أحدث أستاذ الرياضيات وي دونغي، حالة من الجدل والإعجاب في آن، بعد ظهوره المفاجئ على منصات التواصل الاجتماعي، في خطوة لم تكن متوقعة من شخصية أكاديمية عُرفت بعزلتها وابتعادها عن الأضواء.

وخلال خمسة أيام فقط، تجاوز عدد متابعيه حاجز 23 مليون شخص، رغم أنه لم ينشر سوى فيديو واحد قصير لا يتعدى بضع ثوانٍ.
وي، البالغ من العمر 33 عامًا، يعمل أستاذًا مساعدًا في جامعة بكين، ويُعرف عنه التفرغ شبه التام للأبحاث والتدريس، إلى درجة أنه نادرًا ما يستخدم الإنترنت ويفضل قضاء أوقاته في الإستماع إلى الإذاعة بدلًا من تصفح الهواتف الذكية. لكن هذا الهدوء الأكاديمي لم يمنع من أن يتحوّل إلى ظاهرة رقمية، خاصة بعد تداول صور قديمة له يظهر فيها بملابس بسيطة ومظهر متقشف، ما أثار فضول الجمهور الصيني ووصفوه بـ"عبقري الظل".
المفاجأة الأكبر لم تكن في عدد المتابعين بل في التفاعل العاطفي معهم، حيث أطلق كثيرون دعوات للاهتمام بوضعه الصحي بعد أن لاحظوا نحوله الشديد وبعض علامات التعب في ملامحه. البعض ذهب بعيدًا لاعتباره "كنزًا وطنيًا" يجب حمايته، بينما دعا آخرون لتركه وشأنه، محذرين من أن الشهرة قد تزعج توازنه النفسي الدقيق، وفي توضيح لاحق من أفراد أسرته، تبين أن الحساب الجديد تم إنشاؤه بموافقته، لكن دون نية منه للانخراط في التفاعل اليومي أو صناعة المحتوى، بل فقط لمشاركة أفكار ومفاهيم رياضية مع المتابعين.
وي دونغي ليس اسمًا عاديًا في المجتمع الأكاديمي الصيني. فقد أظهر موهبة رياضية نادرة منذ طفولته، وفاز بميداليات ذهبية كاملة في أولمبياد الرياضيات الدولي خلال دراسته الثانوية. وعند بلوغه الثامنة عشرة، قدّم للعالم صيغة رياضية جديدة تُستخدم في فهم حركة الموائع، عُرفت لاحقًا بـ"متباينة وي"، وأثارت اهتمام كبار الباحثين في مجاله.
رغم العروض السخية التي تلقاها، من جوائز ومناصب وجامعات دولية، إلا أنه اختار أن يبقى في الصين، رافضًا حتى مكافأة مالية مرموقة من إحدى الأكاديميات، مؤكدًا أنه لا يسعى وراء المال بل إلى تكريس حياته للعلم، ولو في صمت.
ظهور وي على الإنترنت قد لا يكون محاولة لاقتحام الشهرة، بقدر ما هو فرصة نادرة ليُصغي العالم إلى صوت رياضي هادئ، قرر أخيرًا الخروج من الظل ولو للحظة.