الكاتب والمخرج ريمون جبارة ليس مجرد إسم في عالم الكتابة والإخراج وركن من أركان المسرح اللبناني، هو مواطن ثائر متمرد، رفض كل ما يستفز مشاعر الإنسان وكرامته، وحساسيته المفرطة دفعته الى نقل الوجع الى المسرح، بأسلوبه الخاص الذي يلامس العقل والقلب معاً.
آمن ريمون جبارة بأن الأدب لا يصلح للمسرح، فإختار مخاطبة المشاهد بأسلوب ساخر وسوداوي، ينتزع إبتسامة المشاهد رغماً عنه، والمسرح الذي أسّسه هو من أهم المسارح العالمية، بعد أن وضع فيه نفحة طريفة وساخرة، ما شكّل نقطة تحوّل بارزة في تاريخ المسرح اللبناني.
خلال تكريمه ضمن "4 لريمون" على مسرح مونو، بمبادرة من الممثل والمخرج غبريال يمين والممثلة والمخرجة جوزيان بولس، شعر المشاهدون أنهم هم المكرمّون، إستعادوا العصر الذهبي للمسرح، وشاهدوا أعمال مخرج عبقري كتبت منذ سنوات، وما زال مضمونها يحاكي الواقع الحاضر.
غرد ريمون جبارة خارج السرب في الكتابة، في المسرح، فإبتعدت أعماله عن المفاهيم المألوفة. وجّه من خلال أعماله المسرحية، رسائل في عدة إتجاهات، بدءاً من رفضه للحرب والقمع والميليشيات، وسخريته من بطولاتها الوهمية، وحساسيته المفرطة للطبقة الإجتماعية، مع التركيز على أهمية الإنسان، لأنه كان صديق الضعفاء. كان جباراً، فقد عاش 26 عاماً مصاباً بفالج، ولم يتوانَ عن العمل الفكري والإبداعي والكتابي والإخراجي.
نستذكر ما قاله مسؤول حزبي للمخرج ريمون جبارة بعد أسبوع من مشاهدة مسرحيته: "والله يا استاذ ما فهمت من مسرحيتك شي ولكن على اسبوع ما قدرت نام. قلقتني". فأجابه: "هذا المطلوب".
ويبقى ريمون جبارة في ذاكرة اللبنانيين "صانع الأحلام".
