إن كنت مخموراً، فأفعل ما شئت.
هذا ما ينطبق على حياة السهر في لبنان، التي لم تعد تعرف من أين تخترع الجديد في حرب المنافسة الشديدة بين النوادي الليلية. جميلةُ هي الحرية، حريتنا نحن اللبنانيين، الذين نمتاز عن الجوار العربي المتصحّر برمالٍ سمراء و ديكتاتورياتٍ سوداء قاتمة. فنحن أحرار هذا الشرق، ملجأ الأفكار والمعتقدات، محجّة الإبداع والفكر المغاير للمفروض، نحن من نكتب ونكتب و نكتب حتى يشبع الورق حبراً و تمرداً.
لكن كثرة الشيء كمثل قلّته، إن طفرة المال تولّد الفساد، و طفرة الحريّة تولّد فوضى، فوضى الروح والفكر و الأخلاق. حصل موقع الفن على فيديو خاص عن إحدى السهرات اللبنانية الممتلئة فرحاً وخمراً، في إحدى أشهر مجمعات السهر في منطقة بيروت، والتي كانت تقوم بإدارة الموسيقى فيها إحدى الإذاعات اللبنانية الشهيرة، حيث قام منسّق الموسيقى الشهير DJ بإذاعة النشيد الوطني اللبناني مع توزيعٍ موسيقي جديد يليق بالخصر المائل وبالعواطف الجياشة. الأمر الذي لم يسبق له أن حصل في أيّة دولة في العالم، حيث النشيد الوطني يرتبط دائماً بوقار المكان وأهمية الحدث.
عيب، فعلاً عيب، النشيد الوطني يجب أن يترافق مع وقوف للإحترام، عيون مسلطة على قيمة الكلمات وعمق معناها، النشيد الوطني هو لتحية الوطن وشهدائه، للتاريخ المشبع فخراً وللمستقبل المنتظر على باب الأمل والعمل. هو ليس لنوادي الليل وللرقص والفقش، هو ليس لمكبوتي الأجساد و مدمني الشهوات. الذي حصل البارحة عيب، بحق إنسانيتنا، ضميرنا، وطننا، أسرانا، جنودنا الساهرين ببدلاتٍ مرقّطة وجباهٍ مرفوعة الكرامة، ما حصل هو عيبٌ بحق نضالنا، حريتنا المسؤولة وترابنا المجبول بأحمر الحب والضحية. عيب، و ليكن هذا الخبر إخباراً للمسؤولين، للمواطنين، لكل حامل هويّة مزينة بأرزة الإنتماء، لكل ضمير، لكل إرادة... للحرية، للبنان.