الحظ وضع أنور وجدي في حياتها .
نيللي مثلت مع الصبوحة بطفولتها وإعتزلت أمي بأوج ألقها.
إختلاف ديانة والداي جعلت مني شخصية سوية ومتصالحة.
في الجزء الأول من حديث الذكريات عن طفلة الأمس المعجزة فيروز وزوجها الممثل بدر الدين جمجوم تتحدث إبنتهما الفنانة التشكيلية إيمان عن والديها وخالتها الفنانة نيللي وقريبتها الفنانة لبلبة، وعن أن إختلاف ديانة كل من والديها جعل منها شخصية سوية ، وكيف كانت كل الاسرة متفقة على حب الشحرورة صباح .
هل أنتِ نادمة على عدم إستمراريتك بعالم الفن خصوصاً أنك من عائلة فنية مشهورة؟
أبداً، لسبب أنني فنانة تشكيلية (رسامة)، وأشعر بأنه من الصعب عليّ اليوم أن أعود إلى المجال الفني وأبدأ من جديد، لا سيما أن المناخ العام بالنسبة لي لا يشجع حتى للتطرق لهذا المجال، عموماً الفن ما زال مستمراً وهناك نجاحات يُشهد لها ولا يُمكن اعتباره اندثر، لكن ليس بنفس الجودة التي كنت اتمنى ان اخوضها فيما لو استمريت، علماً ان محاولاتي كانت قليلة وتقتصر على مشاركة خالتي النجمة نيللي بالفوازير، والاعمال بشكل عام تغيرت ونادراً ما تجدين عملاً سينمائياً يستحق أن تقصدي السينما لمشاهدته، والدراما للأسف بعضها يسوده الركاكة والعنف والمخدرات ولا تليق بالاسرة، فوالدي النجم الكوميدي بدر الدين جمجوم رحمه الله كان يشجعني، وأطللت بالفوازير مع خالتي النجمة نيللي في سن السابعة عشرة، بينما ماما كانت تقول لي إختاري مجالاً بعيداً عن التمثيل ، فكان أن تعلمت الرسم بمعهد الفنون التشكيلية، وبصراحة كنت خائفة من خوض غمار الفن وأشعر بأن الجمهور سيضعني بمقارنة مع أمي الطفلة المعجزة، وبالتالي كنت سعيدة جداً بإختياري الفن التشكيلي إذ كنت منذ طفولتي أعشقه وأقمت معرضاً كبيراً ، وما زالت بداخلي أحلام كثيرة حول هذا الفن الجميل.
رسمت والدتك الطفلة المعجزة فيروز؟
رسمتها عندما كنت صغيرة.
واليوم كيف ترسمينها؟
بفترة معينة كنت أرسم الشخصية كما هي بملامحها، اليوم لو أردت أن أرسم والدتي سأرسمها بأسلوب أعمق ، يعني مثلاً وهي تحتضنني أو تطير بجناحين أو يشع من عينيها النور ، أي برؤيا فنية مختلفة أُظهر فيها ما كانت تكتنزه من حنان وعطاء وإحتواء.
وكيف ترسمين والدك الكوميدي بدر الدين جمجوم؟
بابا كان بالنسبة لي البسمة الجميلة ولا يفارقه التفاؤل حتى في عز أزماته ومرضه، حتى عندما أراد إجراء عملية جراحية حذره الطبيب من أن نسبة النجاح لا تتعدى الـ20 بالمئة، ومع ذلك أصر متكلاً على الله وأجرى زراعة الكبد رغم خطورتها، منه كنت أستمد الأمل والقوة، لذا سأرسمه محاطاً بالشمس.
وماذا عن خالتك الفنانة نيللي؟
سأرسمها على شكل فراشة أو عصفورة لأنها شخصية رقيقة وحرة ولا تتنازل بإسمها وكرامتها ومبادئها، وطوال عمرها معتزة بفنها وشخصها، بالإضافة إلى جمالها الراقي.
فيروز الطفلة المعجزة أثرت في جيل كامل ؟
أمي كانت طفلة معجزة على المستوى الفني، وعلى النطاق الشخصي كانت سيدة رائعة وانسانة شفافة جداً، بالإضافة إلى أنها لم تكن مهووسة بالشهرة رغم نجوميتها منذ طفولتها على إمتداد الوطن العربي، ولم تندم إطلاقاً على قرار إعتزالها ، وحتى اليوم ما من طفلة معجزة أتت بعد فيروز أو كما تسمونها في لبنان "قطقوطة"، وماما كانت أيضاً اماً عظيمة وست "جدعة" حيث أنها وقفت إلى جانب والدي في أصعب مراحل حياته ، وهي طفلة كانت محظوظة أن الفنان أنور وجدي كان موجوداً بحياتها اذ احتضنها وصقل موهبتها وقدمها نجمة بأفلامه وهي كانت تعتبره والدها الروحي، اذ كان يعاملها كما لو كانت إبنته حتى في لحظات إحتضاره طلب أن يراها ليودعها حين كان مريضاً، بالإضافة الى تواضعها الشديد.
