شكلت فكرة الإعلان عن ميزانية فيلم "الكنز" الذي يُقدمه المخرج شريف عرفة والتي تخطت المئة مليون جنيه مصري مُفاجأة للجميع جعلت يتبادر في الأذهان أن العمل تم الإستعانة فيه بفريق عمل أوروبي لتنفيذ بعض المشاهد فيه كي تصل الجودة فيه لبعض أعمال هوليوود والسينمات الاخرى العالمية، ولكن المفاجأة الاكبر كانت من أجل الديكورات الخاصة بالعمل وأجور الفنانين نظرا لأن الفيلم يضم كماً كبيراً من النجوم والنجمات ومن بينهم محمد رمضان وهند صبري ومحمد سعد وروبي وغيرهم.
. "الفن" طرح سؤالاً على ثلاثة من أهم نقاد السينما المصرية في الفترة الجارية وهو.. هل بعد هذه الميزانية الضخمة التي تم الإعلان عنها لفيلم "الكنز" هل من الممكن أن نصل لمستوى الأفلام الأميركية؟ هذا إلى جانب طرح أفكار كثيرة ونماذج لأفلام تم تنفيذها بميزانيات ضخمة وباءت بالفشل، وكان لنا التحقيق الآتي:
الميزانية ليست العامل الوحيد للنجاح الكبير وتخطي الحدود بل إن الكثير من الأفلام تم تنفيذها بميزانيات ضعيفة مُقارنة بما هو مدرج لفيلم "الكنز" وحققت إيرادات مهولة على مر العصور سواء في مصر والعالم العربي أو حتى الأفلام الأجنبية ومن بينها في العالم العربي "هيبتا" و "اسماعيلية رايح جاي" و "صعيدي في الجامعة الأميركية" وفي المقابل هناك أعمال تكلفت مبالغ ضخمة ولم تحظ بنجاح أو إيرادات عالية وعلى رأسها "ليلة البيبي دول" الذي كلف حوالى 40 مليون منذ أكثر من تسعة أعوام، وهذا دليل على أن الجودة هي الأهم وليس الميزانية.
وكان علينا الإستعانة ببعض آراء النقاد المتخصصين في أمور السينما من أجل التعرف على وجهات نظرهم عما إذا كانت الميزانية الضخمة المخصصة لفيلم "الكنز" ستؤهله أن يتخطى الحدود ويحقق نجاحاً لا نظير له وصولاً لمستوى الأفلام الأجنبية أم لا؟
رقم غير خرافي
أبدت الناقدة خيرية البشلاوي رأيها في الأمر وقالت: "لا يمكن التنبؤ بالسينما والإيرادات في الوقت الحالي بخاصة أن هناك عوامل كثيرة تتحكم في الأمر، وموضوع النجاح لا يرتبط فقط بالميزانية بل إن هناك أفلاماً تم تقديمها بميزانيات ضعيفة وحققت مفاجآت كثيرة وأصبحت علامة في تاريخ السينما ومن بينها فيلم اسماعيلية رايح جاي لمحمد فؤاد وخالد النبوي ومحمد هنيدي، لذا فالموضوع لا يمكن أن يجعلنا نتخيل أن نصل لمستوى هوليوود إلا بعد مشاهدته".
وتابعت البشلاوي قائلة: "أثق في قدرات المخرج شريف عرفة للغاية لكن 100 مليون جنيه ميزانية الفيلم ليس رقماً خرافياً في ظل تعويم الجنيه بخاصة أن جزءاً كبيراً من هذه الميزانية يذهب كأجور للنجوم المشاركين في الفيلم وهناك مجموعة أسماء كبيرة في العمل، هذا إلى جانب أنه من الضروري حساب رؤية وظروف الجمهور والمجتمع الذي نعيش فيه، فهو لا يحتاج لأفلام مثل هوليوود بل أعمال تخصهم وقريبة منهم، وفي الوقت نفسه سينما هوليوود تعتمد على تقنيات وتكنولوجيا حديثة وليس فقط الإهتمام بالميزانية، لذا فالحكم في الوقت الحالي غير صحيح".
شريف عرفة صاحب تاريخ سينمائي كبير
أما الناقد طارق الشناوي.. فيقول: "الميزانية ليست العنصر الحاسم في الأمر وجزء مهم وكبير منها يذهب أجوراً للأبطال، لكن على حد معلوماتي أن الفيلم يناقش أكثر من حقبة تاريخية، لذا فهناك جزء كبير من الميزانية يذهب في الإنفاق على الديكور وتغييره بخاصة أن الفيلم يتبقى له فترة طويلة للإنتهاء من تنفيذه، لكن وجود إسم مثل شريف عرفة وهو صاحب تاريخ سينمائي كبير لا يجعلني أشك أنني سأشاهد فيلماً مميزاً، فهو مخرج له إسم مضمون ووجوده في العمل الفني ثراء له فهو لا يمكن أن يتنازل عن القيمة الفنية أو الفكرية الموجودة بذهنه تجاه ما يسعى لتقديمه".
وبسؤال الشناوي.. هل يمكن أن يُحقق "الكنز" إيرادات ضخمة تفوق ميزانيته في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر، فقال: "هناك أعمال كانت ميزانيتها قليلة عن ذلك وحققت أرقاماً مهولة عن تكاليفها ومن بينها فيلم لف ودوران لأحمد حلمي وكذلك الحال بالنسبة لهيبتا، لذا فالموضوع يعتمد على القيمة الفنية في الأساس ومن ثم النجاح الذي يكون مصحوب بعدة عوامل أخرى".
رقم زهيد بالنسبة لهوليوود
وجاء رأي الناقدة ماجدة خيرالله في وصول ميزانية فيلم "الكنز" لمائة مليون جنيه كالآتي: "كل شركة تقول ما تُريد وما يُجبها من أرقام ولكن ما يحكم في الأمر هل الفيلم جيد ويستحق المتابعة ويحمل قيمة فنية جديدة للجمهور، وهذا السؤال سيتم الإجابة عنه بعد مشاهدة الفيلم لأن الفيلم ما زال يجري تصويره في الوقت الحالي، كما أن مبلغ 100 مليون بالنسبة للسينما الأميركية رقم زهيد جداً ولا يساوي شيئاً بخاصة أن هذا الرقم يضيع منه جزء كبير للغاية في الأجور والديكورات والأشياء الأخرى".
كما أوضحت خيرالله رأيها في وجود كم كبير من الابطال داخل فيلم "الكنز" وقالت: "الأمر لا يرتبط بالأسماء كذلك وهناك أفلام فشلت وحملت بداخلها الكثير والكثير من النجوم وعلى غرار ذلك فيلم ليلة البيبي دول الذي ضم كماً كبيراً من نجوم الوطن العرب وكانت ميزانيته 40 مليون منذ سنوات وكان ذلك الرقم كبير للغاية في هذا الوقت، والفيلم فشل وكان مستواه هزيلاً للغاية، لذا فالحكم على الكنز بعد مشاهدته مع أنني أثق في المخرج شريف عرفة".