ضبط إيقاعات الفرح بأنامله السحرية، فكلما نقر على الطبلة ازدادت دقات قلوبنا بهجة وطرباً، رافق أهم الفنانين في لبنان والبلدان العربية وارتبط اسمه برائدة الأغنية الوطنية الفنانة الكبيرة سميرة توفيق الذي تواجد معها بشكل دائم في كل حفلاتها فإذا ذكرنا ستراك ذكرنا سميرة توفيق والعكس صحيح.
. بذل أجمل سنين حياته في سبيل الفن ولم يسع وراء شهرة تكون مجداً زائفاً، كان قليل الإطلالات الصحافية ، لم يعتبر نفسه نجماً بل نحن من نصبناه نجما وملك الطبلة بلا منازع.. أرسى قواعد مدرسة في ضبط الإيقاع، فالطبلة كانت امتداداً ليديه ولم تكن مجرد آلة يعزف عليها..اخرج منها أجمل الإيقاعات ورقصت على نقرات أنامله الذهبية خصور الفنانات والراقصات والآلاف من الجماهير، فعرف كيف يدخل الفرح إلينا حتى لو عزف منفرداً.
وقد تألق ستراك في عالم الإيقاع، وكانت له محطات لامعة في العالمين العربي والغربي معاً، ومنحه التلفزيون العربي الأميركي في لوس انجلوس في ولاية كاليفورنيا درع افضل ضابط ايقاع في العالم العربي عام 1994.
وشكل ستراك ظاهرة مميزة في عالم الفن بعد ان اقترن اسمه بـ"الطبلة" فانتهج أسلوباً لا يزال الكثيرون يتبعون خطاه وينهلون منه، واستطاع حفظ فنه خلال 43 سنة في 52 ألبوماً.
حتى حين شاخ ستراك وتمكن من جسده المرض، فإنه لم يتمكن من روحه الفتية ووفائه لمحبيه وأصدقائه الذين بادلوه الوفاء هم أيضاً،
تعرف الى ناديا جمال في رحلة فنية الى طهران وكانت راقصة مهمة ترفض ان ترقص لشخص واحد مهما علا شأنه، رافق فريد الاطرش في رحلات عمل الى سورية والاردن والمغرب وعاش معه اجمل ايام حياته في منزله، تعرف ايضاً الى الفنان محمد عبد الوهاب في استوديو في القاهرة عندما كان يحيي احدى الحفلات ومازحه بقوله: "ارمني وطبال. اعرف الارمني موسيقياً، كمنجاتياً، ولكن ليس طبالاً"، وسجل مع عبد الوهاب اغنية "كل ما املي معاك".
اما سميرة توفيق فهي الصديقة والشقيقة تعرف اليها سنة 1959 عندما عملا في كازينو طانيوس في بحمدون، وقد تميزت بجمال صوتها وحلاوة صورتها، وقال عنها ستراك في إحدى أحاديثه الصحافية :"كانت بداية تقدم اغنيات أم كلثوم وتؤدي ببراعة اغنية "شمس الأصيل" قبل ان تعتمد لونها البدوي الذي جعل حفلتها في أبو ظبي سنة 1973 كاملة الحضور في حين لم تبلغ الحجوزات نصفها في حفلة ام كلثوم في اليوم نفسه. وربما يعود ذلك الى محبة الخليجيين للون الذي اعتمدته. وكانت سميرة تلقى كل احترام وتقدير من الملوك والرؤساء".
تمنى على عبد الحليم حافظ ان يؤجل حفلته التي تزامنت مع حفلة صديقه فريد الاطرش في بيسين عاليه خوفاً من فشلها، واستجاب عبدالحليم وكانت صداقة بينهما تجسدت في اغنية "شارع القناديل".
ومن اعماله شريط "ليالي زمان" الذي يتضمن 6 مقطوعات موسيقية للرقص الشرقي و"سولو" على "الطبلة" شاركه فيه عزفاً 32 موسيقياً.
موقع الفن كان قد زار الفنان الراحل قبل أيام للاطمئنان إلى صحته حيث أخبرنا في آخر حديث له عن ذكرياته الفنية حيث قال للاعلامية هلا المر :"لقد عملت لمدة55 عاماً من الفن وعملت مع أهم الفنانين من محمد عبد الوهاب إلى الآخرين كما عملت مع السيدة فيروز التي كنت أرافقها في حفلاتها. لقد تعرّفت إلى إحسان المنذر عندما كان عائداً من إيران في شركة إنتاج عبدالله شاهين الذي عرفني به. وقال لي يومها: إحسان آت من إيران "دير بالك عليه". وعندما التقيت به تحدثت إليه باللغة الفارسية. وعلاقتنا منذ ان التقينا هي علاقة احترام ومحبة وصداقة. وسجلنا في ستوديو بعلبك بعد استمعت إلى مازورتين من موسيقاه فوجدت أنه خطير في الفن. وعملت تحت قيادته عندما عزفنا لماجدة الرومي. ومن أجل إحسان المنذر كنت أتشاجر مع الموسيقيين لأنهم لم يحترموه في البداية. ولم نختلف يوماً لأننا تربينا في منازل عائلاتنا أحسن تربية، سميرة توفيق هي من الفنانات اللواتي أحبهن كثيراً. وقد زارتني منذ يومين في منزلي.
وعبر عن حزنه وألمه لعدم وفاء بعض الناس فقال :"هناك الكثير من الناس الذين غدروني لكن من دون وعي وأعتقد ان السبب في ذلك هو الغيرة مني، خلال مسيرتي الفنية سجلت 52 ألبوماً وقد سجلتها باحترام وحب. واليوم هناك الكثير من الفنانين من مصر ولبنان يحلفون باسمي بسبب آدميتي وأخلاقي..أما زملائي في النقابة التي أنا نائب رئيسها فهم من الأوفياء لي خصوصاً الملحن نقولا نخلة، وهم يسمعون نصيحتي وكلمتي التي أوجهها إليهم، لم أعلم ابني العزف على الطبلة مع أنه موهوب فيها ويحبها لأن الفن إلى وراء وهو اليوم يدرك لماذا لم أعلمه.
كان والدي يقول لي إكسب أصدقاء محترمين و"نظاف" وكان يقول لي إنتبه في حياتك فالحياة "طلعات ونزلات"...لقراءة المقابلة كاملة اضغطهنا.
كما نذكر أن قبل أيام وبمبادرة مميزة منه قام الدكتور هراتش سغبزريان بتكريم عازف الإيقاع ستراك سركيسيان الذي اشتهر بعزفه وتعامله مع كبار نجوم الفن.
الدكتور هراتش راز سركيسيان في منزله برفقة كل من الفنان إحسان المنذر ورئيسة تحرير موقع الفن الإعلامية هلا المر، وقدموا له درعاً تكريمياً، وذلك قبل الموعد السنوي لمهرجان تكريم نجوم الزمن الجميل الذي يقيمه سنوياً الدكتور هراتش سغبازريان بمبادرة كريمة منه.
رحم الله روحك الطيبة يا ستراك لقد هوى برج من أبراج الفن الجميل من الزمن الجميل، لكن ميراثك الفني باق وضحكتك وأنغام إيقاعاتك على الطبلة خالدة لا تنسى.