كرم خادم إحدى الرعايا الكنسية بميدالية "تتويج الملك تشارلز الثالث"، ما هو حدث استثنائي، وهذه الميدالية التي تمنح كوسام رفيع المستوى للمساهمين في المجتمع الكندي في مجالات العمل الإجتماعي والتطوعي، تقديرًا لمساهماتهم، والتأثير العميق الذي أحدثوه في مجتمعاتهم ومقاطعتهم، وهي من الميداليات النادرة لأنها التي تمنح لمرة واحدة.
الأب إيلي يشوع ليس ببعيد عن أبناء رعيته، ولا عن أبناء طائفته، ولا عن أي طارق باب، فهو القريب من الجميع، ويتمتع بكل مواصفات الإنسانية والعمل التطوعي، ما ساهم وبجدارة، في نيله هذه الجائزة التكريمية، التي خصّته بها النائبة في البرلمان الكندي آني كوتراكيس.
وفي كاتدرائية مار افرام السرياني، أقيم حفل تسليم الميدالية، الذي أقيم بعد القداس الإلهي الذي احتفل به راعي أبرشية كندا للسريان الكاثوليك المطران بول أنطوان ناصيف، يعاونه راعي أبرشية كندا للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميلاد الجاويش، والأب المكرم إيلي يشوع، ولفيف من الكهنة والشمامسة، وبحضور النائبة في البرلمان الكندي آني كوتراكيس، النائبة في البرلمان الكيبيكي صونا لاكويان أوليفييه، رئيس بلدية لافال ممثلاً بالسيدة ألين ديب، عضوي البلدية ساندرا الحلو وراي خليل، رئيس حزب المعارضة عضو بلدية سان لوران عارف سالم، ممثلين عن الأحزاب اللبنانية والجمعيات والمؤسسات، وحشد من ابناء الرعية ومن محبي الأب يشوع.
بدأ الاحتفال التكريمي، بعد القداس الإلهي، برسالة وجهها بطريرك أنطاكية للكنيسة السريانية الكاثوليكية البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان جاء فيها:
"من لبنان، الذي يتوق إلى السلام، أبعث إليكم بأطيب التحيات لكم ولمقامكم الكريم، وذلك في هذا الأحد الثاني من الصوم المقدس، راجين أن نسير جميعًا بسلام نحو القيامة المجيدة لمخلصنا وفادينا يسوع المسيح.
يسرني أن أعلم أن أبينا العزيز، راعي كاتدرائية القديس إفرام في لافال، الأب إيلي، سيتم تكريمه بوسام تتويج جلالة الملك تشارلز الثالث، وذلك من قبل السيدة آني كوتراكيس، نائبة دائرة فيمي، وذلك عقب القداس الإلهي الذي ستترأسونه يوم الأحد 9 مارس.
أرجو منكم أن تنقلوا أحرّ التهاني للأب إيلي، مع أصدق عبارات الشكر والتقدير للسيدة النائبة.
أسأل الله أن يوفق الأب إيلي وسائر الكهنة في أبرشيتكم لمواصلة خدمتهم لإخوتهم وأخواتهم بمحبة خالصة وغير مشروطة للرب، وبإخلاص صادق للكنيسة المقدسة، لينشروا دائمًا السلام والفرح على الأرض".
وتوقف المطران ناصيف في كلمته عند هذا الأحد الذي نتذكر فيه مرضى الجذام، فنحن مجتمعون للاحتفال ليس فقط بقوة الشفاء والتطهير التي أتى بها يسوع، بل أيضًا لتكريم ذكرى القديس أفرام السرياني، هذا الشاعر الكبير وعالم اللاهوت في الكنيسة السريانية الذي تستمر حياته وكتاباته في إلهام إيماننا وروحانيتنا.
فقصة شفاء الأبرص تذكرنا أنه كما كان هذا الرجل مهمشًا ومرفوضًا، نحن جميعًا بحاجة إلى لمسة الشفاء من المسيح. الأبرص في عزله يمثل حالتنا الإنسانية التي غالبًا ما تكون جريحة وضعيفة وتبحث عن التطهير. لكن كما سمعنا في الإنجيل، يسوع لا يكتفي بالشفاء عن بُعد، بل يلمس الأبرص، محطمًا بذلك الحواجز المتعلقة بالنجاسة والاستبعاد. هذه اللمسة من الرحمة تُظهر لنا أن الله لا يتركنا في بؤسنا، بل يأتي لملاقاتنا ليعيد لنا الكرامة والحياة.
