يؤكّد الأطباء أهمية اختيار الطعام المناسب للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، خصوصًا أولئك الذين يواجهون مضاعفات ناتجة عن هذه الحالة الصحية.
ويحدث السكري عندما ترتفع مستويات الغلوكوز في الدم نتيجة اضطراب في إنتاج أو فعالية الإنسولين، فعلى الرغم من أنّ الغلوكوز يُعدّ المصدر الأساسي للطاقة في الجسم، إلا أن تنظيم مستوياته في الدم هو أمر بالغ الأهمية، ويتم هذا التنظيم من خلال هرمونين يفرزهما البنكرياس: الإنسولين والغلوكاجين.
الإنسولين يعمل على مساعدة الخلايا في امتصاص الغلوكوز، إما لاستخدامه كمصدر فوريّ للطاقة أو لتخزينه على شكل غليكوجين من أجل استخدامه لاحقًا. أما الغلوكاجين، فهو يعمل بصورة معاكسة؛ إذ يُحفّز الكبد على تحويل الغليكوجين المخزن إلى غلوكوز، ثم إطلاقه في الدم للحفاظ على توازن مستويات الطاقة بين الوجبات.
لكن في حالات الإصابة بالسكري، يُعاني الجسم من خلل في هذا النظام؛ حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الخلايا المنتجة للإنسولين وتدميرها، مما يؤدي إلى انخفاض مستوياته. في بعض الحالات الأخرى، تُصبح الخلايا أقل استجابة لتأثير الإنسولين، ما يدفع البنكرياس لإنتاج كميات أقل منه، فيتراكم الغلوكوز في الدم عوضًا عن دخوله إلى الخلايا، وبالتالي يرتفع معدل السكر في الدم.
ولتفادي هذه المضاعفات، من الضروري الابتعاد عن أطعمة غنية بالكربوهيدرات والسكريات، والتركيز على أنواع أخرى من الأطعمة التي يمكن تناولها باعتدال دون أن تسبب ضررًا. ومن بين هذه الخيارات الصحية، نذكر ما يلي:
- الخضروات الورقيّة
تتميّز هذه الخضروات باحتوائها على كمية كبيرة من الألياف والفيتامينات، بالإضافة إلى قلة الكربوهيدرات القابلة للهضم، ما يجعل تأثيرها على مستوى السكر في الدم محدودًا.
كما أنها مصدر جيّد للمغنيسيوم، الذي يساهم في تحسين فعالية الإنسولين، ومضادات الأكسدة مثل اللوتين التي تساهم في حماية صحة العينَين.
تساعد الألياف الموجودة في هذه الخضروات على إبطاء امتصاص الغلوكوز، ما يقلّل من خطر ارتفاع مفاجئ في السكر بعد تناول الطعام.
- الأسماك الدهنيّة
تُعدّ من أهم المصادر لأحماض أوميغا 3 الدهنيّة، التي تلعب دورًا في تعزيز وظيفة الإنسولين، وتُقلّل من احتمالات الإصابة بمشكلات في القلب والأوعية الدموية المرتبطة بداء السكري.
- الحبوب الكاملة
تُبقي الحبوب الكاملة على قشرتها الخارجية، وهي غنية بالألياف والعناصر الغذائية، بعكس الحبوب المكرّرة التي تُجرَّد من هذه المكونات.
تُساعد الألياف، وخصوصًا القابلة للذوبان، على إبطاء عملية الهضم وامتصاص الغلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي وليس مفاجئًا في مستويات السكر، كما أن هذه الحبوب تمتلك مؤشرًا غلايسيميًا منخفضًا مقارنةً بمنتجات مثل الخبز الأبيض أو الأرز الأبيض.
الكينوا والشعير مثالان بارزان على حبوب غنيّة بالبروتين والألياف، توفّران طاقة مستمرة، وقد أظهرت الدراسات أن تناول الحبوب الكاملة بانتظام يساعد في تحسين التحكم في السكر وتقليل مقاومة الإنسولين.
- البقوليّات
تشكّل البقوليات خيارًا فعّالًا لضبط مستويات السكر في الدم، إذ تحتوي على كميات كبيرة من الألياف والبروتين النباتي، ما يساهم في إبطاء الهضم والحد من ارتفاع السكر بعد الأكل.
إضافة إلى ذلك، تتميّز البقوليات بمؤشر سكّر منخفض، وقد أظهرت الأبحاث أنها تُحسّن معدّلات الهيموغلوبين السكّري (A1C) عندما تدخل بانتظام في النظام الغذائي لمرضى السكري.