تصادف اليوم ذكرى ميلاد الممثل السوري عبد الرحمن آل رشي الذي يعد واحداً من أهم عمالقة الفن السوري والعربي، الذين واكبوا انطلاقة الدراما التلفزيونية منذ بداياتها في الستينيات.
هو من مواليد عام 1934، نشأ وسط أسرة شديدة الالتزام وكان معظم أفرادها يرون أن العمل في المجال الفني خطيئة كبرى تستوجب العقاب.
ظل حلم دخول عالم التمثيل يداعب خياله حتى توفي والده عام 1955، وبعد ذلك قرر أن يحوِّل حلمه الكامن بداخله إلى واقع ملموس فطرق أبواب الاستديوهات واقترب من المبدعين بحثاً عن فرصة يعبر من خلالها إلى الجمهور.
وفي الستينيات انطلقت الدراما السورية ووجد عبدالرحمن طريقه وساعده على الظهور أمور كثيرة، منها أنّه يمتلك الموهبة الحقيقية ويجيد الحديث باللغة العربية الفصحى بشكل دقيق وصوته جهوري ومميز إلى حد كبير.
وتميز بعشقه للغة العربية الفصحى، وإجادته التحدث بها في الأعمال الدرامية والمسرحية والإذاعية بشكل متميز، فهي منحته الثقافة والأسلوب والأداء المتقن، كما يذكر في أحد حواراته.
وقد كان لرخامة صوته وتميزه دور أساسي في استقطاب عدد كبير من المعجبين بأعماله في الإلقاء، مما كان له دور مهم في نقل صوته إلى العالم العربي.
ولد يوم 7 أيلول/سبتمبر عام 1934 في دمشق، بدأ مسيرته الفنية عام 1957، وقدم الكثير من الأعمال المهمة في السينما والتلفزيون، وهو عضو مؤسس في نقابة الفنانين السوريين.
حضر عبد الرحمن آل رشي لدى المشاهد العربي، بوصفه ممثل ذا كاريزما خاصة وبذكريات عقود من التمثيل وبنبرة صوته الجهوري المميز، وبأدائه المتقن حتى في أعماله التي قام بها وقد جاوز الثمانين.
وقدّم أكثر من مئة عمل بين السينما والتلفزيون والأدوار المميزة في الدراما السورية، وقد نقشت في أذهان المشاهدين.
في أحد لقاءاته تحدث في مذكراته أنه أحب دخول مجال الفن في فترة الخمسينيات، وقال عبد الرحمن آل رشي: "أيام كانت ليالينا بلا كهرباء، فأتاني التهديد من الأهل بالتبرؤ مني حيث المسموح هو تجويد القرآن فقط، كنت أخاف من والدي كثيراً فتحولت عن الفكرة ولم أدخل مجال التمثيل، إلا بعد وفاته وكان ذلك من خلال النادي الشرقي عام 1955".
وتدرج عبر النادي الشرقي من المسرح إلى الإذاعة والتلفزيون والسينما، لتماثل تجاربه قضايا كل الناس بتناقضاتها، وعاش تجارب حياتية مختلفة.
ومن أبرز أعماله
"مذكرات حرامي" 1968
"حارة القصر" 1970
"راس غليص" 1976
"الخنساء" 1977
"سيف بن ذي يزن" 1982
"نور الدين الزنكي" 1984
"البركان" و"غضب الصحراء" 1989
"نهاية رجل شجاع" و"جواهر" 1994
"القيد" 1996 و"أخوة التراب" 1996
"العبابيد" و"أيام الغضب" 1997
"الطير" 1998
"أنشودة الأمل" 1999
"الخوالي" 2000 و"صلاح الدين الأيوبي" 2001
"هولاكو" و"زمان الوصل" 2002
"بقعة ضوء" بأكثر من جزء، بدءاً من الجزء الثاني 2002
"أهل المدينة" و"طيور الشوك" 2004
"أنا وأربع بنات" و"ملوك الطوائف" و"الظاهر بيبرس" 2005
"باب الحارة" 2006
"بيت جدي" و"غفلة الأيام" و"أهل الراية" 2008
"صدق وعده" 2009
"القعقاع بن عمرو التميمي" و"الدبور" 2010
"رجال العز" و"قمر شام" و"في حضرة الغياب" 2011
واختتم مسيرته الفنية بتجسيد شخصية "أبو سالم" زعيم حارة "الشاغور" في مسلسل "الغربال"، ليكون آخر أدوار عبد الرحمن آل رشي، والذي نحت مسيرة فنية كرسته بوصفه أحد أهم أعمدة الدراما السورية والعربية، وواحداً من أشهر الممثلين العرب في العقود الأخيرة.
ومن أفلامه السينمائية: "الصعاليك" 1968 و"رجال تحت الشمس" 1970 و"الثعلب" و"واحد + واحد" 1971 و"المخدوعون" 1972 و"المطلوب رجل واحد" 1973 و"اليازرلي" 1974 و"الفخ" 1979 و"مجنون ليلى" 1989 و"حلاوة الروح" 2008.
في بداية حلمه كان يعشق عبد الرحمن آل رشي الغناء ويميل إلى الموسيقى، وغنى عدة أغانٍ تنتمي إلى ما تعرف بالأغاني الوطنية، وتظل أغنيته "أنا سوري آه يا نيالي" في ذاكرة كل السوريين.
وعن تجربته الغنائية قال: "جميل أن يكون الوطن مسكوناً في ذاكرتك وعواطفك حتى في سن متقدمة، اليوم وقد تجاوزت الثمانين ما زال المخرجون والمنتجون للأغاني الوطنية يدعونني للعمل معهم في مشاريع وطنية".
رحل في دمشق يوم 12 نيسان/أبريل عام 2014، حيث وافته المنية في منزله عن عمر ناهز الـ 83 عاماً، بعدم أن كان يعاني من مشكلة بالجهاز التنفسي، دخل إلى المستشفى بسببها عدة مرات.
في عام 2011 أعلن عبد الرحمن آل رشي تبرؤه من إبنه الممثل محمد آل رشي، بعدما شارك بمظاهرات ضد النظام السوري في حي القابون الدمشقي، وألقى كلمة اتهم فيها الإعلام السوري بالكذب.
قدّم عبد الرحمن آل رشي أعمالاً صوتية شعرية تتغنى بالشام، وعدداً من الأغنيات الوطنية، منها "أنا سوري آه يا نيالي"، والأوبريت الوطني "كل شي تدمّر رح يتعمّر" برفقة عدد من نجوم الطرب والغناء والفن.