سباق رمضاني جديد، خاضت فيه الممثلة المصرية مي عمر منافسة شرسة إنطلاقاً من الأعمال التي عرضت، ومحاولة الحفاظ على النجاحات التي حققتها سابقاً خاصة مسلسل "نعمة الأفوكادو"، الذي فاز خلال حفل "جوي أوورد" عن فئة المسلسل المصري المفضل، فدخلت عمر المنافسة بشغف، سعياً منها للصمود في القمة وتقديم نجاح جديد يضاف إلى مسيرتها الفنية الحافلة ضمن فئات جيلها.
مي عمر ممثلة الجيل الحالي، قدمت اليوم مسلسل "إش إش"، الذي يحمل العديد من القصص الحزينة المترابطة،بين الماضي والحاضر، فسخرت تعابير وجهه في خدمة مشهدها، أو كما يقال ، رسمت المشاهد في ملامحها بين الفرح والحزن، الفقر والحاجة، الحب والكره، هي تلك المرأة البسيطة التي تمتهن الرقص والتي تسعى إلى الإنتقام، فكانت "طيبة قلبها وصدقها " أهم حواجز تعثرها للقيام بهذه الخطوة، مي عمر كما هي العادة قدمت الدور بكل حرفية، وكانت إبتسامتها "سر" دخولها ليس إلى المنازل فقط بل أيضاً لتتربع في قلوب محبيها بكل ثقة.
أما بالنسبة للرقص، فكما سبق وذكرنا خلال ضمن العديد من الأخبار، فقد تم إنتقاء المشاهد "المناسبة" لكافة الأجيال، فإبتعدت كل البعد عن الحركات التي تخدش عين المشاهد، وقدمت الرقص على أساس الفن والموهبة والعمل، لتنفي بمشاهدها كل الأقاويل التي حاولت أن تطال مسار القصة وهدفها الأساسي، قتمكنت من تجاوز كل العقبات بخبرتها، وللتذكير فإن العديد من المسلسلات التي يتم طرحها ضمن السباق الرمضاني، تحمل أحياناً بعض الأمور "الرقص، الحفلات، الخمر"، وذلك للإضاءة على الأمور الصحيحة والخاطئة منها فقط.
إنطلاقاً إلى الممثل المصري ماجد المصري، الذي أخذ شخصية الرجل "الفاسد" عديم الرحمة ، القاسي القلب، الذي تعمد تجاوز كل الخطوط الحمراء للوصول إلى أهدافه حتى ولو كلف هذا الأمر حياته وحياة من حوله، كانت نقطة ضعفه تكمن في قلبه، فظهر التغير بنسة 100% بين الشخصيتين، الأولى من دون حب، والثانية التي سيطر "الحب" فيها على كل حياته، إلا أن العبرة كانت أن "الطبع يغلب التطبع"، فما كان منه إلا أن تخلى عن حبه وإبنه وشقيقه في محاولة للهروب من تحقيق العدالة، فكان الشر مسيطراً، وهدف هذا الأمر ، لجعل المشاهد يبتعد عن التعلق بالشخصية "القاسية"، ويتضامن مع الحق، الذي تجلى مع نهاية المسلسل، بنجاة كل الأشخاص الذين قاتلوا في الحياة للعيش "بصدق".
ماجد المصري أثبت مجدداً إحترافه الذي يرافقه دائماً، وحضوره هو اللمسة اللامعة في خبايا القصة.
الممثلة إنتصار "إخلاص كابوريا" كانت محور القصة "فهي تلك المرأة التي تم خداعها سابقاً"، والتي ضحت بكل ما تملك من أجل إبنتيها ومن أجل الحفاظ على العائلة، وجدت نفسها تخوض صراعها السابق ولكن هذه المرة، كانت إحدى إبنتيها هي التي تخوض غمار التجربة ، ورغم تحذيرتها المستمرة لـ "إش إش" قررت الأخيرة عدم الإستسلام للشر، والمكافحة من أجل تحقيق العدالة مرسخة فكرة جديدة "حتى الفقراء لهم الحق بإنتزاع حقوقهم من كل شخص يسلبهم حق الحياة"، والفقر لن يكون عثرة أمام أصحابه، فكانت كابوريا "هي الحجر الأساس"، الذي تبدأ به القصة وتنهي معه.
