يحكم مجتمعنا الذكوري الشرقي على المرأة أن ترتدي رداء الضعف، ويحيطها بكل أنواع العنف الجسدي والمعنوي والنفسي ، ولكنها ما زالت تقاوم لتخلع ذلك الرداء القهري وتنتفض على الواقع المحتوم المفروض عليها وتثبت بأنها بقدر ما تحمل من أنوثة تحمل قوة كبيرة فنراها في ميادين الثورات ، على أهم المنابر ، في المناصب السياسية ، تقدم الفن .. وما زالت المرأة تناضل لتحصل حقوقها التي تسلب منها رغماً عنها، في أوطان جعلت من الرجال أسياداً ومن الأنثى كائناً تابعاً يكتفي بالأدوار الثانوية الخاضعة لمفهوم أنها سيدة منزل ومربية لأولادها فقط . وبالفعل قطعت المرأة اشواطاً في مشوار نضالها الصعب وما زالت مستمرة بالسعي لفرض وجودها القيم في كافة الميادين في المجتمع ، على أمل أن يأتي يوم ويعترف المجتمع بكل وعي بأنها كائن كامل كرمه الله بنعمة الأمومة ولكن زودها بعقل لا يقل مستوى عن عقل الرجال . وفي كل عام نحتفل بيوم المرأة العالمي لنلقي الضوء على أهمية المرأة وإنجازاتها التي تحققها .
وفي إطار الإحتفال باليوم العالمي للمرأة أقامت الإسكوا في 5 من الشهر الجاري "احتفالية بأصوات المرأة العربية" في بيت الأمم المتحدة في بيروت، بالتعاون مع مركز الموارد للمساواة بين الجنسين (أبعاد) .
قدمت الحفل الإعلامية رابعة الزيّات التي نوّهت في كلماتها المتفرقة التي ألقتها خلال التقديم بدور المرأة، لافتةً إلى أن التاريخ شهد على مرور سيدات مقاومات وثائرات "فالثورة مؤنث والبطولة مؤنث".
وكان لنا هذا الحديث الخاص معها .
رابعة كيف ترين وضع المرأة اليوم في مجتمعاتنا العربية ؟
كل سنة ترفع التوصيات وتخرج المقررات وتوضع في الأدراج فنحن نشهد مزيداً من العنف والتهميش والتمييز في حق المرأة في القوانين والحياة الإجتماعية والحياة الإنسانية ونشهد إنتهاكاً لحقوقها وكرامتها.
كيف تحثين المرأة وتشجعينها على عدم الإستسلام في سياق المطالبة بحقوقها؟
نحن نشهد اعمالاً وحراكاً في هذا السياق لكن هناك المزيد من العنف على كل الأصعدة وتحديداً بحق المرأة ، أريد ان أقول لها ، علينا أن نتحلى بالصبر ،والحكمة وأن نناضل ونكافح ونتسلح بالوعي والثقافة والعلم لأن هذا سلاحنا وليس لدينا سواه ، وإننا محكومات بالأمل وهذا الامل سيجعلنا نعمل ونتحدى لنصل للحفاظ على حقوقنا وإنسانيتنا.
ماذا تقولين للرجل الذي يتحمل مسؤولية في مجال إعطاء المرأة كافة حقوقها؟
في مجتمعنا الذكوري يساهم الرجل في تعنيف المراة والإنتقاص من كرامتها، لذا أريد أن اتوجه للرجل بالقول : "علينا أن نعمل معاً على الإرتقاء بالإنسانية لأن المرأة هي الأم التي أنجبتك وأم اطفالك وزوجتك وهي الأصل."
بدأ الإحتفال بعرض فيديو مصوّر لكلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تلته كلمة إفتتاحية للأمينة التنفيذية لمنظمة الإسكوا السيدة ريما خلف ورد فيها أن الإحتفال هو بإنجازات المرأة حول العالم ، خصوصاً في الدول العربية، مشددةً على ضرورة إزالة الإجحاف والتمييز ضدهن ، وتابعت :" نرفع صوتنا فخراً بنضال المرأة العربيّة. نضال يسير بنا نحو وطن عربي ملتزم بعدالة و مساواة وعيش كريم لكل إمرأة ولكل رجل."
وعبرت خلف عن تقديرها لدور المرأة العربية في الثورات والحركات المطلبية ودور مؤسسات المجتمع المدني العربية في النهوض بقضية المرأة.
وتجدر الإشارة إلى ان الحفل تم بحضور النائب الثاني للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيّدة لمى تمّام سلام .
وقد ألقت وزيرة المهجرين أليس شبطيني كلمة ، اعتبرت فيها أن العدالة والحق سيهزمان التمييز والإجحاف مهما طال الزمن .
ورأت شبطيني أن المراة ما زالت تعاني من القهر والتمييز وسلب الحق والإرهاب وهذا يؤثر سلباً على تقدم مجتمعاتنا، مؤكدة على ضرورة زيادة نسبة الوعي الإجتماعي الذي يحقق العدالة الأجتماعية ويؤمن للمرأة حريتها وحقوقها ، وتقدمت بأسمى آيات التقدير والإعتزاز للمراة اللبنانية والعربية في يومها العالمي ، ولم تنس شبطيني الورود على ذكر النساء اللواتي يتجمعن أمام مبنى الإسكوا ليطالبن بأولادهن المفقودين خلال الحرب.شاكرةً المنظمات العالمية على دعمها لقضايا المرأة .
