اخترق صوت مطربة الأجيال ميادة الحناوي القلب، وحرك فينا الذوق الرفيع في الفن، رافقته نبضات ورددت مع كل نبضة كلمة من روائعها الفنية، التي لا تخفت يوماً ولا تموت، هي كالخمر كلما مضى عليها الزمن، كلما زادت رونقاً، وفتحت لنا في أعماقنا، مساحات من الحب لا تخلو من الشوق والحنين.
ميادة الحناوي ليست مطربة عادية، وإسمها لا يطويه الزمن، بل يرافق الأجيال، ويبعث فينا الفخر بأرشيفها الذي يتغنى به الصغير والكبير، وكل من هو ذوّاق للفن الأصيل، ميادة الحناوي تاريخ مشرّف من العطاء خالٍ من أي شائبة، فماذا يسعنا أن نقول بعد؟ الموسيقار السنباطي تغنى بالتعامل معها، وقال: "يسعدني كما بدأت حياتي مع أم كلثوم، أن أنهيها مع ميادة الحناوي".
كالعادة عندما تطل مطربة الأجيال ميادة الحناوي على أي مسرح، تشكل حالة من الفرح والأمل والتميز، لأننا ندرك جيداً قوتها وعزيمتها وإصرارها على إيصال الثقل الفني للجمهور، في زمن سادت فيه السطحية والإستخفاف. أطلت ميادة الحناوي صاحبة العينين الخضراوين على المسرح، ضمن مهرجان إهدنيات الدولي، وغنت أروع أغانيها، نذكر منها "الحب اللي كان" و"أنا بعشقك"، وإذ بالجمهور يردد معها الأغاني ويصفق لها مبتهجاً، بليلة طربية مميزة لا تُنسى، فتعجز الكلمات عن وصف حفلها، الذي حضره الجمهور من كل أنحاء لبنان، من الشمال والبقاع وبيروت وكسروان. ميادة الحناوي أعطت قيمة إضافية للفنانين السوريين في الماضي والحاضر والمستقبل، فأصبحت كل فئة من الجمهور الحاضر في إهدن، تطلب أغنية معينة من أغنيات ميادة الحناوي، كما أن جو إهدن الذي مال إلى البرد، أنسى أهالي بيروت وغيرها الحر الشديد، وأسعد قلوبهم.
وقد تواجدت في هذه الليلة الرائعة بدعوة من القيمين على مهرجان إهدنيات وتحديدا السيدة ريما فرنجية وهي خير مسؤولة عن حدث ضخم بهذا الإحتراف سواء من ناحية التنظيم أو الدقة أو الأخلاق في التعامل.
ميادة الحناوي تمتلك حضورا آسراً على المسرح، وقفتها لا تشبه وقفة أي مطربة أخرى، ملتزمة باحترام الجمهور وبالزمن الجميل، ويا ليت لو نحذف كلمة الزمن لأنها ألغته من خلال أغنياتها، كما أنها على الصعيد الشخصي، وفية لأصدقائها والإعلاميين الذين تعرفهم، وفي ذات الوقت، وفية لجمهورها الذي تحب التقاط الصور التذكارية معه، عكس بعض الفنانين حالياً الذين أصبحوا يصفعون المعجبين ويدفعونهم ويقللون من إحترامهم، وهؤلاء الفنانون لم يصلوا بعد إلى ربع ما وصلت إليه ميادة الحناوي من الطرب والأصالة، وبالتأكيد الحضور كانوا أكثر من 4 آلاف شخص، غير الذين لم يحصلوا على بطاقات، ووقفوا على الباب، وهذا ما يؤكد أن الذوق الفني ما زال بألف خير.
الإعلاميون الذين يفهمون في الفن والطرب الأصيل، سيفهمون ما معنى الفن الذي تقدمه ميادة الحناوي، في حين أن الإعلاميين الذين يحبون الفرفشة والولدنة، فهم الذين ربما لن يستطيعوا إستيعاب أهمية الطرب الذي تقدمه ميادة الحناوي.