مرّت الصحافة اللبنانيّة بالعديد من الوقائع والتغييرات، وأوصلت الفكر الثقافي والواعي من خلال مقالات شكّلت غذاء يوميا لكلّ مواطن لبناني، اذ انها ساهمت بخلق قاعدة شعبيّة ساعدت بتطوير مفاهيم عدّة، فرسّخت الصّورة، وضمّ ميدانها شهداء الكلمة الحرّة.
ومن وحي الصحافة المكتوبة، وفي اطار المهرجان اللبناني للكتاب، اقامت الحركة الثقافيّة بالتعاون مع مؤسسة الفكر اللبناني في جامعة "سيدة اللويزة"، ندوة حول كتاب "الصحافة اللبنانيّة 1851-1943"، للصحافي والكاتب جوزيف أبي ضاهر، وذلك في دير مار الياس – مسرح الأخوين الرحباني في انطلياس، بحضور اهل الصحافة.
استُهلّت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني، بعدها كلمة ألقاها الاعلامي ميشال معيكي الذي حيّا الحضور، ووصف زميله جوزيف أبي ضاهر بصديق الشعراء، وتحدّث عن الصحافة وشهدائها ابرزهم كامل مروة، فرج الله الحلو، نسيب المتني، سليم اللوزي، سمير قصير وجبران تويني وصولا الى حادثة اعتقال غسان تويني، كما تطرّق الى الصحافة الالكترونيّة في زمن العولمة الذي وصفه بالخارج عن كل الظوابط.
تلتها كلمة لرئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام الذي اشاد بزميله جوزيف ابي ضاهر، على جهوده التي بذلها لإعداد هذا الكتاب الذي اعتبره موسوعة قيّمة، من جهة اخرى، اعتبر سلام ان لا صحافة بدون حريّة، والعكس كذلك، كما ان الصحافة هي مرآة المجتمع، ولا مجتمع بدون صحافة، لأنها مصدر غنيّ يشحن المجتمع بطاقات فكريّة وحضاريّة، فتعزز ديناميّة الحياة اليوميّة على مختلف المستويات السياسية، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة والفنيّة، وان اخذت الصحافة يوما اجازة، تتعطّل معها الكثير من تفاعلات حياتنا، وحتى اواخر القرن الماضي، كانت الصحافة تعتبر احد معايير التقدم الثقافي في المجتمعات الحديثة، وان انتشار الثورة الرقميّة ساهم في نشر اخبار ومعلومات بدون عناء التحقق من وصولها او التأكّد من صحّتها.
بدوره اشار الدكتور في الاعلام نسيم خوري، الى شغفه في الصحافة وأهميّة هذا الكتاب، واشار الى ان جوزيف ابي ضاهر جمع الصحافة اللبنانية وتمتّع بالحريّة الكاملة، وقال ان في زمننا هذا انتقلنا من الصحافة الى الاعلام، كما نحن في لبنان مقسّمين، فلكلّ طائفة نشيدها وجمهورها وحزبها وجامعتها وعدّتها الصحفيّة والاعلاميّة.
من جهته تحدّث الصحافي جان داية عن تاريخ الصحافة في لبنان وعن اهمّ الأحداث التي حصلت خلال الأزمنة، مشيدا بكتاب "الصحافة اللبنانيّة 1851-1943"، وعن المعلومات المشوّقة التي يتضمنها.
كما شكر جوزيف الحضور والصحافة وكل من ساهم في نجاح كتابه.
وتخلّل هذه الندوة ايضا تكريم الأديب الراحل أمين الريحاني، من قبل الأشخاص المذكورين.
بعد ذلك توجّه جوزيف ابي ضاهر والحضور الى جناح منشورات جامعة سيّدة اللويزة لتوقيع الكتاب.
وكان لـ"الفنّ" هذا الحديث مع الكاتب والصحافي جوزيف أبي ضاهر.
اخبرنا عن كتاب "الصحافة اللبنانية 1851-1943"...
كتاب "الصحافة" هو الجزء الأول من خماسيّة تصدر عن جامعة "سيدة اللويزة"، الجزء الأول من عام 1851 الى عام 1943، اي خلال الحكم العثماني والانتداب الفرنسي، يتضمّن هذا الجزء 818 عنوان نشرة وجريدة ومجلّة صدرت في لبنان خلال هذه المرحلة، مع حوالي 550 صورة لمعظم النشرات، ومنها خطيّة، اذ ان اوّل نشرة صدرت كانت في العام 1851، وهي عبارة عن مجموعة فوائد عن الجامعة الاميركيّة، التي كان يطلق عليها في تلك المرحلة اسم "الكليّة السوريّة".
الى أي مصادر لجأت في هذا الكتاب؟
لجأت للعديد من المصادر، كما انّني وبحكم عملي الصحفي على مدار50 سنة، ومنذ دخولي في هذا المجال كنت اجمع معلومات عن الصحافة اللبنانيّة.
ما الهدف الذي تودّ ان توصله من خلال هذا العمل؟
هذا الكتاب عبارة عن معجم للصحافة اللبنانيّة، كُتب بطريقة دقيقة واسطر قليلة، عن اسماء الصحف وعددها، اضافة الى مسارها وهدفها.
ما تقييمك للوضع الصحافي في لبنان؟
الصحافة الورقية تشهد حالة ضعف، الا انها لن تُلغى.
ما السبب برأيك؟
ان وجود التكنولوجيا الالكترونية ساهم في تقلّص دور الصحف، الا ان المادة السريعة فيها لا تستطيع ان تعطيك التحقيق او الرأي كالذي في المجلّات والصحف.
برأيك كيف سيكون مصير المطبوعات بعد سنوات؟
تبقى كما الآن، في اوروبا سبقونا في التطور التكنولوجي والانخراط في مواقع التواصل الاجتماعيّ، الا ان ّ الصحف لم تلغى، بل بقيت ولكن بشكل ضعيف.
ما الحلّ برأيك لمعالجة ازمة الصحف؟
برأيي ليس هناك ايّ حلّ.
انت عملت في مجالات متنوّعة في الاعلام، أيّ منها هو الأقرب اليك؟
احبّ الجريدة والاذاعة، وافضّلهما على التلفاز.
كلمة أخيرة.
الانسان لا يستطيع العيش بدون قراءة، اذ انه يجب يوميا تَعَلّم ما هو جديد، فالمعرفة هي غنى الذات الذي يزيل المصاعب الحياتيّة.
بدوره صرّح نقيب الصحافة اللبنانية الياس عون للفنّ ان "هذه المناسبة قيّمة لكنها بحاجة لأناس تهتمّ بهذا الموضوع، فالصحافة تتراجع بشكل ملفت، واتوقّع ان تقفل الصحف في المستقبل، كما على الدولة ان تساعد في حلّ هذه الأزمة".
وكان لنا ايضا حديث خاص مع رئيس تحرير جريدة اللواءصلاح سلامالذي اكّد ان هذا الكتاب يعدّ موسوعة هامّة للصحافة اللبنانيّة على مدى 150 عاماً، لكن للأسف الوضع الصحافي اليوم يعاني من عدّة مشاكل خصوصا في مسألة التمويل، اذ انه يصارع من اجل البقاء، وهناك تقصير من الدولة تجاه الصحافة بتوفير الدعم اللازم لاستمرارها، والثورة الرقميّة لن تستطع ابدا ان تلغي دور الصحف تماما.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغطهنا.