من الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً في صالات السينما، فيلم "أرزة" للمخرجة اللبنانية ميرا شعيب، من بطولة الممثلتين بيتي توتل ودياموند أبو عبود، ويشارك في العمل الممثلون بلال الحموي، فادي أبي سمرا، جنيد زين الدين، فؤاد يمين، إيلي متري، طارق تميم وغيرهم، تأليف فيصل شعيب ولؤي خريش.
وتدور أحداث الفيلم، حول أم عزباء تعيش في لبنان، تعمل بجهد لتأمين لقمة العيش لإبنها كنان وشقيقتها ليلى.
وبعد نجاح فيلم "أرزة"، ومشاركته في عدة مهرجانات، منها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وغيرهما من المهرجانات في الصين ونيويورك وأستراليا، وحصوله على العديد من الجوائز.
موقع الفن أجرى مقابلة مع الممثلة شادن فقيه، التي إشتهرت بعروض الـ standup comedy التي قدمتها، وقد جسدت دوراً مميزاً في فيلم "أرزة"، وتحدثنا معها عن عملها في الفيلم، وعن القضية التي يتحدث عنها، والرسالة التي يحملها.
تجسدين في فيلم "أرزة" الشخصية "المهضومة"، أخبرينا أكثر عن هذا الدور.
إستمتعت كثيراً بتجسيد هذا الدور، وهو لشخصية لا تشبهني كثيراً، ولكني كنت سعيدة جداً أثناء أدائها، وكان ممتعاً أن أجسد هذا الدور مع شخصية جدية جداً، وهي الممثلة دياموند أبو عبود، وكان العمل رائعاً.
هي شخصية تعتبر نفسها خارج القيود الإجتماعية، وتشبهني في هذه النقطة، وهي تعيش في عالمها الخاص وفي راحة بالها، ولكن مثل أي شخص منا، هذه المساحة الآمنة التي نخلقها لأنفسنا، قد تُخرق عدة مرات، بسبب وضع البلد والناس الذين يعيشون فيه، فحتى هذه الشخصية التي لديها معتقداتها وحياتها الخاصة وهدوئها، تُخرق مساحتها الآمنة بسبب الطائفية والسرقات، وغيرها من المشاكل التي نعاني منها في هذا البلد.
هل الفيلم السينمائي قادر على إعادة إحياء قضية المفقودين، ودفع أهاليهم إلى المطالبة بهم مجدداً؟
بصراحة أي شكل من أشكال الفن، إن كان مقالات أو كتباً، أو أي وسيلة للإضاءة على قضية المفقودين، يساعد على إعادة الموضوع إلى الواجهة، إلا أنه لا يوصل إلى أي مكان، فنحن نعيش في بلد لم يحسب حساباً لأي موضوع جدي، وأول هذه المواضيع هو الحرب الأهلية، واليوم إذا اردنا فتح موضوع المفقودين، فعليك فتح موضوع الحرب الأهلية، وعليك محاسبة الأشخاص المسؤولين الذين بيّضوا صفحاتهم، إلا أن وسخهم ما زال موجوداً. أول أمر هو المختطفون الذين ليس لديهم أي أثر، ولا زلنا نجد مقابر جماعية حتى اليوم، ومن المهم أن نستمر في التحدث عن هذا الموضوع، ولكن السؤال هو: "هل سنصل إلى أي مكان من ذلك؟"، فنحن نتحدث عن إحباط تام، وليس لدي أي أمل بالبلد، ولا بناسه، ولا بالسلطة التي تحكمه.
الأفلام الخاصة بالمخرجة ميرا شعيب هي أفلام هادفة، الفيلم الأول "ليلك" عن المفقودين، والفيلم الثاني أرزة" فيه رسالة طائفية، برأيك ما الذي تريد إيصاله إلى الشعب اللبناني؟
ما الذي نحتاج أن نوصله بعد إلى الناس عن الطائفية؟ فهم شعب طائفي مليء بالحقد، ففي حرب مصيرية ووسط إبادة، لا نستطيع أن نتفق على عدو مشترك، هذه الطائفية متجذرة، وعندما نتحدث مع أحدهم عن الموضوع، يقول إن المشكلة طائفية، ثم يقول بعدها إنه لا يزوج إبنته لشخص من طائفة أخرى، وأنا أصف هذه الحالة بالتخلف والهبل والعنصرية، مصطحبة بالطبقية.
فيلم "أرزة" يضم العديد من النجوم، منهم بيتي توتل، دياموند أبو عبود، فؤاد يمين وجنيد زين الدين، بصراحة من يُشهر الفيلم، الأبطال، أو القصة أم الإخراج؟
كل العناصر لها دور في أن تشهر الفيلم، فأولاً النص والقصة لهما دور كبير جداً، فمن الممكن مثلاً أن تكون القصة رائعة، إلا أن الكتابة ليست جيدة، فتكون النتيجة سيئة، وبعدها يأتي الممثلون، بالإضافة إلى الإخراج، ولا يمكن صنع فيلم، من دون وجود جميع العناصر والأشخاص المسؤولين عن العمل، من مخرج إلى الـ editor و الـ art director و الـ designer وغيرهم.
من يقدم "ستاند أب كوميدي" له نظرته الخاصة في النقد، لماذا كان هناك هجوم عليكِ؟
تم الهجوم عليّ بسبب كل ما أمثله منذ البداية، فقد واجهت القضاء سابقاً عدة مرات، كما واجهت الرقابة، وطلبوا مني أن أقدم لهم النصوص التي أكتبها ورفضت ذلك، وأنا أعتقد أن لديهم مشكلة مع كل شيء أمثله وأقدمه، وهم يعرفون أن الناس في بلدنا "تَمسحوا" على كل شيء، كالإنسانية والأخلاق الحميدة والقيم.
مشكلتهم معي هي أنني أنتقد كل السلطات التي تكوّن هذا المجتمع، من رجال دين وطائفية وذكورية، بالإضافة إلى الطبقة الفاسدة التي تستخدم كل هذه العناصر لتحمي نفسها، وتحرض الناس على بعضهم البعض، وأنا حالياً أتكلم في وقت مليء بالإحباط، ولذلك أجوبتي مليئة بالسوداوية، وكما يقول الفنان زياد الرحباني: "قرطة ناس مجموعين ما بينعمل فيهن بلد"، أقلّه إلى حد الآن، ولكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن التكلم عن قضايانا، ولا يوجد خيار سوى المحاربة، ولكن هل هناك أمل؟ فقد تأذى قلبي، ويحتاج إلى وقت طويل لكي يشفى من كل هذا الخذلان الذي عشناه، ولا زلنا نعيشه.