قدم الممثل اللبناني نقولا دانيال أداءً محترفاً في كل الأعمال التي شارك فيها، بين المسرح والسينما والدراما، عدا عن إبداعه في الإخراج، ولمع إسمه من خلال تجسيده أروع الأدوار، وعندما تبحث في تاريخه الفني، تجد نفسك غارقاً في نجاحات كثيرة ودروس فنية.
شارك نقولا دانيال في شهر رمضان الماضي، في مسلسل "ع أمل"، وجسد في العمل دور "سركيس".
وكان لموقع "الفن" حوار خاص مع نقولا دانيال، تحدث خلاله عن دوره في "ع أمل"، وكشف رأيه في الجيل الجديد من الممثلين، وتكلم عن الفرق بين الأعمال التمثيلية القديمة والأعمال التي تقدم حالياً، وعن عمله مع الرحابنة.

كيف حضّرت لدورك في مسلسل "ع أمل"؟ وكيف تصف العمل إلى جانب الممثلة ماغي بو غصن؟

أعرف الممثلة اللبنانية ماغي بو غصن منذ أن كانت طالبة في كلية الفنون، وكانت علاقتنا علاقة أستاذ وطالبة في معهد التمثيل، وقبل مسلسل "ع أمل"، عملنا معاً في مسلسل "للموت 2"، الذي جسدت فيه دور والد الممثلة اللبنانية دانييلا رحمة، وكان اللقاء قوياً جداً، والمواجهة كانت ناجحة جداً والجمهور لا زال يذكرها.
رغم صغر مساحة دور "سركيس"، إلا أنه دور محوري، وله علاقة كبيرة بـ"يسار"، والمشاهد بين هاتين الشخصيتين كانت عميقة، لذلك كان تعاملي مع الدور مثل كل الأدوار التي جسدتها، أن أركب الشخصية بالشكل الصحيح من خلال النص الموجود، والحالات الدرامية التي نمر بها.
أحببت العمل كثيراً، خصوصاً إلى جانب ماغي، فبالنسبة للعمل الأكاديمي والمجهود الذي بذلته من أجل شخصيتها، فهي ممثلة قلقة لا تستهين بأي شيء، وتعمل على الدور الذي تجسده بشكل مميز، وتتقنه وتدرسه وتركز على التفاصيل، إلى حين أداء الشخصية كاملة، والتي تؤثر في المشاهدين.
في كواليس التصوير تعرفت على ماغي أكثر، وهي تفرض وجودها في النجومية، وهي "مهضومة" بالتعامل، ومحبوبة من كل فريق عمل المسلسل، وليس فقط من الممثلين، هي شخص لطيف وإنساني، ومتفهم لكل الظروف التي كنا نعمل بها، بالإضافة إلى الطاقة الإيجابية التي تنشرها في موقع التصوير، وشهادتي بـ ماغي هي شهادة الجمهور فيها، فهي لم تقدم أي عمل إلا ونجحت فيه.



في أعمالك الأخيرة إلتقيت بعدد من ممثلي الجيل الجديد، ما رأيك بهم؟ وكيف تصف أداءهم؟

في مسلسل "ع أمل"، كنت ألتقي كثيراً بالممثلة الجديدة ماريلين نعمان، إلا أني رأيت أعمالها في السينما، وأعجبت بأخلاقها الرفيعة بالتعامل والتعاطي مع الزملاء والعاملين في كواليس المسلسل. ماريلين تمثل هذا الجيل الجديد من الممثلين بقوة، فهي شخص متعدد المواهب، وتمتلك صوتاً رائعاً، وقدرة كبيرة على التمكن من الأدوار التي تؤديها، ما جعل الجمهور يرى فيها ممثلة كبيرة.
آسف لأنني لم أحظَ بمقابلة باقي الممثلين، إلا أني شاهدت ماريلين في السينما في أحد أفلامها وكانت رائعة، وفوجئت بإختلافها بين دورها في السينما ودورها في المسلسلات التلفزيونية، وهي
موهبة جديدة، ولديها مستقبل واعد في عالم الفن، إسمها سيكبر وسوف تتألق، وأتمنى أن ألتقي بممثلين آخرين من جيلها، وأن نقف مع بعضنا البعض كأجيال مختلفة، ونضع خبراتنا كلها، ونصنع أعمالاً جديدة ومميزة.

