مسرحية "زردشت صار كلباً"، هي المسرحية الثالثة من سلسلة "4 لريمون"، التي تتضمن أربع مسرحيات، يعاد عرضها على مسرح مونو، لتكريم المخرج والكاتب ريمون جبارة، وقد تولى إخراج العروض الجديدة من "زردشت صار كلباً"، الدكتور والمخرج والممثل أنطوان الأشقر، وشارك بالتمثيل فيها. المسرحية تتألف من أربع لوحات، لكن أنطوان الأشقر إستبعد لوحة واحدة، لأنها لا تتناسب مع الواقع الحالي. "زرادشت صار كلباً" عُرضت خلال الحرب اللبنانية عام 1978، وجسدت رفض ريمون جبارة للحرب وتبعاتها، من خوف وذل يرافقان الإنسان حتى موته، من السلطتين العسكرية والدينية، كذلك تبعية الناس للميليشيات، ولكن بأسلوب كوميدي، ساخر ولاذع، وكاريكاتوري موجع.

الممثلون

شارك أنطوان الأشقر عام 1978 بالتمثيل في المسرحية مع ريمون جبارة، وهو اليوم على مسرح مونو يتولى إخراجها، ويشارك بالتمثيل فيها، ويجسد عدة أدوار، منها دور مريض خضع لعملية لتقصير قامته، وينتظر الطبيب في غرفة الإنتظار، مع مريضة تجسّد دورها الممثلة سلمى شلبي، ومريض آخر يجسد دوره الممثل جوزف ساسين، والجميع خسروا أعضاء من أجسادهم، لكنهم يتباهون ببراعة الطبيب، كما لو كان إلهاً. ويجسّد الأشقر أيضاً دور شخص مثقف، خسر عمله خلال الحرب، فعرض عليه مدير معمل ميليشيوي، أن يكون كلباً وفي عنقه سلسلة حديدية وأن ينبح، فوافق مرغماً، كي لا يموت أولاده من الجوع.

الممثل جوزيف ساسين يجسد دور كاهن لديه ماضٍ حافل بالإجـرام، وبعلاقات عاطفية مع النساء، كما أنه إرتكب جـريمة، وقتل رئيس الدير. ويجسد أيضاً دور مريض يزور طبيباً شهيراً، يعالج مرضاه بواسطة إستئصال أجزاء من أعضائهم، أو الأعضاء بكاملها، وهي شخصية ساذجة وتبعية.

الممثلة سلمى شلبي تجسد دور مريضة عرجاء، تنتظر الطبيب الذي تسبب بإعاقتها، وتشيد به وببراعته، كما أنها تجسد دور زوجة الرجل المثقف، الذي رضي بأن يكون كلباً.

الممثل ميران ملاعب يجسد دورين في المسرحية، الأول دور شخص مسافر يلتقي بمسافرين آخرين، والثاني دور ممثل في فرقة مسرحية. الممثل رامي عطالله يجسد دور ممثل في فرقة مسرحية، ودور مدير المعمل الميليشيوي، الذي يعرض على الرجل المثقف أن يكون كلباً.

آلهة جديدة

مسرحية "زردشت صار كلباً" ليست بعيدة عن واقعنا الحالي، فما زالت التبعية للزعيم موجودة، والآلهة التي يختارها الناس أصبح لها وجوه جديدة، ما يؤكد الحس المرهف الذي كان يتمتع به ريمون جبارة، كذلك رفضه للحرب، وأشكالها وتبعاتها على مكونات المجتمع. أنطوان الأشقر الذي كان وفياً لنهج وفكر ريمون جبارة، أبدع في إخراج المسرحية، وبكل الأدوار التي جسدها فيها، وكيف لا، وهو الذي بدا متأثراً كثيراً، خصوصاً أنه عمل سابقاً مع ريمون جبارة، فبكى ليلة إفتتاح المسرحية، قبل أن يعود ويحيي الجمهور، أما الممثلون المشاركون في هذه المسرحية، فقدموا أفضل أداء، ليكون العمل متماسكاً من كل جوانبه.

بعد مشاهدة مسرحية "زردشت صار كلباً" التي عرضت للمرة الأولى عام 1978 خلال الحرب اللبنانية، نستذكر ما قاله ريمون جبارة: "مسرحي لا ينتهي عندما يسدل الستار، هو يحثّ المشاهد على التفكير بعد إنتهاء العرض، فالمسرح الذي تفكّر بعد مشاهدته، أين ستأكل صحناً من الفول، ليس مسرحاً".

إشارة إلى أن عرض المسرحية مستمر اليوم وغداً على مسرح مونو.