"حماتك بتحبك"، عمل مسرحي جديد يُعرض على مسرح مونو في الأشرفية، بتوقيع المخرج برونو جعارة، بطولة الممثلين فيفيان بلعط، باتريك الشمالي، جومانا سميرة، محمد عساف، نديم يارد، ميرا بارودي وعدي هوشر. تدور قصة المسرحية حول الحماة عفيفة، التي تصل لزيارة إبنتها جمانة وصهرها مروان لمدة يومين، وتستغرق إقامتها عدة أشهر، وتحصل مفاجآت عديدة.

أبدع الممثلون السبعة بأداء أدوارهم بعفوية وبراعة. فيفيان بلعط أدت دور الحماة، ولفتت الأنظار بخفة ظلها، ورشاقتها المدهشة، فكانت نجمة العمل، وشعر المشاهد أنها ملكت المسرح بطاقتها الإيجابية، فهي ترّحب بالزوار بحفاوة بالغة، في منزل إبنتها جمانة، وتقبّلهم. أما رغبتها في أن تكون جدة، فدفعتها إلى إقتراح فكرة غير متوقعة على صديق صهرها وإبنتها.

باتريك الشمالي أتقن دور الصهر، وأثبت قدرته على تأدية دور كوميدي ببراعة، بعد دوره الجدي في مسرحية "أنّا أو".

حبكة متماسكة

حبكة العمل متماسكة، أبعدت عن المشاهد الشعور بتباعد المحطات والمواقف، وكانت متناسقة في إطار شيّق. المفاجآت والحركة أضحكت الجمهور مطولاً، فتمتع المشاهد خلال ساعة من الوقت، بمتابعة عمل فني متكامل، يؤديه فريق عمل متجانس، أدى مهمته بنجاح. لم يتخلل المسرحية أوقات مملة، بل كانت تضج بالمواقف المتنوعة والمفاجئة. وكان لافتاً تجسيد ثلاثة ممثلين أدواراً مزدوجة ببراعة وإتقان. مسرحية "حماتك بتحبك" قدمت للمشاهدين أجواء طريفة وترفيهية وممتعة، ورسمت الفرح على وجوههم.

موقع "الفن" إلتقى المخرج برونو جعارة والممثلين فيفيان بلعط وباتريك الشمالي، وأجرى معهم الحوارات الآتية.

برونو جعارة

"حماتك بتحبك" هي المسرحية الثانية بعد "رايحين جايين" خلال سنة، كيف تقيم العملين؟

العملان هما بمثابة أولادي، وأحببت كل منهما، لاسيما أنني أول من يقرأ العمل، وعندما أعجب به، أحب أن أتشاركه مع الجمهور، لكن الكلمة الفصل تبقى للصحافة والجمهور. بالنسبة لقصة المسرحية، فهي تتطرق إلى شخصية الحماة وشخصية صهرها، وهما شخصيتان لم يتطرق إليهما أي عمل مسرحي سابق. التحدي الكبير هو أن مسرحية "رايحين جايين" عرضت بلوكات، حيث شهدنا بكثافة فتح وإغلاق أبواب، ومفاجآت وحركات جسد ناشطة جداً، بينما في مسرحية "حماتك بتحبك"، هناك حياكة متقنة للكاراكتيرات، وقدرات تمثيل بسبب عدم وجود عنصر الحركة الناشط بشكل لافت. مسرحية "حماتك بتحبك" تتميز بإتقان أكبر، لاسيما أن الممثلين الثلاثة عدي هوشر ونديم يارد وميرا بارودي لعب كل منهم دورين مختلفين. يوجد باقة أكبر من الكاراكتيرات، التي تطلب تحضيرها عملاً مضاعفاً، وإذا شعر المشاهد بالفارق بين الدورين لكل منهم، فهذا يعني أن العمل ناجح.

