مايا سعيد كاتبة وإختصاصية في الصحة النفسية، كتبت سيتكوم "درجة درجة"، الذي عرض في الموسم الرمضاني الماضي، وشارك فيه نخبة من الممثلين، منهم أيمن قيسوني ونسرين زريق وطارق تميم وجوزف بو نصار وأندريه ناكوزي وزلفا شلحت. تميز العمل بنوعيته، ولاقى أصداء إيجابية جداً. تعاونت مايا مع المخرج مارك سلامة، إبن الممثل والمخرج كميل سلامة، لقناعتها برؤيته الإخراجية العميقة.
موقع الفن إلتقى الكاتبة مايا سعيد، وكان لنا معها هذا الحوار.
هل عرض مسلسل "درجة درجة" في الموسم الرمضاني كان صدفة؟
كان من المفروض أن يعرض في شهر تشرين الأول/أكتوبر، لكن مع بداية الأحداث في غـز ة، أصبحت فكرة السيتكوم مستبعدة، فتأجل عرض المسلسل، وقررت المحطة عرضه خلال شهر رمضان.
ماذا عن إختيار الممثلين المشاركين وكواليس العمل؟
قررت إختيار ممثلين شاركوا في أعمال تراجيدية لعمل للنص الذي كتبته لأن الكوميديا أرضية خطيرة يمكن أن تنزلق إلى التهريج، لذا كان إختيار الممثلين مرتكزاً على هذا الأساس، ومن هنا أهمية الممثل الذي يلعب التراجيديا، فهو قادر على أن يجسد دوراً كوميدياً بشكل طبيعي. كنت محظوظة بالتعاون مع ممثلين من مستوى عالٍ آمنوا بالعمل، لأن الطريقة التي حضّروا فيها شخصياتهم كانت نعمة. بالنسبة لإختيار الممثلين، فقد تم قبل كتابة المسلسل، لأنني أحب أن أكتب للأشخاص، وأحاول أن تخيل أدوارهم وأكتب شخصياتهم، والسبب هو أن لكل ممثل طباعاً خاصة به، وفي هذه الحال يكون النص قد كتب للممثل فتصبح الشخصية حقيقية. كان التحضير ممتعاً بتركيب الشخصيات التي قدمت الأفضل.
أجواء التصوير كانت ممتعة من دون مشاكل ولا عوائق، وكل فريق العمل كان سعيداً، وبالنسبة الإنتاج، كان فريق العمل محترفاً ومنظماً، ما إنعكس إيجاباً على أداء الممثلين.
لماذا إخترتِ المخرج مارك سلامة لإخراج المسلسل؟
كنت بحاجة إلى مخرج يملك رؤية للكوميديا السوداء، وعندما رأيت فيلم التخرج الذي قدمه مارك سلامة، رغبت بالتعرف عليه، وبعد قراته النص الذي كتبته، قال لي: "هذه ليست كوميديا، بل سيتكوم"، عندها أدركت أنه قادر على أن يكون مرآتي. مارك مثقف، ورؤيته عميقة، ولديه المؤهلات ليلتقط بالصورة عمق الشخصية.
هل تتوقعين له مستقبلاً باهراً؟
هو مخرج واعد جداً، وقادر على أن يضيف على العمل، من دون أن يتعدى على هوية العمل. ملاحظاته قيمة، وأعتبر أن التعاون معه على صعيد الإخراج كان نعمة.
كيف كانت ردة فعلك على ترشيح مسلسل "درجة درجة" لجائزة الموريكس دور في دورته المقبلة لهذا العام؟
كان الأمر مفاجأة بالنسبة لي، لأن المسلسل قصير ولبناني صرف، بإستثناء أيمن قيسوني، وعُرض خلال الموسم الرمضاني الذي كان حافلاً بالمسلسلات، وأنا سعيدة جداً بهذا الترشيح. منذ بداية مسلسل "درجة درجة"، رافقته نسمة خير، فقد بدأنا بفكرة مسلسل قصير، وأصبح مسلسلاً عرض في شهر رمضان، وبعدها ترشيح لجائزة الموركس دور، وإن فاز المسلسل بالجائزة أو لم يفز بها، فهو قد أخذ حقه.
ما هي تفاصيل الترشيح؟
تم ترشيح المسلسل كأفضل مسلسل لبناني، وترشيح أيمن قيسوني أفضل ممثل صف أول، ونسرين زريق أفضل ممثلة صف أول، وإيلي متري وطارق تميم أفضل ممثل مساند، وأندريه ناكوزي أفضل ممثلة مساندة.
