لدى الدخول إلى مسرح مونو، لحضور حفل توقيع كتاب برونو طبال الثاني Le pays dont on ne guerit jamais "البلد الذي لا نشفى منه أبداً"، الذي صدر باللغة الفرنسية عن Artliban Calima، يشعر الزائر بدفء المكان وأناقته، وحسن ضيافته اللبنانية التراثية. فقد توزعت في زوايا المسرح، الأواني التراثية، وسلال الخضار، ومناقيش الجبنة والزعتر، والمربيات، والنبيذ اللبناني، ما أكد حرص برونو طبال على منح حفل التوقيع إضافة مميزة، وتمسكه بكل التفاصيل اللبنانية التي يعشقها، وأنه لا يشبه أحداً.
على خشبة المسرح وعبر شاشات كبيرة، شاهد الحضور والد برونو، السيد كلود طبال، والممثلة ماريا الدويهي، ومديرة مسرح مونو الممثلة والكاتبة والمنتجة جوزيان بولس، والممثل والكاتب باتريك شمالي والفنانة سينتيا كرم، يتلون قراءات من كتاب برونو طبال. يذكر أن توقيع الكتاب إستمر يومين، نظراً إلى كثافة الحضور وبلغ المرتبة الثالثة في مبيعات المكتبات اللبنانية والعالمية.

مضمون الكتاب

يختصر عنوان كتاب "Le pays dont on ne guerit jamais"، معاني الحب والألم، أما المضمون، فهو يصف حب الكاتب اللامحدود لوطنه ولجذوره، والذي يصل إلى حد العشق، وقد عرضه برونو طبال على صفحات كتابه، بالتوازي مع عرضه تاريخ لبنان، فتقاطعت المعلومات مع قصته الخاصة، وأثبت برونو طبال قدرته على تقديم محتوى شيق ومهم للقراء بشكل عام، وللبنانيين بشكل خاص.

كلمة نضال حداد

وصفت صاحبة دار نشر Artliban Calima السيدة نضال حداد، الكاتب والكتاب بكلمات رقيقة وعميقة في آن، وبدقة وشفافية، وجاء في كلمتها:
"من حظنا أن سمعناك وشاهدناك بالأمس فنانًا مسرحيًا عفوياً مرحًا ولامعًا، فأكبَرناك.
ومن حظنا اليوم أن نقرأك أديبًا متميّزًا برًّا في مؤلِّفك، مؤمنًا بلبنان وكرامة الإنسان، فنعوّض الحالة الاجتماعية والسياسية الصعبة التي نعيشها. فلك الشكر بوليدِك "الوطن الذي لا نتعافى منه أبداً"، رمزًا للعزّة والكرامة والوفاء والأمل، ورمزًا للصدى المتماوج من الأجداد إلى الأحفاد، تتغنى به وتعزّ قدرًا منذ القِدم من عمر لبنان والزمان.
نقرأك فنسمع الرحابنة بصوت فيروز تغني:

احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي
يا نسيم اللّي مارق عَ الشّجر مقابيلي
عن أهلي حكايِة، عن بيتي حكايِة
عن جار الطّفولِة حكايِة طويلِة

"شكرًا لك على ما أحدثت بنا من فرحة في قلوبنا، وراحة في نفوسنا، ألا سلِمت يمينك، وحيّاك الله فنانًا وأديبًا وبيّاك. وسنظل نذكرك مع أبي ماضي: كن جميلًا ترى الوجود جميلا".

كلمة برونو طبال

ألقى برونو طبال كلمة، قبل أن يتابع التوقيع على نسخ من كتابه للذين كانوا ينتظرونه، فوصف لبنان الذي يعشقه على طريقته، خلال الكلمة التي ألقاها. وبدأ بالتساؤل إن كان لبنان مرضاً أو إدماناً مؤلماً، لا يمكن تخطيه أو الشفاء منه. وأضاف قائلاً:
"يقول جبران خليل جبران: "لكم لبنانكم ولي لبناني". هل كلامه يعني أن لبنان حلم أو أمنية أو خيال؟ لا، لبنان موجود بالفعل، وأنا وأنتم إختبرناه.
كلمات مرحبا وكاسك وجار قبل الدار، هذا هو لبنان، وغيرها من الأقوال هي لبنان الذي إختبرناه. لبنان حقيقي بالفعل.
هويتنا اللبنانية حقيقية، وهي مترسخة وموجودة في بيروت وطرابلس والنبطية ومرجعيون وزحلة والهرمل ودير ميماس والخيام وقرطبا وشاتين وكل شبر من الـ 10452، وهي ملكنا. وختم قائلاً: "حين يصبح كتابي بين يديكم إما يحلق وإما يسقط".

موقع الفن إلتقى برونو طبال، وكان هذا الحوار.

إستقطب الكتاب إهتمام عدد كبير من اللبنانيين، ما السبب؟

وجود عدد كبير من الناس، يثبت لي محبتهم، وحرصهم على أن أوقع نسخهم من الكتاب، وأنا حريص أيضاً على تلقي ردود الفعل بصدق، وهذا ما أكدت عليه خلال التوقيع. كمية الرسائل التي تلقيتها، أكدت لي إعجاب القراء بالكتاب وبمضمونه، وبالذكريات التي أثارها في نفوسهم. أسباب النجاح تعود إلى أنه تم العمل على الكتاب بشكل صحيح، وكان الهدف أن يجد فيه القارئ نفسه وذكرياته. أشعر بفرح كبير، وبالفخر بعملي وببلدي، ولدي قناعة بأن العمل المضني لا بد أن يثمر، لاسيما إذا ترافق مع الصدق.

هل ساهمت الظروف التي يمر بها لبنان، في إقبال الناس على الكتاب؟

بالطبع، فقد تزامن إطلاق الكتاب مع الظروف التي مرت ويمر بها لبنان، وعنوان الكتاب جذب الناس وأثار فضولهم، مع العلم أنني إخترته منذ سنتين.

ما الفارق بين برونو الأمس وبرونو اليوم؟

قبل إصدار الكتاب، كنت ولداً حالماً، لديه طموح ومخاوف وتردد، ووصل إلى مرحلة النضوج، وأدركت أن الحياة مستمرة، ويجب إكتساب الجديد دائماً، واليوم أتمتع بثقة جديدة وطمأنينة لتحقيق الأهداف. لم تكن مسيرتي الفنية سهلة، وتخللها نجاحات وفشل وخيبات أمل ونهوض من جديد، لكنني في المقابل، أعمل على عدة أصعدة، سواء الغناء أو كتابة المسرحيات، وأرغب بتحقيق النجاح الذي يرتبط بالهدف، وليس برأي الناس وبنسبة المجهود الذي يُبذل.

هل سنشهد إنطلاقة جديدة لك قريباً؟

الكتاب من أهم الأهداف الشخصية التي رغبت بتحقيقها، وحرصت على إنجازه بطريقة تجذب القارئ، وبأن يتميز بقيمة فنية خاصة به.
أنا أحلم بالكتابة منذ زمن بعيد، وهذا الكتاب شجعني، وسيكون بالطبع هناك كتاب آخر بعده، وقد بدأت بوضع الأفكار.

هل سيبتعد برونو عن الأعمال الفنية؟

بالطبع لا، تعدد مواهبي كان يخلق لي سابقاً أزمة، وكأنه من المعيب أن يمتلك الشخص مواهب عديدة، لكنني لم أعد أشعر بالإحراج، بل بالعكس، بات الأمر بالنسبة لي دليل غنى لشخصيتي، وأنا صادق ومنسجم مع نفسي في كل المجالات.