هل الفودفيل يصبح أصعب، عندما يعاني الجمهور من حالة نفسية سيئة، ويكون بحاجة للترفيه؟

الفن بكافة أجنحته، من شعر ورسم ونحت وسينما ومسرح، يضيف رونقاً على الحياة، ونحن بحاجة إلى الفن بشكل دائم، سواء من خلال القراءة، أو مشاهدة فيلم سينمائي، أو عمل مسرحي، أو زيارة معرض فني. يعتبر الفن بمثابة أوكسجين للناس، الذين يعانون من حالة نفسية سيئة، ولا بديل عنه، كما أن الفن يبلسم الجراح، ويداويها، ولا معنى للحياة من دون الفنون.

"حماتك بتحبك" تشهد على تناغم بين النص وأداء الممثلين، بالرغم من أن معظمهم غير مشهورين، كيف تفسر الأمر؟

الكاستنغ هو الذي يحدد الممثل المناسب للدور المناسب، والعمل ليس بحاجة إلى أسماء معروفة، لأن النص هو الذي يحرك الممثل، والمواقف الكوميدية هي التي تحرّك الجمهور، وعندما أنجح في خياراتي كمخرج، أكون قد وصلت إلى الهدف المنشود. أنا في صدد إعداد فرقة مسرحية، والممثلون المشاركون في مسرحية "حماتك بتحبك"، هم جزء منها، وأتمنى أن نستمر معاً، بالرغم من الظروف القاسية التي نعاني منها، ويتوقف الأمر على قدرات كل منهم على النجاح بأدواره، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية تغيبهم أحياناً عن المشاركة، نظراً لظروف خاصة بهم، أو لإرتباطات أخرى.

ماذا يحضر برونو جعارة بعد هذه المسرحية؟

هناك مسرحية مقتبسة من Duets للكاتب البريطاني بيتر كيلتر، حصل باتريك الشمالي على حقوقها وعرّبها. عنوان المسرحية "تنين تنين"، وهي كوميديا إجتماعية، من بطولة باتريك الشمالي وكريستين شويري، ومن إخراجي، ستعرض على مسرح مونو أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

أود أن أتطرق الى إمتناع بعض القنوات التلفزيونية، عن تغطية عمل فني ظهر على شاشة أخرى تولت تغطيته ورعايته، وهذا أمر مؤسف في المجال الإعلامي، حيث يدفع الفنان الثمن. أؤكد أن الفن لا لون له، ولا دين ولا جنسية، الفن للجميع، ويجب أن يتخطى كل الحواجز.

فيفيان بلعط

أدخلت تعديلات على النص، هل تطلعينا على التفاصيل والأسباب؟

بعد إطلاعي على النص من قبل المخرج برونو جعارة، إقترحت إدخال بعض التعديلات، تتعلق بفضح الشخصيات وأفعالها، وذلك لتقوية الحبكة ودعم الكوميديا في العمل، وإضافة جرعة من الضحك، وتوجيه رسالة، بالرغم من إستبعاد الرسائل في الفودفيل. وإقترحت تعديلات على شخصية عفيفة، كي تصبح "جهلانة"، وديناميكية ومحبة للحياة، لتبرير تصرفاتها.

درستِ الهندسة الداخلية وفن الماكياج، وحصلتِ على دراسات عليا في المسرح والإخراج والسينما، أي من هذه المجالات يستهويكِ بشكل خاص؟

تعلمت الرقص منذ طفولتي، وكل ما يختص بالفن، وكانت رغبتي في أن أنجح في مختلف المجالات الفنية. أحب المسرح والسينما، ولدي شغف كبير في الرقص والكوريغرافي. أملك خبرة طويلة ومتنوعة في فن الماكياج، وهندسة الديكور ،وأحب التلفزيون، والوقوف على خشبة المسرح، وقد شاركت في أعمال مسرحية مع الفنانة ريمي بندلي، وعملت مع المسرح العسكري الجوال والمجاني لمدة ست سنوات، وشاركت مع الدكتور نبيل أبو مراد في مسرحية "حفنة ريح"، التي عُرضت على مسرح المدينة، كما شاركت مع المخرج برونو جعارة في مسرحية وطنية عنوانها "النهر". علّمت المسرح في المدارس والجامعات، وأعلّم الرقص وفن الماكياج.