اليوم، يكتسب هذا الاحتفال دلالة خاصة، حيث يسرنا أن نرحب بضيوفنا الكرام الذين يشهدون على وحدة وأخوة مجتمعنا. نحن في غاية الفرح لاستقبال صاحب السيادة المطران ميلاد الجاويش الذي تفضل مشكورًا بالمشاركة في هذه المناسبة السعيدة. وجوده بيننا هو شهادة رائعة على الأخوة، ووحدة الكنيسة، وعلى تعميق شركتنا في الإيمان. ونحن أيضًا سعداء للغاية لاستقبال السيدة النائبة أني كوتراكيس، التي من خلال لفتة كريمة وعرفان، قامت بمنح ميدالية الملك تشارلز الثالث لأبينا العزيز إيلي. هذه اللفتة النبيلة لا تشهد فقط على التقدير الشخصي، بل تحتفل أيضًا بإلتزام وتفاني مجتمعنا كله في خدمة الله وإخوتنا وأخواتنا.
في هذا الأحد الذي يختبرنا، وفي هذه المناسبة الخاصة، نطلب من الرب أن يطهرنا ويشفينا، وأن يوحدنا أكثر في المحبة والعمل الخيري. نطلب أن تظل رعيّتنا مكانًا تظهر فيه يد يسوع من خلال أعمالنا من الرحمة والتضامن. ونسأل أن يُلهمنا هذا الأحد المبارك والشفاء الذي ناله الأبرص لنعترف جميعًا بحاجتنا إلى الله، وأن يعزز هذا الاحتفال التزامنا في أن نعيش كتلاميذ للمسيح، شاهدين على محبته في العالم.
وشكرت أني كوتراكيس في كلمتها الحضور مثنية على هذه المناسبة التي تحمل أهمية خاصة ومما قالته :
"نحن مجتمعون هنا للاحتفاء بالاستحقاق والالتزام والخدمة، وهي قيم أساسية تقوم عليها مجتمعاتنا وتستحق التكريم.
ميدالية تتويج الملك تشارلز الثالث، التي أُنشِئت في عام 2023، تُعد وسامًا مرموقًا ورمزًا للتقدير لأولئك الذين يساهمون بجهودهم وأعمالهم في تحقيق الخير العام. يتم منحها للأشخاص الذين قدموا إنجازات بارزة لوطنهم أو مقاطعتهم أو مجتمعهم، وهي تكافئ رجالًا ونساءً استثنائيين أحدثوا بفعل التزامهم وشغفهم فرقًا حقيقيًا في حياة الآخرين.
اليوم، لدينا الامتياز الكبير لتكريم رجل تميز مساره بالإيمان والمعرفة والخدمة: الأب إلياس (إيلي) يعقوب.
الأب يشوع هو نموذج للإيمان والعلم والخدمة. رُسم كاهنًا عام 2015 تحت إشراف الإكسرخسية الرسولية للسريان الكاثوليك في كندا، وهو دعامة روحية للعديد من الأشخاص. وخدمته في كاتدرائية القديس أفرام في لافال ومهمة القديس مرقس في شيربروك تُجسد التزامه الثابت تجاه مجتمعه.
لكن تميزه لم يقتصر على خدمته الكهنوتية، فقد كان مساره الأكاديمي مثيرًا للإعجاب، حيث تلقى تكوينًا لاهوتيًا معمقًا في الكلية الحبرية للاهوت في لبنان، ثم عززه بدراسات إضافية في مونتريال. هذه الخبرة اللاهوتية الواسعة، إلى جانب قدرته الكبيرة على نقل المعرفة، جعلت منه مرشدًا روحيًا مستنيرًا ومعلّمًا مُلهِمًا.
