تريز رزق الله

وقّع الأب الدكتور طوني بو عساف، كتابه الجديد "بناء الوطن بعد الحرب"، في بلدية جونية، خلال ندوة ثقافية نظمها "لقاء كسروان الثقافي"، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ممثلاً بالنائب البطريركي العام على منطقة جونية المطران أنطوان نبيل العنداري، وشارك فيها الوزير السابق زياد بارود، الدكتور ناصيف قزي والصحافي داوود رمال، وأدارت الندوة الإعلامية رين رحال.
موقع الفن إلتقى الكاتب الأب الدكتور طوني بو عساف، وكان هذا الحوار.

صادف توقيع الكتاب عشية عيد مؤسس الكنيسة المارونية القديس يوحنا مارون، لماذا إخترت هذا التوقيت للمناسبة؟

هذا العيد له رمزية كبيرة، لأن الكنيسة المارونية إنطلقت مع البطريرك يوحنا مارون كمؤسسة ونهج، ومسيرة أثمرت قيام دولة لبنان الكبير. الخط الذي اتبعه الموارنة، وعلى رأسهم البطريرك المؤتمن على النفوس وعلى البقعة الجغرافية، ساهم في تكريسها محطة إنطلاق نحو الانتشار والمشرق. كوني كاهناً، عليّ أن أقوم بواجبي، وأكمل في هذا النهج، وفي عملية البناء، ليس بهدف الإشارة إلى أن الموارنة هم الأوائل، بل لتكون الكنيسة شاهدة، وبركة لبقية الكنائس والناس، لاسيما أنها تحمل هذا الكم من القيم، كي تؤسس مع غيرها الكيان اللبناني.

ما الذي دفع برجل دين إلى إطلاق كتاب عن بناء الوطن؟

بعد قراءة للواقع الذي عشناه طيلة الأزمة، وما رافقه من دمار اقتصادي واجتماعي وقيمي، ودمار للمؤسسات، وآخرها الحرب المدمرة، قررت القيام بردة فعل عكسية بطريقة إيجابية، إنطلاقاً من الرجاء، ومن إيماني بأن الله سيعيد عملية البناء، مع الإنسان الذي إذا أراد استطاع. لذا أردت أن أبني مدماكاً في عملية البناء، وهي فرصة لإعادة قراءة الأحداث، لكي نؤسس لزمن جديد وعهد جديد.
الهدف من الكتاب هو وضع أسس لبناء سليم على الصخر، وليس على الرمل، والأمر يحتاج إلى نفس طويل وجهد، وأن نعمل معاً لتوحيد المفاهيم الوطنية، والبحث في حقيقة رغبة العيش في هذا الوطن، واستبعاد فكرة تقاتل القبائل داخل الوطن الواحد، وأن نكون مواطنين في دولة ترعاها المؤسسات.

كيف يتم برأيك بناء الإنسان؟

مهما بنينا من مؤسسات وجدران وجسور وبنى تحتية تحاكي العلم، لا قيمة لها من دون بناء الإنسان. المناعة الجماعية منخفضة، لذا تفتك بنا الأمراض في الوطن الهزيل والمريض، وهو بحاجة إلى علاج. انتهت الحرب عام 1990، وبدأت عملية إعمار البنى التحتية، لكننا لم نبنِ المواطن الذي يؤمن بهذا الوطن، لذا وقعنا في دوامة الصراعات المذهبية والحزبية والمناطقية. كي نحصل على وطن، يجب البدء بعملية بناء الإنسان، التي تبدأ في المنزل والمدرسة، وهيكلة النظام التعليمي في لبنان، وإعادة النظر في قواعدنا التربوية لتكون الرائدة في عملية البناء. الخطوة الأولى هي العائلة، لأن الكنيسة تضم مجموعة من الناس، الذين إنطلقوا من عائلات يجب أن تكون متماسكة، وتتقيد بالقيم لتجنب الوصول إلى الدمار.