خلال مسيرتك التمثيلية تنقلت بين التراجيديا والكوميديا، ما هو سر إبداعك في كل الأدوار التي جسدتها؟

في بداياتي في عالم التمثيل عام 1997، ولأنني كنت مهتماً بمعهد الفنون والتدريس والمسرح، جسدت أدواراً طبعتني بطابع القسوة لدى الجمهور، كان عليّ أن أقدم نفسي للجمهور، وأترك أثراً لدى المشاهدين. كانت معظم أدواري التي جسدتها دور الأب القاسي، أو دور الشخص المرعب الذي يظلم أهل القرية، مثل دوري في مسلسل "حكاية أمل"، ولكن كان عندي خوف من أن يعتاد عليّ المنتجون والمخرجون بهذه الأدوار، فما كان مني إلا أن خففت من هذا النمط، لتكون لدي القدرة في إظهار وجوه أخرى وقدرات أخرى في التمثيل.
في أوقات لاحقة، وجدت أدواراً قاسية، ولكن يوجد داخلها حنان، إذ يمكن للظروف أن تلعب دوراً في تغيير نمط الدور إلى جيد.
ومع مرور الوقت، وصلت إلى دور من كتابة الكاتبة والممثلة كارين رزق الله، في مسلسل "قلبي دق"، وأنا لم أكن بعيداً عن الأعمال الكوميدية، فقد جسدت أدواراً كوميدية في المسرح، وأظهر نص "قلبي دق" الوجه الكوميدي لدي.
على الممثل أن يجسد جميع أنواع الأدوار، وأن يظهر قدراته التمثيلية والتكيف معها، ومن ردة فعل الجمهور، نعرف إذا كان تعاطف مع الممثل، أو إن كان أقنعه بأدائه.



هل هناك فرق بين الأعمال التمثيلية التي قدمت في الماضي، والأعمال التمثيلية التي تقدم حالياً؟

الأعمال مرتبطة بالظروف وبكتابة معينة، ودائماً ما يكون لدينا كتاب جدد يطورون ويجددون في طريقة الكتابة، ما يدعو الممثل إلى التطوير في أدائه، مع النص الذي يترك له مساحة للتغيير والإبداع، أنا شخصياً لا يمكنني أن أفرق بين أعمال قديمة وأعمال جديدة، فلكل منهما ظروفه.
بالإضافة إلى ذلك، تختلف الكتابة من ناحية الإنتاج والظروف والإمكانات وظروف المخرجين، ومثلما يقال السوق عرض وطلب، وأنا أحاول دائماً أن أنوّع وأختار أعمالاً تترك أثراً لدى الجمهور، حتى لو كانت مساحاتها صغيرة.
أحب الكوميديا كثيراً، وأشعر أن الجمهور يحتاج حالياً إلى الكوميديا، بقدر ما يحتاج إلى التراجيديا والتفكير والمسرح الجاد ومسرح المواقف، فالجمهور بحاجة إلى أن يرتاح ويستمتع ويضحك.


هل تفضل العمل في المسلسلات على العمل في المسرح؟

في بداياتي، تدرجت وتدربت مع فرق مسرحية كبيرة بإدارة مخرجين كبار وبإنتاج ضخم، وهذا لم يعد موجوداً في هذه الأيام، إذ نلاحظ أن الشباب يقدمون حالياً أعمالاً مسرحية جميلة جداً ومميزة، ولكن بكمية متواضعة، وذلك ضمن ما نسميه "المسرح المتقشف" أو "المسرح الفقير".
أنا لا أفكر حالياً بالمسرح أو بالإخراج أو التمثيل المسرحي، إلا إذا جاءت الفرصة وسمحت ظروف الإنتاج، أما في الأعمال التلفزيونية، فيكون الإنتشار أكبر وأسهل، ولا يوجد لدى الممثل همّ سوى أداء دوره، ولكن العمل في التلفزيون يحتاج إلى ممثل بارع ومحترف.

أخبرنا أكثر عن تعاملك مع الرحابنة.

عملت مع الكبير منصور الرحباني، رحمه الله، لأكثر من 10 سنوات، وكنت مستشاره الفني، كما وكنت مستشار إبنه مروان الفني، بالإضافة إلى أني أخرجت ومثلت في أجمل الأعمال معهم، وكانت من أهم الأعمال في مسيرتي الفنية، لأنها في المسرح الغنائي. أنا أذكر تلك الفترة بحب كبير، وكنت سعيداً جداً خلال عملي حينها، وتعلمت الكثير من هذا النوع من المسرح، وخصوصاً بعد جلساتي مع الكبير منصور الرحباني، التي كانت دائماً ذات فائدة لي. ليتني إلتقيت بالكبير عاصي الرحباني، إلا أني حظيت بلقاء منصور، فهو من كبار شعراء الدراما وموسيقي وملحن كبير، بالإضافة إلى ثقافته الواسعة، وتلك الفترة أضعها في إطار الغنى الفني والثقافي، وأنا أفتخر بكل أعمالي مع الرحابنة.
كما حظيت بالعمل مع الراحل إلياس الرحباني، فقد قمت بإخراج مسرحيته "الأندلس جوهرة العالم"، وكانت فترة عملي معه غنية بالفائدة والثقافة، وعلى مستوى عالٍ من الذوق و العمل المتقن.

هل تحضّر لأعمال جديدة؟

لا يوجد حالياً أي عمل مسرحي أشارك فيه، ولكني أشارك في عمل تلفزيوني خارج لبنان، وأنا أعد الجمهور بعمل جميل سينال إعجابهم، وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن ظل الذين يتابعوني دائماً ويحبون تمثيلي.