دخلت الفنانة المصرية نادية مصطفى عالم الفن منذ الصغر بصوتها المميز، وعُرف إسمها في الثمانينات إذ كانت في تلك الحقبة من الأسماء اللامعة التي رسخت في رؤوس المستمعين.
و بعد تقديمها إلى الملحن محمد سلطان الذي أُعجِب بموهبتها الفنية وشجّعها على المواصلة في طريق الغناء، قام الأخير بتقديم أول أغنية خاصّة بها وهي أغنية "مسافات" المعروفة، والتي لعبت دوراً كبيراً في نجاحها وخروجها إلى الجمهور العريض.
وكذلك قدمت نادية مصطفى عدداً من الأغنيات التي لاقت نجاحاً مميزاً، نذكر منها "بكل لغات العالم"، "جوابات"، "الليلة دي"، "قلت إيه" و"جمال إسكندرية" وآخرها كان "يسلملي ذوقهم"، كما وأصدرت نادية خلال مسيرتها الفنية ثلاثة ألبومات هي على التوالي "مسافات"، "الصلح خير" و"يا ما يا".
وكان لموقع "الفن" حديث مع نادية مصطفى، تناولنا فيه نجاحاتها وإصداراتها، كما وتحدثنا عن ظهور وتكريم الفنانة نجاة الصغيرة، وعن واقع الفن في العالم العربي.
"يسلملي ذوقهم" كانت آخر أعمالك التي طرحتها العام الماضي.. هل هناك إستراتيجية معينة تتبعينها بطرح أغنية واحدة في السنة؟
أنا لا أتبع أية إستراتيجية في إصدار الأعمال، فإذا كان الإنتاج متاحاً أرحب بكل جديد، و في ما يخص أغنية "يسلملي ذوقهم" كنت قد جلست مع الدكتور الملحن مصطفى العسال وسمعت عدداً من الألحان، وأعجبتني جداً هذه الأغنية بالإضافة إلى أغنية ثانية، لأقوم بعدها بإختيار "يسلملي ذوقهم" لأنها تشبهني أكثر، وأؤديها بصوتي، إلا أن مشكلة الإنتاج واجهتنا، فالأغنية إذا لم توجّه في الطريقة الصحيحة يمكن أن تخسر قيمتها حتى لو كان التسجيل مميزاً، ففي السابق قمت بتسجيل أغنية "محتاجة" من كلمات العبقري الأستاذ بهاء الدين محمد وألحان محمد ضياء اللذين أكن لهما كل الإحترام والتقدير، إلا أن الأغنية لم تنجح كثيراً بسبب سوء التسويق والإدارة وعدم تصويرها، مع العلم أنها أغنية عظيمة.
في "يسلملي ذوقهم" كان همي الاكبر أن يقوموا بتصويرها وأن تدار كما يجب من قبل شركة، وكنت سعيدة أننا وجدنا شركة لايف ستايلز ستوديوز مع المخرجة رودينا حاطوم لهذه المهمة، أما بالنسبة لكليب الأغنية، كنت أريد أن يظهر تراث مصر، فإخترنا الأهرامات للتصوير إذ إنها تحظى بمحبة كل العالم.
بعد مسيرتك الفنية الطويلة والناجحة هل نلتِ التكريم الذي تستحقينه ومن هي الجهة التي قامت بتكريمك؟
كرمت كثيراً من دار الأوبرا المصرية، وفي الكويت في مهرجان كبير، كما وكرمت في تونس بعد فوز أغنيتي "بحلم" في أحد المهرجانات هناك، ولكن أكثر تكريم أعتز به في الحقيقة هو عندما أقابل أحداً ويسألني عن غيابي ويقول لي "أين أنتِ، أنتِ من الأصوات الجميلة التي تشوقنا دائماً لسماعها" هذا أكبر تكريم لي، فأنا برغم عدم تواجدي الدائم على الساحة الفنية إلا أني موجودة في قلوب الناس، و هذا بحد ذاته تكريم من ربنا.
