في زمن الخيانة والتخلي والمصلحة، قلما نجد الوفاء سيد الموقف، إلا أن من خاض تجارب الحياة بحلوها ومرها، وقرر التحدي والمضي قدماً، هو ذلك الشخص الذي بنى حياته على عزة النفس، ورفض الخضوع لأي أمر قد يكسره، فهو من يواجه ويعاند الحياة، ليخرج منها منتصراً.


مسلسل "حق عرب" هو أحد أبرز المسلسلات التي حملت معاناة فئة من الشعب المصري، وتدور أحداثه في إطار درامي واجتماعي شعبوي، لا تخلو من التشويق والإثارة، ويتناول المسلسل قضايا متعددة منها المخدرات والإدمان، والماضي المرير الذي يلاحق صاحبه، الخيانة، التضحية، وحب المال والسيطرة.

الممثل المصري أحمد العوضي جسد دور "عرب"، الذي كشف أن الفقر لا يعيب الإنسان، وأن "العزة" لا ترتبط بالقدرة المادية، بل على العكس، فإن الخصال الأساسية التي يربى عليها الإنسان، هي التي تحمله إلى الرقي في مجتمعه.
كما كشف العوضي، أن "عالم المخدرات" دائماً ما يكسر الإنسان، مهما حمل في قلبه وعقله من قوة وصلابة، فسينتهي به المطاف دائماً منهزماً منكسراً، مستعبداً لهذه المواد التي تدمر حياته ببطء.
من ناحية أخرى، أظهر لنا العوضي أن المحبة "تسكب في القلوب" منذ الولادة، فرغم إبتعاده لسنوات طويلة عن والدته البيولوجية، إلا انه لم يتخلَّ عنها يوماً، كما كان دائماً مع والدته التي ربته منذ صغره، فتختلف الأسباب والأساليب ويبقى الحب واحداً.
إنتقالاً إلى البيئة التي نشأ فيها العوضي، فيظهر من خلال دوره أن "العقلية الشرقية" قد سيطرت عليه، وحين إتهموا حبيبته بـ "الزنا"، لم يستطع أن يمنع نفسه من توجيه الإتهام المباشر لها، من دون التأكد من الأمر، لافتاً إلى أن "الصيت العاطل" يرافق الفتاة، وأن الرجل الشرقي لا يتخلى عن مبادئه أمام الحب.

الممثلة دينا فؤاد، التي جسدت شخصية "حنان"، أداؤها التمثيلي أقنع الجمهور بضرورة التعاطف معها، وهذا ما يعد ورقة رابحة في الأداء الرائع المقنع، ولكن لا بد من الإشارة، إلى أن فؤاد فقدت السيطرة في العديد من موافقها خلال المسلسل، حتى أن إنفعالها، أفقدها اللفظ الصحيح، فباتت بعض الكلمات غير مفهومة وواضحة.
"صباح الجياش" التي جسدت شخصيتها الممثلة وفاء عامر، نختصر أداءها المبهر ببعض الكلمات، فهي كانت رائعة، مختلفة، مقنعة، صلبة، حنونة، وأيقونة التمثيل.
الممثل رياض الخولي، أستاذ فن التمثيل، مشاهده لناحية الأداء والصوت والتركيز هي قمة في الإبداع، من خلال شخصية المعلم "عبد ربه"، وأوصل رسالة أنه كرجل أعمال متسلط ومستبد و"مافيوي"، عندما يتعلق الأمر بالعائلة، فهو الحنون، إلا إذا دخل الشك قلبه، فعندها تسود العقلية الشرقية مجدداً على أجواء المسلسل.
كارولين عزمي، التي جسدت دور "أنغام" الشخصية الجميلة، المرحة، والمقنعة، هي عفوية بدورها، والفتاة المغرمة بكل جوارحها، وهي المثال الأبرز عن مساندة الحق والعدالة.
دنيا المصري بشخصية "سميحة"، كانت "مخيفة بدور الشر" ، إلا أنها تمكنت من إقناعنا لأن أداءها كان مميزاً.
وليد فواز الذي جسد شخصية "رباح أبو الدهب"، أدى دور الخبيث والشرير بتأنٍ، وصوته جميل وجهوري، نأمل أن نراه بدور يُظهر أكثر جمال صوته، وقد جاءت نهايته مٌستحقة للشر، الذي جسده طوال حلقات المسلسل.
وختاماً أحمد العوضي شخصية مميزة بالتمثيل، فهو دائماً ما يؤدي دور "الجدع"، المناصر للحق وللمظلوم، لكن هذه المرة إختلفت القصة، وهذا ما يؤكد إختياراته الصائبة للنصوص، فتكون النهايات مقنعة.
أحمد العوضي لا يشبه أحداً، وقد أصبح نجماً يتفوق على العديد من نجوم سبقوه إلى عالم التمثيل.