إلا أن التزامه لا يتوقف عند هذا الحد، فالأب يشوع يتمتع أيضًا بخبرة متميزة في مجالات مثل المالية والمحاسبة والقانون الكنسي. فبصفته مستشارًا في المحكمة الكنسية للسريان الكاثوليك في كندا، سخّر مهاراته لخدمة العدالة والخير العام، مقدمًا خبرته للمؤسسات الكنسية.
متعدد اللغات، مثقف، رجل إيمان وعقل، يجسد بأروع صورة قيم الحكمة والرحمة والخدمة. واليوم، من خلال هذه الميدالية، نكرّم ليس فقط جهوده الدؤوبة، بل أيضًا الأثر العميق الذي تركه في حياة الكثيرين.
لذلك، وبكل فخر وامتنان، نقدم له ميدالية تتويج الملك تشارلز الثالث، تقديرًا لالتزامه الاستثنائي وتفانيه المثالي".
وعبر الأب إيلي عن امتنانه العميق للنائبة الفيدرالية السيدة آني كوتركيس ولمكتب الحاكم العام لهذا الشرف العظيم مؤكداً أن استلامه لميدالية تتويج الملك تشارلز الثالث ليس مجرد تكريم شخصي، بل هو تقدير لالتزامه ككاهن يخدم في رعية القديس أفرام.
وأشار الأب إيلي إلى أن هذا التكريم هو أيضًا اعتراف بالعمل الرائع الذي يقوم به جميع أفراد الرعية، من لجان ومجلس إداري، إلى أبناء وبنات الكنيسة الذين يشاركونه هذا التقدير. وأضاف أن الجميع يعملون تحت رعاية أسقف الأبرشية، المطران بول أنطوان ناصيف، بإيمان وتفانٍ من أجل خير المجتمع، والمساهمة في ازدهاره واندماجه العميق في كندا.
وأكد يشوع أن التزام كل فرد في خدمة الكنيسة والمجتمع هو ما يمكنهم من تحقيق رسالتهم ونشر القيم التي تتماشى مع القيم الكندية أيضًا، متمنيًا أن يكون هذا التكريم مصدر إلهام للجميع لمواصلة خدمتهم بمحبة وتواضع.
وأعرب الأب إيلي عن امتنانه العميق لله على النعم التي أغدقها عليه، معتبرًا أن هذه البركات تأتي بفضل العناية الإلهية التي تعطي أكثر مما نستحق. كما وجّه شكره العميق للبطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان، الذي اتصل من لبنان لتهنئته ومنحه بركته الأبوية، مشيرًا إلى دوره الأساسي في دعوته الكهنوتية ،كما توجه بالشكر لسيادة المطران مار بولس أنطوان ناصيف على ثقته ودعمه ولسيادة المطران ميلاد الجاويش على حضوره ومشاركته ودعمه الذي يعكس قلبًا محبًا ومتواضعًا، والى عائلته التي كانت ولا تزال السند الأساسي في حياته، ذاكرًا والده الغائب الحاضر في قلبه، كما خص بالشكر زوجته وأولاده الذين يدعمونه بصمت ويشاركونه رسالته الكهنوتية بكل محبة وتفانٍ.
وتوجه الأب إيلي بالشكر والتقدير لجميع الشخصيات المرموقة والضيوف الكرام على حضورهم ودعمهم الملهم، معربًا عن اعتذاره في حال ورد أي خطأ في الأسماء أو التفاصيل. كما عبر عن سعادته بمشاركة الجميع في الاحتفال بعيد القديس أفرام، شفيع الكنيسة، وتكريم هذه المناسبة بحضورهم.
وخص بالشكر السيدة آني كوتراكيس، النائبة الفيدرالية عن دائرة فيمي، مثنيًا على دعمها المستمر واهتمامها بالمجتمع. وأشاد بإصغائها الدائم، وحضورها المستمر، والتزامها بخدمة الآخرين، مشيرًا إلى أنها تمثل نموذجًا للسياسيين المخلصين الذين يعملون من أجل خدمة مجتمعاتهم.
وختم كلمته بالتأكيد على أن استلامه لهذه الميدالية بفضل دعم النائبة كوتراكيس هو نعمة وحافز لمواصلة رسالته بعزيمة وتواضع أكبر، داعيًا الله أن يباركها ويمنحها القوة لمواصلة خدمة الآخرين بحكمة وإنسانية.