رغم الخلاف الشخصي او يمكن سوء التفاهم بيني وبين الشاعر و الملحن اللبناتي فارس إسكندر تبقى بعض طروحاته الفنية مادة دسمة تجذبني الى أبعادها وعمقها وضرورتها في يوميات وطن لم يعرف يوماً أبجدية الراحة والاستقرار والامان، وبعد تفجير المرفأ وأغنية ( إبني حلو ) التي لامست قلبي يطل فارس من خلال مقطع غنائي يتناول من خلاله ما يحدث في جنوب لبنان وسط صمت رهيب من شعب واعلام وفن ومواقع تواصل إجتماعي، و كأن هذا الجزء من لبنان غير محسوب الا على فئة معينة لا تجوز عليها الانسانية والتضامن والقليل من الحب أمام هول ما يجري من نار و دم و دخان وحديد لم يوفر لا طفل ولا مسن ولا أسرة بأكملها في النبطية .
فارس إسكندر كان اول من أطلق مبادرة تعيد الجنوب الى أذهان البعض بعد أن غاب عن يوميات كثر يعتقدون أن من يتعرض للتهجير والقتل والخطر والموت لا يستحق حتى همسة مساندة إنسانية او فنية لان هؤلاء سرقتهم الحفلات ومشاكل دكتور فوود وزوجته شروق ومناداة عمرو دياب لسائقه بكلمة نابية، أما القرى المحروقة على الارض والنازحين منها بلا ذنب فهم لبنانيون فقط بالهوية ولا يسمح التعاطف معهم بالوطنية وهنا نتحدث عن مدنيين دفعوا فاتورة قاسية وسط أجواء مناخية صعبة ولم يكلف أحداً حتى من سفراء النوايا الحسنة نفسه أن يقدم حبة أرز للتائهين بين الموت ونكران ابناء الوطن الواحد .
هذه ليست مصالحة مع فارس إسكندر الذي يبقى الخبز و الملح بيننا طاغياً على اي عتاب، بل كلمة حق تقال بهذا الشاب الذي غنى لرقعة غنية بالكرامة في أوج المحن حين صمت الاخرون و فضلوا إبتلاع المزيد من الدولارات و لم يتضامنوا في الخارج أمام الناس مع بلدهم و كأن الجنوب كما قال اسكندر بلد تاني .. مع الاسف