إرتبط إسمك بأغنيتك الشهيرة "سلامات" التي علقت في أذهان الجمهور لأكثر من 42 سنة، ما هو سبب عدم صدور أعمال مشابهة ترسخ في أذهاننا لأعوام طويلة وماذا كان سبب نجاح "سلامات" الكبير؟
للأسف، جميع الأعمال اليوم أصبحت متشابهة بشكل كبير وأصبح المؤلفون والملحنون يستسهلون في صنع الاعمال، أو يستصعبون إيجاد فكرة جديدة للكلمات أو فكرة جديدة لحنية، ولهذا السبب لم تعد الأغنية تعيش كثيراً مثل السابق، وأنا لا أعتبر أن "سلامات" هي المقياس، فهناك ألحان درست جيداً مثل أعمال الأساتذة الكبار بليغ حمدي وصلاح الشرنوبي ورياض السنباطي ووضعوا إسمهم على أغنيات لا تزال حية حتى اليوم رغم قدمها، وذلك بسبب الجهد الذي وضع فيها والأفكار الجديدة التي قدموها من خلالها.
أما بالنسبة لـ "سلامات" فهي أغنية ستعيش دائماً وهذا ما كنت أفكر به عندما قمت بها، فإنها تتحدث عن الغربة وهذا شيء شائع في عالمنا العربي وموجود في كل بيوتنا، وستعيش هذه الأغنية لأن كلماتها جديدة وموضوعها يمس القلب.
عاصرتِ أجيالاً من الفن القديمة والجديدة، هل ترين أن واقع الفن في العالم العربي تغير؟ و إذا تغير فهل إلى الأفضل أم إلى الأسوء؟
من الطبيعي أن يكون واقع الفن قد تغير، ولكن لن أكون سلبية وسودوية وأقول إلى الأسوء، ولكن الآن أصبحت هناك وسائل إنتشار كثيرة وسريعة للفن مثل وسائل التواصل الإجتماعي، لم يعد هناك "فلترة" للمواهب الحقيقية، فتجد أشكالاً من المحتوى الذي لا يمت للفن بصلة ويحصل على نسب مشاهدات عالية و خيالية ومردود مالي كبير، ما جعل "من هب ودب" يصدر أعمالاً من دون أي معنى ولا علاقة لها بعاداتنا وتقاليدنا، وكلماتها مبتذلة وألحانها لا علاقة لها بالشرقية الأصيلة، ولكن من الجهة الأخرى نجد الأقلية التي تملك أصواتاً جميلة وإنتاجات نادرة ومميزة.
هل يمكن أن نرى إحدى إبنتيك تتبع خطى والدتها ووالدها الفنان أركان فؤاد وتدخل عالم الفن؟
هذا الأمر أكيد، فأنا لدي إبنتان تغنيان، وهما فيروز التي غنت بعض الأعمال الخاصة بها، وهمسة التي حازت على إعجاب الجمهور والنقاد بعد أن غنت في الاوبرا أغنيات "ياعيون القلب" و"ست الحبايب"، فهما أصواتهما جميلة وأنا أتمنى لهما التوفيق مع كل الاصوات الموجودة على الساحة الفنية الآن ولم تأخذ حقها بعد.
بعد غياب طويل، تم تكريم الفنانة نجاة الصغيرة على مسيرتها ضمن حفل توزيع جوائز "Joy Awards"، في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، ما تعليقك على الموضوع؟
أنا أرى أن الفن رسالة ومن ضمن هذه الرسالة نشر البهجة والسلام في نفوسنا، ونجاة الصغيرة هي أسطورة وعلامة فارقة ومنورة في تاريخ الغناء والموسيقى، فتستحق كل التكريم كما وتستحق أن نفرحها نحن، كما فرّحتنا هي على مدى تاريخ طويل من العطاء والنجاحات، و هي تعيش في داخلنا وستبقى، ورغم الإنتقادات فأنا أرى نجاة شابة جميلة وإحساسها جميل وصوتها عظيم وتعلمت على يديها، وتكريمها في "Joy Awards" لفتة إنسانية عظيمة جداً وتُحسب لهيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية، و أنا أشكر الهيئة لجعلي أرى الفنانة نجاة تكرم رغم رفضها لسنوات كثيرة أن تخرج أمام الناس وتكرم، وأنا أبارك لنا على ظهورها من جديد علينا وأحترم قرارها بأن تكون موجودة وأفرح لوجودها معنا.