عملت مع أنور وجدي بفيلمي "ياسمين" و"دهب" فقط؟
صحيح اذ عندما قدمت مع أنور وجدي فيلم "ياسمين" أصبحت مشهورة جداً، ووقع سوء تفاهم بين أنور وجدي وجَدّي أي والدها فيما بعد، وكان ان قدمت فيلم "فيروز هانم" لتعود بعدها الى عالم أنور وجدي بفيلم "دهب" الذي حقق نجاحاً كبيراً، وبعدها كان من المقرر أن تقدم فيلم "أربع بنات وضابط" بمساحة كبيرة الى جانب نعيمة عاكف وأنور وجدي ، وبعد البروفات انسحبت وجيّر الدور الى ابنة خالها النجمة الطفلة لبلبة، وبفيلم "قطر الندى" كان الدور لها وبعد الخلافات ايضاً بين جدّي وأنور وجدي تغير الدور من فتاة صغيرة إلى صبية لعبت بطولته النجمة شادية، وعندما كبرت ماما قدمت عدة أعمال وعملت بالمسرح ، وإلتقت بوالدي وأحبها وأحبته وتزوجا ، ومع إنجابها شقيقي أيمن قررت إعتزال التمثيل وهي بأوج ألقها.
حدثيني عن بدر الدين جمجوم .
بابا حاصل على ليسانس في الآداب وبكالوريوس في المحاماة ، وعمل بالفن كهواية بعد إنضمامه لمعهد الفنون المسرحية، وعلى فكرة كان يكبر والدتي بعشر سنوات ومع ذلك عاشا بسعادة ورضا، كان خفيف الدم، ولم يكن يستطيع احد ان يجالسه اكثر من ربع ساعة الا ويكون هالكاً من الضحك، كما كان شخصية مضيافة جداً، ومحبوباً من أسرة أمي للغاية لا سيما وانه قدم مع نيللي عملين هما "انها حقاً مجنونة" و"مبروك جالك ولد" ، وكانت نيللي تسعد بالعمل معه وتشعر بالأمان لأنه كان بالنسبة لها الأخ الأمين.
والدك مسلم ووالدتك مسيحية أرمنية ، كيف كانت حياتهما؟
بمنتهى البساطة وعندما طلبها والدي للزواج لم يعترض أحد، وربينا على المحبة والتسامح، فوالدي كان يحتفل بليلة الميلاد المجيد ويدعو كل الأسرة، وماما كانت تحفظني آيات القرآن وتهتم بالإفطار يومياً في شهر رمضان الكريم حيث تجتمع يومياً كل العائلة والأصدقاء، ومن هنا عشت وشقيقي أيمن حالة تصالح مع النفس والآخر بلا تذبذب.
الفنانة نيللي شاركت وهي طفلة الشحرورة صباح فيلم "توبة"؟
صحيح، والصبوحة أثرت بعدة أجيال وليس بوالدتي ونيللي فقط، وهي حالة لن تتكرر بالفن وحتى بشخصيتها وحبها للناس والحياة، وحتى وصيتها كانت مختلفة اذ كانت قد اوصت بألا يبكي عليها أحد عندما تموت بل تمنت ان يغنوا ويدبكوا، فجاءت جنازتها عرساً، من هنا الصبوحة شخصية فريدة من نوعها، وعلى المستوى الشخصي كانت على صداقة مع عائلة أمي، كما أن ماما تحديداً كانت تعشق الصبوحة وكانت مثلها تماماً تحب الحياة والضحك ومرة لم تستسلم للمرض او الاحباط حتى عندما مرضت كانت تأمل ان تخرج وتعود لحياتها الطبيعية، وايضاً الصبوحة كانت صديقة لجدتي، وشاهدتها اكثر من مرة متواجدة مع عائلتنا واعتبرها شخصية رائعة ولن تتكرر في تاريخ الفن العربي وحبها للحياة وللفن يُدرس لانها نموذج نادر، وعلى فكرة نيللي تشبه الصبوحة كأنها ابنتها من حيث الروح والشكل والشعر الاشقر.
ماذا عن الفنانة لبلبة إبنة خالة والدتك؟
حبيبة قلبي ، الكل كان يعتقد أن لبلبة شقيقتها من شدة تعلقهما ببعض، وهي بالأصل إبنة خالها وإبنة عمتها على السواء.
هل كان هناك مجال للغيرة بين فيروز ونيللي ولبلبة عندما كن صغيرات ومثلن؟
أبداً لم يكن هناك مجال للغيرة لان الاسرة كلها مترابطة مع بعض، وماما كانت تقول انا اعتزلت لكن نيللي أكملت مشواري، وكانت تعتبر لبلبة حالة إستثنائية بالتمثيل والإستعراض والتقليد والغناء.
(يتبع).