة بقدراتها. تألقت تلك الليلة وأثبتت حضورها بجمال وقوة صوتها وتم اعتبارها مطربة رئيسية في الفرقة. وأصبحت فيما بعد قائدة الفرقة، وأطلقت عليها إسم "فرقة عودة المهنا".
مسيرتها الفنية
قدمت عودة العديد من فنون الغناء الشعبي كالخماري والقادري، كما أجادت العزف على العود. وتميزت بتقديم بعض الأغاني من دون إستخدام الأدوات الموسيقية مثل "قرقيعان الأولاد" و"قرقيعان البنات" و"هدهدة الطفل" و"دق الهريس" و"صاجة ويا صاجة".
للفنانة العديد من المشاركات الفنية منذ عام 1955 على خشبة المسرح بالكويت في مسرحية "أمة نذر" للمخرج محمد النشمي ومسرحيات "مطر صيف" و "سكانة مرته" من إخراج عبد الرحمن الضويحي.
غنت مع فرقتها في أول كورال نسائي مع الفنان شادي الخليج في أغاني "لي خليل حسين" و"فرحة العودة" و"حبيبي راح". كانت فرقة "عودة المهنا" حاضرة في المناسبات الرسمية والشعبية والإحتفالات بالأعياد الى جانب إحيائها الأعراس واشتهرت بأغنيتها "عليه سعيد ومبارك" التي لا يزال الشعب الكويتي يرددها في المناسبات. وشاركت مع فرقتها في فيلم سينمائي تسجيلي عن تقاليد الزواج في الكويت.
تميزت فرقة عودة المهنا عن الفرق التي سبقتها ومنها فرقة "أم عنتر الجيماز" و"ريدة الثاجب" و"خديجة الجيماز" وفرقة جدتها "خديجة المهنا" كما شهدت منافسة من فرقة "أم زايد" إلا أن فرقة "المهنا" كانت أكثر تميزا في الكثير من الفنون خاصة فن الخماري لما تملكه من صوت رخيم وقوي وأداء متميز ومعرفة واسعة بالتراث الغنائي الكويتي. ومن إشهر أغاني المهنا أغنية "توب توب يا بحر" التي تناجي فيها البحر وتطلب منه إعادة أبناء الكويت الذين طال غيابهم في رحلة البحث عن اللؤلؤ طلباً للرزق.
إنجازات أم بدر
يناديها المقربون أم بدر أو الخالة بسبب توظيفها للفرقة النسائية الغنائية في المسار الصحيح وليس للترويج للغناء الشعبي الكويتي وحسب. مهدت للمرأة الكويتية اختراق الحاجز التقليدي الذي يمنعها من سلوك درب الفن والغناء بإنضمام العديد من الفتيات الى فرقتها.
مواقف إنسانية
عُرف عن عودة طيبتها وأصالتها من خلال مرافقة الفنانة سعاد البريكي بفترة مرضها وإستضافتها لها بمنزلها لفترة طويلة حتى وفاتها لرد الجميل باعتبارها أستاذتها التي نهلت منها أصول الغناء الشعبي. ساهمت أيضاً في دخول الفنان عوض الدوخي في الإذاعة الكويتية بعد عقبات كثيرة واجهته. وتبنت الفنانة عائشة المرطة التي إنضمت الى فرقة عودة سراً وأصبحت فيما بعد مطربة رئيسية فيها.
علاقتها مع الزملاء
كانت الفنانة المهنا تجتمع مع زملائها القدامى في جمعية الفنانين الكويتيين التي كانت أحد مؤسسيها ولها العديد من المواقف الجيدة مع كل الفنانين لاسيما في دعم مطربي جيلها. كما كانت تقدر التجدّد في الغناء لاسيما لدى المطربين الجدد الذين حاولوا إستلهام أغانيهم وموسيقاهم من الفن الشعبي القديم الذي يعتمد على الألحان القديمة. تغنى بالفنانة المهنا في ذلك الوقت عدد من الشعراء ومنهم زيد الحرب وفهد بورسلي الذي قال فيها "قالت الزينة وهي بالفن..تشهد لها كل فنانة. الطار في جفها لي حن.. يذكر القلب خلانة". ومن أحب ألاغاني على قلبها ما كانت تؤديه من أغاني الفنان الراحل عوض الدوخي لما تحمله من روح الأصالة والتراث فقد شاركت معه في بعضها مثل "الا يا صبا نجد" و"قل للمليحة في الخمار الأسود".
مرضها وتكريمها
رحلت الفنانة عودة المهنا في 30 تموز/يوليو 1984 بعد معاناة مع مرض في الصدر ألم بها واضطرت للسفر الى الخارج لعلاجه الا أنها فارقت الحياة بعد عودتها من رحلة العلاج.
وقامت إحدى الشركات الكويتية بتكريمها من خلال إطلاق إسمها على أحد مبانيها في منطقة حولي ووضعت نبذة تعريفية عنها عند مدخل المبنى الرئيسي تقديراً لها ولما قدمته للفن والتراث الشعبي الكويتي الأصيل.