هل سقطت فكرة أن المسلسل اللبناني "ما ببيع"؟
حين يكون المنتج لبنانياً ويؤمن بعمله، ويثق بفريق العمل، ولا يفكر بالعمل بطريقة تجارية، بل من الناحية الفنية، يثبت أن نظرية أن الفن اللبناني "ما بيبيع" ساقطة. مسلسل "درجة درجة" تم تحضيره ببساطة ومهنية، من دون مراعاة أي شروط، يجب أن نثق بأنفسنا وبقدراتنا، ولدينا مواهب تمثيلية رائعة، ولا يجب أن نخاف، وعلينا أن لا نتردد في إطلاق أعمال يتم عرضها في العالم العربي، ليتعرف المشاهدون العرب على ثقافتنا ولغتنا، وكوميديا الموقف يمكن أن تفهمها كل الشعوب.
هل يجب أن نشهد مسلسلات كوميدية أكثر؟
بالطبع المشاهد اللبناني بحاجة للضحك والترفيه، آخر سيتكوم كتبته قبله كان عام 2013، ومنذ ذلك الحين إتجهت الأعمال إلى التراجيديا. من جهة أخرى أتفهم المنتجين، لأن لدى العالم العربي نوع الكوميديا الخاصة به، والأسهل هو بيع التراجيديا. أما السيتكوم، فهو لا يتوقف على النكتة، بل على المواقف القادرة على إضحاك كل المجتمعات، لذا لا يجب أن نخاف من الكوميديا، لأن الشعب العربي يحب الحياة والضحك. التراجيديا الثقيلة مطلوبة، لاسيما في غياب الأعمال الكوميدية، ومع وجود الأخبار والمآسي، الناس هم بحاجة إلى الضحك، ويجب أن تكون هناك مساحة، ولو لنصف ساعة، للتنفس والضحك. كمية الرسائل والأصداء الإيجابية التي تلقيتها بعد عرض "درجة درجة" تؤكد ما أقوله.
كإختصاصية نفسية، ما رأيك بالمواضيع المطروحة في المسلسلات؟
مع الأسف، الجمهور الذي لا يتابع الأعمال المحلية، ويتوجه نحو المنصات والمسلسلات الأجنبية، فيختار مواضيع الدعـ ـارة والتعنيف والمخدرات التي تسجل نسب مشاهدة عالية. إذا كان موضوع الدراما مُعالج بشكل صحيح، بغض النظر عن نوعه، فليس خطأ، لكن الأعمال تتشابه أحياناً، ويتم إختيار نفس المواضيع لضمان نجاحها.
ما رأيك بمسلسل "ع أمل"؟
موضوع المسلسل مهم ومميز، ومن المفيد أن يكتشف الناس أموراً ليسوا مطلعين عليها، ومسلسل "ع أمل" هو مرآة للمجتمع، ويمكن للدراما أن تلعب دور التوعية، وتمت معالجة الموضوع بطريقة صحيحة، ورغم قساوته، الشخصيات واقعية، وهناك مساحة للبسمة، وأداء الممثلين جيد جداً. أما بالنسبة للعنف، فأنا أوافق عليه، إذا كان يخدم النص، ويكشف الواقع ولست مع العنف المجاني.
ما هو تعريف كوميديا الموقف؟
كوميديا الموقف لا تعتمد على الكلام، بل على إلتباس أو سوء تفاهم، تنتج عنهما مواقف مضحكة.
هل مواقع التواصل الإجتماعي نعمة أم نقمة؟
مواقع التواصل هي نعمة ونقمة في نفس الوقت، وهي سيف ذو حدين، وهذا يتوقف على الهدف من إستخدامها. على سبيل المثال، شخص محبط ينشر صورة على حسابه، وينتظر لايكات المتابعين ليرتفع منسوب تقديره لنفسه، وهذا الأمر يحصل حين يصبح الإنسان بحاجة إلى تقييم من مواقع التواصل، لأن حياته تتمحور حولها، وينسى حياته الحقيقية، والأخطر حين يبني الشخص راحته النفسية على أصدقاء وهميين في عالم إفتراضي، وافق على صداقاتهم من خلال صورة قد تكون مزيفة، وهذا أمر خطير. كما أن مواقع التواصل أصبحت مذكرة، إذ ينشر الناس صورهم وتفاصيل يومياتهم، وينتظرون ردود الفعل من إعجاب وتقييم، ويتساءلون في حال عدم التفاعل، عن وجوب حذفها أو عدم حذفها، وهذا الأمر قادر على أن يسبب القلق والتوتر للناس، والمؤسف أن الناس يهربون من عالمهم الحقيقي إلى عالم إفتراضي، ويعمدون إلى نشر صور معدّلة وبعيدة عن الحقيقة، لبناء شخصية وهمية والإختباء وراءها، عوضاً عن حل المشاكل اليومية في العالم الحقيقي، وهذا محزن لأن "الحياة ما بتنطر"، كما قلت في بداية الحوار. أنا مع الإعتدال في إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي، لأنها تسمح بمشاركة الأفكار.