يحقق فيلم "حسن المصري" نجاحاً لافتاً ومميزاً، على الرغم من ظروف الحرب وتداعياتها، والتي تحيط بنا من كافة الجهات. الناس بحاجة إلى متنفس، بعيداً ولو قليلاً، عن التوتر الحاصل، ولعل هذا الفيلم شكل متنفساً لرواد السينما وعشاق الأكشن والإثارة والتشويق.
هذا العمل السينمائي الذي يحقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر في صالات السينما المصرية، وإيرادات مرتفعة جداً، يحظى بإقبال كبير في صالات السينما اللبنانية، خصوصاً أنه يحمل بصمة المخرج اللبناني المبدع سمير حبشي.
قصة هذا العمل لـ نورا لبيب، سيناريو وحوار سمر طاهر، ويشارك في بطولته الممثلون أحمد حاتم، دياموند بو عبود، لينا صوفيا بن حمّان، جينفر عازار، جاد أبو علي، مراد مكرم وفريال يوسف.
قصة العمل تدور في إطار تشويقي، حول حسن المصري، وهو مسؤول حراسات خاصة، يتوجه إلى لبنان للقاء حبيبته هرباً من الماضي، ويعمل في شركتها للحراسة والتأمين، ليتورط بعدها مع أحد أكبر تجّار السلاح، ويخوض مهمة انتحارية.
المخرج اللبناني سمير حبشي، الذي وفي كل مرة يخرج فيها عملاً درامياً تلفزيونياً أو فيلماً سينمائياً، يحرك برؤيته ونظرته الثاقبة، حشرية عشاق السينما والنجوم، للاطلاع على ما سيقدمه من جديد.
مع كل عمل جديد يقدمه سمير حبشي، هناك تجدد قائم بحد ذاته، يوصف التطور الحاصل في عالم الصورة والإخراج والتقنية. فالعمل الذي أخرجه هذه المرة، جاء في قمة الاحتراف، وفيه مقاربة عالمية على غرار أفلام هوليوود، التي تعتمد على مؤثرات خاصة، وحيل سينمائية لتصوير الأكشن والإثارة، وكأن المشاهد هي واقعية فعلاً.
نظرة سمير حبشي الثاقبة أحدثت فرقاً في هذا العمل، من خلال الصورة واللقطات والكادرات والحركة والألوان، لتشكل توليفة إبداعية إخراجية ببصمة لبنانية، تجعلنا في موضع الفخر والإعتزاز.
هنا لا بد من الإشارة إلى بصمة التميز التي يتركها سمير حبشي في معظم الأعمال التي يخرجها، أولاً من خلال إدخال لبنان وصورته الجميلة في الأعمال التي يقدمها، وهذه المرة تجلى المشهد في بيروت مدينة السهر، وجبيل وأزر الرب والبقاع، وذلك إيماناً منه بهذا البلد، وبصورته الحقيقية التي يجب تصديرها إلى العالم بأسره، وهي صورة الجمال والحب والسلام والثقافة والإنفتاح. ثانياً من خلال إطلالته في المشهد الأخير أمام الكاميرا، وكل مرة برمزية أو مشهدية هادفة، تجلت هذه المرة بتقديمه المنقوشة اللبنانية إلى ممثلة مشاركة في العمل، في دلالة على رمزية المنقوشة بالنسبة إلى اللبنانيين.
الفيلم حمل الكثير من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، ولعل سماعة الأذن التي كان يضعها حسن المصري، هي خير دليل على هذه الرسائل، التي لن نكشف عن تفاصيلها، حرصاً على مضمون العمل.
كما لا بد من الإشادة بدور كل من الممثلين اللبنانيين سليم حلال وجاد أبو علي وحضورهما وتمكنهما من أدواتهما في التمثيل والتميز.
إشارة الى أن مقدمة العمل أكثر من مميزة، وكذلك النهاية القريبة من فيلم "غلادييتر".
لم يخطئ الكبير الراحل يوسف شاهين حين قال في المخرج سمير حبشي "خدوا بالكم من الشخص ده"، وطلب يومها من ابن شقيقته غابي خوري التواصل معه، فكتب وأخرج سمير حبشي الفيلم الوثائقي "سيدة القصر" (قصة نظيرة جنبلاط) سنة 2002، وكتب وأخرج الفيلم الروائي الطويل "دخان بلا نار" سنة 2008، ليتوج باكورة أعماله مع الشركة ذاتها "أفلام مصر العالمية" من خلال فيلم "حسن المصري".