مدينة طرابلس هي أشهر من أن تعرّف ليس فقط في ثقافاتها وتاريخها، و ليس فقط بكونها أكبر مدينة لبنانية من بعد بيروت والعاصمة الثانية للبنان، وإنما بشهرة الحروب و القتال، شهرة النزاعات الوهميّة المصدرة من الخارج والمستوردة من بعض أشرار المال والسلطة. نهار الخميس ،عادت طرابلس لتترأس عناوين الصحف، عادت نجمة نشرات الأخبار و المادة الأدسم لحبر الصحافة و أثير الإذاعات. طرابلس، ولدت لتحتفل بولادة مخلصٍ هزّ مزوده الخشبي عروش الملوك.

التحضيرات إكتملت بعد اشهرٍ من العمل المتفاني، بإدارة وإشراف من لم تنقل فقط نفوسها إلى طرابلس، لكن نقلت أيضاً إنتمائها إلى هذه الأرض وهذا التاريخ، إنها السيدة فيوليت محمد الصفدي، الشاشة أحبتها، أما الناس فعشقتها، نجحت في الإعلام، أما بالعمل الإجتماعي فأبدعت، في الشكل فاتنة، أما في المضمون فأكثر جمالاً و تألّقاً. كان من الملاحظ جلياً إحاطة الطرابلسيون لها خلال الحفل، يسلّمون عليها و يتصوّرون معها يشكرونها لنفحة الحياة التي أعطتها للمدينة حتى دون أن يقولوا أيّة كلمة، فنهار الخميس كان الكلامُ حكراً على العيون و القلوب الخافقة.

بتنظيمٍ أكثر من ممتاز لشركة "أيس" ، و بإحترافيةٍ واضحة، إستُقبلت الشخصيات المدعوّة ، بدأ الحفل الذي قدّمته الإعلامية رلى صفى بالنشيد الوطني اللبناني و من ثم بكلماتٍ ترحيبيّة كان أبرزها لوزير السياحة ميشال فرعون و طبعاً لصاحبة الفكرة و التنفييذ السيدة فيلوليت محمد الصفدي، التي أسست جمعية "أكيد فينا سوا" فأعلنت عن أول إنجازٍ لها وهو هذا المهرجان الميلادي الضخم. أطلقت السيدة صفدي إسم "شجرة العيش المشترك" على شجرة العيد التي أُضيأت بطريقةٍ أقلّ ما يمكن أن يُقال عنها أنها ساحرة. بعرضٍ جمبازيٍ في الهواء والمفرقعات النارية المبهرة، أضيأت الشجرة، فتبع هذه الخطوة إستعراض كبير لفرقٍ موسيقيّة كما فرق رقصٍ و جمباز . من ثم دعت السيدة صفدي الحضور إلى دخول القاعة الداخلية لمعرض رشيد كرامي الدولي، لحضور حفل الترانيم الميلادية، و لم يكن المسير على الأقدام متعباً، لأنه كان بالمرور عبر سوق الميلاد marche de noel تماماً كما السوق الشهير في شوارع باريس في هذه الفترة من السنة، فما لم تلاحظه العين من روعة الزينة و حرفية الطهو ، لاحظته حاسم الشم التي إلتقطت أطيّب الروائح و أشهاها ، تلك التي تليق بهذا العيد. و إن لم تكتفي هذه الحاسة، أعطت المهمة للسمع، الذي إستشع حرارة دفىء الأنغام الميلادية.

دخل الحضور إلى القاعة لمتابعة كورال القديسة رفقا و كورال الفيحاء، الذان أطربا العيد بترانيم الميلاد، بعرضٍ جعل من اللحظة أسيرة المشاعر و معشوقة الحنين.

يُذكر بأن السيدة الصفدي كانت قد أعلنت عن سلسلة حفلاتٍ ستقام في معرض رشيد كرامي الدولي و التي ستشكّل جزءً من هذه الإحتفالت، كانت قد بدأت بحفل إضاءة الشجرة و تابعت مع العرض العلمي وحفل الموسيقار "غي مانوكيان"، السبت مع الفنان العالمي "اليسندرو سفينة"، نهار الأحد الفنان ملحم زين، الأثنين لين حايك و غنوى و هو عرض خاص للأطفال الايتام، نهار الثلثاء حضور اللاعب العالمي روبيرتو كارلوس، أما الأربعاء فالموعد مع الفنان جورج نعمة ، وختامها مسك الخميس مع النجم جوزيف عطيّة. هذ طبعاً بالإضافة إلى عروضٍ عديدة متنوّعة معظمها مخصص للأطفال.

فيوليت محمد الصفدي، إسمٌ سيُذكر من اليوم و صاعداً بإبتسامة ثغرٍ و فرحة روح، لأنها أعادت لطرابلس عيدها، طرابلس عاشقة السلام كسيّد العيد ، مسيح السلام. خرجت طرابلس من الموت، و نفضت عنها ركام الحرب لترتدي ثوب الحياة، و بفضل فيوليت الصفدي ، شهدت طرابلس على عيد قيامة، في فترة عيد الميلاد.