لوهلة ظننّا أنها أزمة قومية لاحت في أفق لبنان من خلال ترددات ريخترية بلغت أوج زوبعتها داخل فنجان الغباء والجهل المستفحل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ناهيك بالتبعيّة البائسة التي دمرت قيمنا وما عاد للقيمة من محل.
ولعلّ الاعلام المرئي في لبنان أول الغيث، فلم يعد لقيمة المشاهد احترام أمام اسفاف بعض البرامج، وما عاد للاعلام قدسية الرسالة التي بهتت واصفرت في ربيع العمر.
فقط للذاكرة التي قضّت على ما يبدو مضجعها اواصر الزهايمر، لا بد من التنويه بأننا رواد الاعلام في العالم العربي... لقد صنعنا مجداً وعزاً للاعلام اللبناني طيلة السنوات الغابرة سواء من خلال التلفاز أو الراديو أو الصحافة المكتوبة. والابداع اللبناني في هذا المجال طاف معظم الدول العربية فبتنا تلك الركيزة الاساسية التي بنيت عليها صخرة الاعلام العربي.
ما شاهدته هذا الأسبوع ضمن برنامج "هيدا حكي" لعادل كرم و"لهون وبس" لهشام حداد في معرض ردهما على أحلام يظهر مدى انفلاش السطحية وتعويم ثقافة الاعلام الأصفر، وينذر بخطر كبير جداً طالما وصلنا إلى هذا الدرك القاتم.
ان هذا النوع من البرامج في العالم يعتمد في الدرجة الأولى على المبالغة في تصوير الاحداث بطريقة ساخرة لإضحاك المشاهد. إنما هنا لا بد من لفت الانتباه إلى أنه بين المبالغة النقدية الكوميدية الساخرة وبين الاسفاف شعرة معاوية. وحتماً في هذا الأسبوع تم تخطي تلك الشعرة بكثير من الملاحظات. فالمشاهد لا تليق به صورة بقرة داخل الاستوديو والعبارات التي احتوت على ما هبّ ودبّ من ابتذال خادش للحياء.
ومما لا شك فيه أن الرد على أحلام أساء إلى صورة لبنان بالدرجة الأولى قبل الاساءة إلى أحلام وكأنه لا تكفينا فضائح الفساد المسشتري... لطالما اعتدنا على رد الإساءة بالكبر والنبل والشهامة... نحن بلد الأرز والثورة نحن بلد الشهادة والنضال نحن من صدّر الأبجدية إلى العالم نحن أبناء الثقافة والعلم والفضيلة... لقد آلمني وحز في صدري خنجر الرد الذي انطلى على اساءة مضاعفة لصورة الاعلام اللبناني في الخارج.
وهنا لا بد من التوضيح أن أحلام أخطأت، لكنها عادت وإعتذرت من الشعب اللبناني لتعود وتذكرنا بالأسماء المقصودة في تغريدة الفلافل والشحاتين والنفايات.
لن أدخل في زواريب الصحافة المأجورة، بقدر العتاب على عادل كرم الذي أجد فيه كل مقومات الكوميدي الناجح والمحبوب . وكان بإمكانك الرد بكثير من الترفع والتجاهل وبكثير من الذكاء وقليل من الدهاء.
وهنا لا بد مجدداً من العودة إلى المرحلة الذهبية التي عاشها الإعلام اللبناني في السابق في مرحلة "العز" وتحديداً إلى روّاد الإعلام التلفزيوني وأخص بالذكر رياض شرارة ونجيب حنكش وسونيا بيروتي وغابي لطيف وغيرهم ممن زرعوا الابتسامة على وجوهنا في زمن الحرب والدمار. لقد كان نجيب حنكش مذهلاً في حواره في كاراكتيره مشكلاً حالة آنذاك إنما بكثير من الرقي. والمبدع الراحل رياض شرارة لطالما اعتدنا القاءه النكات بهدف ايصال رسائل معيّنة إنما بكثير من الرفعة والهيبة.
أما اليوم فقد افتقدنا لمقومات الهيبة الاعلامية كلّها في المرئي والمسموع والمكتوب وما عاد للأصالة متسع في زمن انصاف وارباع المواهب التي استهلكت لغاية في نفس يعقوب. فهل نحن قادمون إلى مرحلة دمار إعلامي شامل أم أنها زوبعة في قلب فنجان؟