وتحت عنوان "المرأة في صنع القرار في حالات السلم والحرب"، كان لعضو لجنة الحوار الوطني الليبي السيدة نعيمة جبريل كلمة ، اتت فيها على انتقاد وضع المرأة في مجتماتنا العربية فاستذكرت آلاف النساء تحت وطأة الاحتلال، والمئات معنفات وسبايا، ومنهن من يشهدن التعصب الديني والإرهاب الذكوري.
واعتبرت جبريل ان المرأة لم تعد الخاضعة والمطيعة التي لا يعول عليها، موضحةً ان مئات النساء عرفن طريقهن وغيرن صورتهن النمطية "ولا عودة إلى الوراء" .
كما اتت جبريل على ذكر المرأة "صانعة ومفجرة الثورات في تونس و مصر و ليبيا وسوريا واليمن من أجل القضاء على الاضطهاد وتحقيق الديمقراطية".
وبعد الكلمات القيّمة المذكورة اعلاه ، أطلّت الفنانة جاهدة وهبه لتضفي على الحفل اجواءً موسيقية راقية، حوّلت القاعة إلى غرفة أقفلت على حقبة من زمن الفن الأصيل ، وعلا صوتها ليدخل قلوبنا بتلك البحّة المميّزة الهادئة كالحلم، وانمزج هذا الصوت المرهف الحسّ بكلمات شعرية عميقة المعاني .
فغنت وهبه "بيروت" من شعر لميعة عباس عمارة، و"إذا هجرت" من شعر الحلاج ،و"يطير الحمام "من شعر محمود درويش، والقصائد الثلاث المذكورة هي ألحان جاهدة وهبه نفسها .
وكان لنا حديث خاص مع الفنانة جاهدة وهبه:
ما هي رسالتك للمرأة العربية اليوم ؟
رسالتي للمرأة ان تكون هي القدوة والرائدة وتعلي صوتها في وجه الإستبداد والعنف والظلامية ، وتكون الأم الملهمة والمثال الذي يحتذى به دائماً، وندعوها أن تكون فعالة في شتى الميادين في الثقافة خصوصاً لأن الثقافة تحمي المجتمعات.
ومن موقعك كفنانة ماذا تقولين للمرأة ؟
أقول ان الفن الأصيل يقدم ثقافة للمجتمع ، فالأخير يتقدم بفضل الفن الأصيل الذي يحمل في طياته الثقافة ، وأحيي كل الأمهات المضطهدات والمعذبات واهالي المفقودين أمهات الشهداء وأقول للمرأة كل عام وإنت بخير .
ما هي آمالك في مجال تحصيل حقوق المرأة في مجتمعنا العربي؟
أتمنى أن نصل ليوم لا نحتفل فيه بيوم المراة العالمي بل تصبح كل أيامنا أعياداً للمرأة ولا نعود بحاجة ليوم للإحتفال بها ونتوقف عن النظر للمراة نظرة دونية تصورها أنها أقل من الرجل .
ما هي مشاريعك الفنية الجديدة؟
أستمر في التحضير لمشروعي الذي زودت موقعكم سابقاً بتفاصيله وهو تعاوني مع شركة كومون برود لغناء وترجمة عدد من اغنيات الأسطورة اديث بياف إلى العربية واللبنانية، بالإشتراك مع شعراء مهمين فرانكوفونيين لبنانيين وعرب، وتولي الإشراف الفني ميشيل فاضل، هذا المشروع سيشارك في مهرجان مهم في لبنان ويسافر إلى أوروبا والعالم العربي .
كما أن هناك مشروعاً آخر بالتعاون مع الفنان ملحم زين حين سنغني كبار وعمالقة لبنان في دول عديدة، و أحضر ألبومي الجديد الذي يتضمن موضوعات باللغة المحكية اللبنانية .
وقد ألقت الشاعرة الفلسطينية الأميركية ليزا مجج قصيدتين شعريتين باللغة الإنكليزية what she said التي شرحت معاناة خوف الأمهات على أطفالهن تحت قمع الإحتلال وclaims التي تغنّت بالمرأة .
وعرض فيلم وثائقي للمخرجة ومنتجة الأفلام كارول منصور، أثر في نفوس الحاضرين حيث انه تضمن شهادات حيّة ، للعديد من السيدات من جنسيات مختلفة ، عن معاناتهن، في قضايا متعدّدة سواء في العنف، عدم مقدرتهن على إعطاء الجنسية لأولادهن ، التهجير بسبب الحرب، التمييز الجنسي..
وجعلنا الفيلم الوثائقي نبتعد عن وهم وصولنا إلى تحقيق أشواط متقدمة في سياق تحصيل حقوق المرأة ، ونعود لواقع مليء يالتهميش والظلم والإجحاف بحق النساء العربيات .
وختمت الإحتفال مديرة شعبة مركز المرأة في الإسكوا السيدة سميرة عطالله، بكلمة شكرت فيها كل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء، من بينهم منظمة أبعاد بشخص مديرتها غيدا عناني.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغط هنا .