وكانت حلقة أمس خاصة من "للنشر"، طغت مناسبة الميلاد على فقراتها المتنوعة بين محتفين بالعيد ومحرومين منه، لكنها دارت غالباً في أجواء ميلادية أردنا أن تنشر معها الكثير من بهجة العيد، أو تخفف من عذابات أناسٍ لطالما أحبهم المخلص الذي ولد لأجلهم، من هنا لم يقتصر الجديد في هذه الحلقة على المضمون بل طال الشكل أيضاً، هدايا وزعناها بأنفسنا إلى ثلاثة منازل جرى إعادة فرشها كاملة، وأخرى قام جمهور البرنامج بإرشادنا إلى مستحقيها، حيث ضاق الستوديو بالهدايا التي نُقلت مباشرة إلى المنازل.
أطفال المبرات الإسلامية افتتحوا الحلقة بأناشيد ميلادية، هي بادرة على بساطتها لها دلالات كثيرة، أقلها نشر روحية التآلف التي ننشدها بين الأديان، وانطلاقاً منها إلى عامة الناس في زمن التكفير ونبذ الآخر، بادرة نتمنى أن تتعمم على الكبار لأننا بأمس الحاجة إليها اليوم قبل الغد..
إلى السيدة نجوى من بلدة راشيا التي تعاني من قصورٍ في مادة الأوكسجين، ما يُلزمها بالبقاء في منزلها إلى جانب زجاجة الأوكسيجين، وسيلتها الوحيدة للبقاء على قيد الحياة... هذه السيدة بحاجة لعملية طارئة في إحدى مستشفيات فرنسا للانتصار على المرض، ولتصبح حياتها كحياة أفراد أسرتها الذين تحلقوا حولها دون أن تكون لديهم القدرة المادية على إنقاذها.. نجوى بقيت معنا طيلة الحلقة بانتظار تبرعات أهل الخير والتي ستسمر طيلة الأسبوع لجمع مبلغ 110 آلاف دولار، جرى جمع ربعه من خلال اتصالات هذه الحلقة.
أن تصل متأخراً خير من ألاَّ تصل أبداً، مقولة تنطبق تماماً على صدور قانون للاستشفاء المجاني لمنتسبي النقابات الفنية في لبنان، هذا القانون الذي طال انتظاره من قبل فناني لبنان والذين قضى الكثيرون منهم على أبواب المستشفيات بسبب سوء أحوالهم المادية... ونحن نستذكرُ حالاتٍ كثيرة من هؤلاء بدءاً بشفيق حسن (الدروندي) ووصولاً إلى آماليا أبي صالح (الست بدور) استقبلنا صاحب اليد البيضاء في إصدار القانون وائل أبو فاعور لمزيدٍ من الإضاءة عليه، وبحضور نقيب الممثلين جان قسيس والفنان المخضرم صلاح تيزاني.
على كرسيه المدولب الذي يرافقه منذ تعرضه لحادثِ سيرٍ قلب موازين حياتِه، سعى شادي (الشاب الجامعي الطموح) للعمل ضمن اختصاصه الجامعي كخريجٍ لفرعِ التسويق marketing لكن دون جدوى، وكالعادة كان فريق عملِ "للنشر" هو الملاذ حيث حاولنا بجهد ولأسابيع ماضية إيجاد وظيفةٍ تتناسب مع واقع شادي الجديد ولا تحد من طموحاته، فكان أن
نجحنا بذلك.. موقعِ "ملحق" الإخباري منح شادي الفرصة المناسبة، على أمل أن ينجح هو الآخر في القيام بمهام وظيفته الجديدة على أكمل وجه.
جميلة سيدة مسنة تعيش هاجسَ طردها من منزلها في كفرذبيان، بعدما فقدت زوجها في أول قرارٍ بالطرد ووضع اليد على المنزل من قبل الدير (المالك الرسمي للمنزل) الزوج لم يحتمل الصدمة يومها، أما مصير جميلة اليوم، والتي لا تطلب أكثر من بقائها في المنزل حتى تموت فيه وهي اليوم في أرذل الأعمار، فما يزال بحاجة إلى قرار من الدير للرحمة ببركة الميلا فهل سيتم التجاوب مع ندائنا، قضية ستكون برسم المتابعة من فريق للنشر .
ساندرو ضحية أخرى هو ابن لزوجين مطلقين يعيش كل منهما حياته الجديدة، بينما لا يحلم هذا الطفل (ابن الثماني سنوات) بأكثر مندخول المدرسة والعيش بكرامة في ظل عائلة يشعر معها بأنه في أمان، فريق للنشر تتقدمه الإعلامية ريما كركي قام بما يلزم لإعادة ساندرو إلى مقعدِه الدراسي، كخطوة لا بد منها، بانتظار أن يلتفت إليه من هم أولى برعايته والاهتمام ببقية تفاصيل حياته.
بعد أربع سنوات من زيارتنا لهم ها هم نزلاء المصحة العقلية والنفسية في الفنار معنا مجدداً لنعرف كيف يستقبلون أعيادهم، وعيد الميلاد بوجه خاص وهم المهمشون والمنسيون منذ عشرات السنين بين جدرانٍ تفتقد إلى دفء العائلة بالرغم من كل العناية التي تحيطهم بها إدارة المستشفى، لأن دفء الأهل، دفء الأب والابن والأم والزوج أو الزوجة لا يمكن تعويضه، بين الإطلالة الماضية والإطلالة الجديدة سجلنا أكثر من صرخة على ألسنة تتهم بالجنون لكنها غالباً ما تنطق بالحكمة.
ولأن الهدايا الموجودة بعهدتنا يجب أن تصل إلى أصحابها المفترضين، اضطررنا لتمديد الحلقة لساعة إضافية متجاوزين الوقت المحدد، حيث تحول أستوديو للنشر إلى غاليري للمفروشات والهدايا قبل أن يتم إفراغه وتوزيع كل محتوياته على المستحقين بشهادات معارفهم، وهنا كنا أمام فرحتين: فرحة متلقي الهدية بهديته، التي كان بأمس الحاجة لها، وفرحة المتصل الذي يقدم الهدية لشخص يعرفه وهي برأينا فرحة العطاء التي لا تقل شأناً.