إنتصار إقتيست الشخصية بمهارة وصوتها الجذاب أضاف لهذه الشخصية رونقاً.
بالنسبة إلى إدوارد فكان حبه للمال هو الركن الأساسي الذي بنى حياته عليه، لم تتغير شخصيته كثيراً بين الماضي والحاضر، بل بقي متمسكاً بحب نفسه، متخلياً عن عائلته، حتى في اللحظات الحاسمة التي كانوا بحاجته إلى جانبهم، واللافت أنه وحتى عند حصوله على المال، لم يعرف كيف يحافظ عليه أو إستثماره حتى أنه لم يكن قادراً على تغير شكله لفقدانه فكان دائماً في حالة من الفوضى ليطل علينا كشخص لا يعلم كيف يعيش الحياة، حتى عندما تكون الظروف المادية تسمح بذلك.
شيماء سيف هي التي عهدناها بأدوار كوميدية كان لها اليوم إطلالة خاصة بدور درامي، فحملت معاناة العيش في ظل شقيقتها "إش إش" إلا أن دورها لم يخلو من لمسة كوميدية، فأدت شخصيتها بكل حذافيرها، فأبكتنا لكائها وضعفها وحبها وتضحياتها لتبقى في كنف عائلتها وتفوز بقلب الرجل الذي أحبته طوال حياته سراً أولاً، وعلناً مع نهاية أحداث العمل.
الممثل المصري محمد الشرنوبي، الشاب الذي يحصل على كل ما يريد دون الإهتمام لمشاعر الأخرين، كانت نهايته مشابهة لنهاية والده "ماجد المصري"، ليؤكد بذلك بأن الإنسان يحصد ما يزرعه، من حب المال والسلطة والفساد، إلى السجن مباشرة.
المخرج محمد سامي، وله حصة "الأسد" في كل تفاصيل المسلسل، من إختيار الممثلين وصولاً إلى مشهد الختام، فقد عرف سامي كيف يقوم بإنتقاء الشخصيات، فمثلاً أولئك الأشخاص الذين يتم تغيبهم عن الساحة، أو إستثنائهم أو إستبعادهم بأدوار صغيرة، كان دورهم في السردية محق ومستحق، من خالد الصاوي الذي إعتزل الحياة وبقي في مكتبته، وعلاء مرسي "متعهد الأفراح" ، وياسر عزت وغيرهم، فكانوا مفاصل مهمة في القصة، ولكل منهم دوره الإيجابي في فرض أجواء جديدة "من الإهتمام، وحب المال، والحفاظ على العائلة"، فحمل لنا ذكريات الزمن الجميل بشخصية تأقلمت مع الحاضر الذي تعيشه.
مسلسل "إش إش" هو قصة من واقع الشارع وتحاكي كل المجتمعات، ولكن اللافت في محمد سامي، أنه يسعى لحمل النهاية الجميلة لجمهوره، فأبتعد عن العادات التقليدية التي يعتمدها بعض المخرجين، من خلال النهاية الحزينة التي تؤدي إلى فقدان بطل العمل، أو إصابته بعاهة مستدامة، أو خسارة أفراد عائلته، بل حمل بين طيات أعماله الفرح، فأعطى طابعاً يقوم على الأفلام الهوليوددية، وللدلالة، عندما جذبنا الأميركيون لمشاهدة أعمالهم، في معظم الأفلام كانت النهاية سعيدة، ينتصر الحق فيها، ويكسب الرهان أبطالها، فالخط الذي إعتمده سامي، جعلنا نتعلق أكثر في فكرة المسلسل وترقب للنهاية بسيناريوهات مختلفة.
من ناحية أخرى، لا بد من الإشادة بذكاء الضباط المصريين، الذين ترفع لهم القبعة، حيث أكدوا أن الإنتماء يكون دائماً للوطن ولجيشه، وحالة الأمان التي يعيشها كل الناس في كل بلدان العالم متعلقة بتلك الدول التي تمتلك جيشاً قوياً متمسكاً تحت سقف إدارة تمتلك الحنكة الكافية لمواجهة كل التحديات.