غالباً ما نحلل ونكتب عن أدوار الممثلين وعمل المخرجين عندما نتابع مسلسلاً ما، ودائماً ما تتوجه الأنظار إلى الأداء المبهر، والشخصيات المقنعة التي تجسد ما يكتبه المؤلف، إسمحوا لنا هذه المرة، بأن نتكلم عن مؤلف قصة مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" فادي سليم، الذي تمكن من تأليف وإخراج نص متميز وكامل، وقدم قصة متكاملة في كل تفاصيلها.

هي مسؤولية كبيرة، حين يضع المؤلف نفسه في مواجهة مع شخصية عالمية، ألا وهي الممثل غسان مسعود، فقد إنتقى فادي سليم أفضل الكلمات، وسخرها لإبتكار نص يليق بالممثل، فأثبت سليم كفاءته في كتابة السيناريو، خصوصاً في دور غسان مسعود، الذي جسد شخصية "آدم عبد الحق"، الدكتور الوقور والأستاذ الجامعي والطبيب الشرعي، والحاصل على ثلاث شهادات دكتوراه بالطب، فجمع بين ثلاث شخصيات تنقل بينها بكل حرفية، وإنعكست الحالات النفسية على تعابير وجهه بكل مصادقية، فيمكننا القول إن الكاستينغ كان صائباً مئة بالمئة.

نحن هنا لا ننتقص من قيمة باقي الممثلين، منهم النجم محمد الأحمد، ورنا شميس ولجين إسماعيل، الذين تألقوا بإبداعهم، وجسدوا أدوارهم بأدق التفاصيل، وفي كل حلقة يحدث ما لا يتوقعه المشاهدون، ويتغير المسار إلى نقطة جديدة تصدم المتابعين، وفي كل مرة نظن أننا أدركنا من هو القاتل، إلا أن المفاجاة تصدمنا.

"آدم عبد الحق"، الطبيب الرصين الرزين، إتخذ مواقف مع العدل والحق طوال مسيرته المهنية، ولكن موت إبنته المريضة بمتلازمة داون، أثر على طريقة تفكيره، لكنه لم يجعله قاتلاً، بل باحثاً عن الحقيقة، وفي كل موقف كان يظهر لنا ثقته بنفسه، وحين كان يخطئ، كان يعترف بالأمر.

"آدم عبد الحق" شخصية ذكية، مخططة، محللة، مثابرة، تليق بشخصية غسان مسعود.

ننتظر مشاهده لنترقب ما لم يكن متوقعاً، وبالطبع ترفع القبعة له وللمؤلف.

أما عن شخصية "ورد"، التي جسدها محمد الأحمد، فقد أثبت لنا النص، بأن تسلسل الأفكار والمواقف جعلت منه المُقدَّم المتمسك بمبادئه والمناضل والبطل القومي في الوقت عينه، وهذا أكبر دليل على أن محمد الأحمد يمكنه أن يجسد كل الشخصيات، حتى لو كانت صعبة جداً.

جذبنا فادي سليم بقصة كاملة متكاملة، لم يكن فيها قصة حب خارج الزواج، فقد تمسك المقدّم "ورد" بزواجه، وشككنا بأنه قد يقع بغرام "هنادي" زوجة حسن "أم عبد"، التي جسدت شخصيتها الممثلة نور علي، وبمشهد آخر عن قصة غرام "يوسف"، الذي جسد شخصيته لجين إسماعيل، "إبن آدم"، بزوجته "ديالا" التي جسدت شخصيتها رنا شميس.

نهنئ فادي سليم، الذي لفت بتلك المشاهد إلى أن الزواج قد يمر بالعديد من الصعوبات، والتي يمكن تخطيها إن لم يكن أحد الطرفين مـجرماً.

نثني على دور "يوسف"، والذي تحول من عاشق يثق ثقة كاملة بزوجته، إلى قاتل بسببها أيضاً، فنمت لديه روح الإنتقام.

إسمحوا لنا بأن نعترف، بأن الجزء الأول من المسلسل مشوق بالأحداث والمـ وت والقتل والخطف، أكثر من الجزء الثاني الذي تكمن نقطة قوته في تبعات الجريمة وتصرفات آدم في البحث عن حريته، وصولاً إلى نهايته، التي هي نهاية مقنعة، ومحزنة في مكان ما، لكنها بداية لدور القوى الأمنية في البحث عن الحقيقة.

في قصة فادي سليم، أولاً إبهار بقصة جديدة، ثانياً تشويق، ثالثاً إختيار ممثلين وممثلات أصحاب قدرات تمثيلية عالية، منهم كارمن لبس ومنة فضالي، بالإضافة إلى الذين تم ذكرهم سابقاً، رابعاً الإستنتاجات عن الحياة كيف تجعلنا نغير رأينا ومبادئنا وتضحياتنا بسبب فقدان الأشخاص الذين نحبهم، وخامساً الإصرار على أن الشخص العادل والمؤمن بالقانون يحتمي به.

كتب فادي سليم القصة وأخرجها بمنطق كامل، فأظهر الفساد عند البعض، وحب المال عند البعض الآخر، كما أظهر الوفاء والخيانة في العمل.

فادي سليم رد على معظم التساؤلات من خلال القصة، إذ إنه عرض في الجزء الثاني المشاهد التي لم تظهر في بداية الحلقات.

نص رائع متكامل، وإخراج مبهر، وممثلون أبطال أعطوا زخماً كبيراً للمسلسل، ولا ننسى أن نشكر المؤلف والكاتب المحترف شادي كيوان، الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار للجزأين الأول والثاني من المسلسل، وفي تأليف القصة في الجزء الثاني.