"لنتذكر"نعيد من خلالها نشر لقاءات ومقالات بقلم الزميلة الراحلة رنا بو رسلان شوي .
رحل الفنان المبدع إبراهيم مرعشلي بعد اكثر من ربع قرن من العمل المسرحي والاذاعي والتلفزيوني.
أول عمل له كان من خلال الفنان الكوميدي حسن علاء الدين شوشو. كان ذلك عام 1965 يوم أطل إبراهيم مرعشلي على الجمهور البيروتي من خلال أول عملي مسرحي للمسرح الوطني الذي وضع أولى مداميكه الفنان شوشو مع المخرج المسرحي المخضرم نزار ميقاتي.
البداية حملت عنوان "شوشو بيك في صوفر" كان (برهوم) مع كوكبة من المسرحيين نذكر منهم: علي دياب ، سمير شمص، فريال كريم ، نادية حمدي ، أحمد الزين (إبن البلد).
رافق شوشو في مسرحه، أيام العزّ في بيروت. وكان النجم الذي يلمع بهدوء أمام سطوع شوشو.
من هنا كانت البداية.
وبدأت رحلة الألف ميل في عالم الكابتن بوب في السينما والاذاعة والتلفزيون.
رافق الكبار في السينما اللبنانية والعربية وتجلى وانفرد وتألّق. ترك في التلفزيونات بصمات ما زالت دامغة حتى اليوم.
أبرز اعماله المسلسل التلفزيوني " المعلمة والأستاذ" فكان هو المعلم وهو الأستاذ.
بدأ مرعشلي حياته كـ"عامل خياطة" ومن ثم راح يرسم كهاو بإنتظار فرصته في التمثيل.
عمل في "إذاعة لبنان". وكان يقدم فترة بث مباشرمن الإذاعة، اضافة الى العديد من البرامج التلفزيونية. وكتب مجموعة من الاعمال المسرحية التي حملت اسمه، وشارك في الكثير من المسلسلات الكوميدية في «تلفزيون لبنان»، كما قدم الكثير من البرامج في محطات تلفزيونية عدة.
من اشهر البرامج التي قدمها في حياته، برنامج «اغاني ومعاني» التلفزيوني وكان ذلك في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم وشكل المرعشلي ثنائياً شعبياً مع الممثلة رلى حمادة وكانت في اول اطلالة حقيقية، قدم المرعشلي نفسه كاتباً وممثلاً في «اغاني ومعاني» وقدم رلى حمادة ممثلة كوميدية خفيفة الظل، وقد ظل يلاحقها طيف دورها التلفزيوني هذا فترة طويلة.
ومنذ ذلك الوقت بقي المرعشلي يكتب للتلفزيون ويعمل في تقديم البرامج وكتابتها حتى ما قبل ثماني سنوات تقريباً عندما توقف عن تقديم برنامج تلفزيوني من اعداد المخرج سيمون اسمر .
اشتهر مرعشلي بقيامه بالأدوار الكوميدية من خلال العديد من البرامج التلفزيونية، وربطته علاقات طيبة جداً مع عدد من المخرجين والكتّاب والممثلين المصريين. وفي الفترة التي هاجرت فيها السينما المصرية الى لبنان، كانت صورة مرعشلي في هذه الفترة حاضرة كبطل ثانٍ باعتبار البطولة الاولى كانت غالباً للمصريين.
ولكن العصر الذهبي له من حيث العطاء المميز، كان مع الراحل حسن علاء الدين (شوشو) في هذه الفترة نحت اسمه في المسرح اللبناني وفي المسلسلات الكوميدية حتى غدا اساساً من أسس مسرح شوشو.
بعد ذلك، بدأت موهبة التأليف تظهر عنده حيث كان يمتلك أفكاراً تصلح لأعمال فنية، وخصوصاً كتمثيليات كوميدية ومسلسلات ومنها "المعلمة والأستاذ" مع المرحومة هند أبي اللمع وقد نجح كثيراً بهذا الدور. كتب أيضاً مجموعة من الأعمال المسرحية التي حملت اسمه وشارك في العديد من المسلسلات الكوميدية في تلفزيون لبنان وقدم العديد من البرامج والأفكار في محطات تلفزيونية عدة.
أول وأهم مسلسل تلفزيوني له كان "إبراهيم أفندي" ويلعب فيه دور شرطي سير، يحب الفن، ويلتقي بنجومه، ويجبر المغنيين على تقديم وصلة لهم في الشارع، أو يكتبه ضبطاً. وقد كان هذا المسلسل الكوميدي من اخراج الياس أبو رزق باكورة الأعمال الفنية التلفزيونية الهامة حيث تم تنفيذه بتقنية جديدة على التلفزة باستعمال "جنريك كروما".
كما قام أيضاً بتنفيذ مسلسل "كابتن بوب" في تلفزيون L.B.C. وهو من وحي مسلسل ابراهيم أفندي الذي كان يختص بنجوم الأرض بينما "الكابتن بوب" فكانت تجرى احداثه في الفضاء، في الطائرة، بين أفراد الطاقم والركاب.
شارك مرعشلي في صناعة «نقابة الفنانين المحترفين» التي عاد فخرج منها، وفي برامجه التلفزيونية الكوميدية اطلق مواهب او أسهم في اطلاقها وشهرتها، كما أسهم في مساعدة كثيرين ممن قصدوه راغبين العمل في مسرحه او مسلسلاته.
وفي 15 أيلول 2004، توقف قلب "الكابتن بوب" عن الخفقان تاركا فراغا في الحياة الفنية اللبنانية بعد عطاء استمر لاكثر من 52 عاماً.
وأعلن في بيروت عن وفاته وعن عمر ناهز الـ 63 عاما اثر جلطة دماغية أقعدته في أحد مستشفيات بيروت أكثر من شهرين ونصف الشهر.
نعته نقابة الفنانين المحترفين في لبنان في بيان وصفته فيه بأنه «فنان شامل بفعل عطاءاته الابداعية كممثل وكاتب سيما في اطار الفن الكوميدي الذي حقق له موقعا لدى الجماهير في لبنان والعالم العربي سينمائيا ومسرحيا واذاعيا». شيع جثمان الفنان ابراهيم مرعشلي في مأتم رسمي وشعبي حاشد. حصل على وسام الارز اللبناني عن رتبة فارس الذي منح له ولأسف وهو في غيبوبته قبل وفاته.
يذكر أنه، قبل دخول هذا الفنان المبدع مستشفى المقاصد ترك مقعده في أحد مقاهي شارع الحمراء خالياً حتى الآن. حتى أن القدر الأسود لم يرحم رفيقه الفنان ماجد أفيوني "بلبل أفندي في الدنيي هيك " الذي شكّل معه ثنائي في المقهى المذكور، الذي تحول فيما بعد الى أشبه بنادي للثقافة والوحي لهما في الكتابة المسرحية التي دخلت قلوب الملايين.
ومع كل ذكرى للفنان الموهوب إبراهيم مرعشلي نتذكر دائماً قفشاته المسرحية اللاذعة التي كانت تحمل أبعاداً إنتقادية بناءة.