ماذا عن أعمالكِ القادمة؟

أشارك في دور البطولة بمسلسل "لعينيكِ"، الذي سيعرض قريباً، للكاتب الراحل مروان نجار، إخراج ليليان بستاني، إنتاج شركة Sat 7، تنفيذ إنتاج شركة أفكار برودشن، كما كتبت عدة نصوص لمسرحيات ومسلسلات، آمل أن تبصر النور قريباً.

باتريك الشمالي

أخبرنا أكثر عن دور مروان الذي جسدته في المسرحية.

دور مروان عرضه عليّ المخرج برونو جعارة، وأنا شخصياً كمشاهد، لا يستهويني الفودفيل، لكنني كممثل، وجدته فرصة مناسبة لتأدية دور جديد، بغض النظر عن متطلباته. على سبيل المثال في "أنّا أو"، لعبت دوراً جدياً، وفي "حماتتك بتحبك" ألعب دوراً كوميدياً، يتطلب حركة دائمة، ولياقة جسدية كبيرة، وقدرة على التحرك على المسرح بوتيرة سريعة، وأنا من الأشخاص الذين ينتقون الخيارات الصعبة، بغية اكتساب خبرات جديدة. دور مروان أتاح لي الفرصة للتدرب على نوع جديد من الكوميديا، لم أختبره سابقاً، ولا أفضله كمشاهد، وسخّرت قدراتي من أجل أدائه، لأتخطى الحواجز، ووجدت متعة كبيرة، لاسيما مع أفراد فريق العمل.

من دور جدي في مسرحية "أنّا أو"، إلى دور كوميدي في "حماتك بتحبك"، في أي عمل تناغمت مع الدور بشكل أفضل؟

أنا أنظر إلى كل دور أؤديه، على أنه دور جدي، سواء كان كوميدياً أو تراجيدياً، وأمثل الكوميديا والتراجيديا بنفس القدر من الجدية، وأبذل جهدي للشخصية، ولخدمة الدور، وخدمة عيوب الشخصية، وصفاتها، ليكون لي ذكرى جميلة أحتفظ بها.

أنت كاتب ومخرج وممثل، وفيلمك "منشور" حصد جوائز عالمية، وتعمل أيضاً في مجال بعيد عن الفن، هل تطلعنا على الدوافع؟

أنا كاتب ومخرج وممثل، لكنني أعمل بشكل دائم في ميدان بعيد عن الفن. أنا استشاري في مجال التكنولوجيا، وأعمل في هذا المجال بشكل دائم. أما التمثيل والفنون الأدائية، فهي شغف بالنسبة لي. كنت مستهلكاً للأفلام والأعمال المسرحية، وانتقلت عبر محترفات التمثيل إلى صفوف الممثلين، وكان الدافع في البداية، بداعي الحشرية، والرغبة في الإطلاع على كيفية إنتقال الشخص من الحياة العادية إلى ممثل على خشبة المسرح. الممثل في داخلي يحتل مساحة كبيرة للخلق، أما الكاتب فيحتل مساحة أكبر، والسبب هو حبي للرواية، وقد أقمت محترفات للكتابة، لأنني أحب أن أعبّر عن قصتي، وأطمح أن أمثل دوراً ساهمت في كتابته. قد يكون الفيلم، الذي سيعرض قريباً من كتابتي وتمثيلي، عنوانه 12، وعاونني في الكتابة المخرج بودي صفير، وهو مقتبس من كتاب 12 Angry men، وعملنا على إقتباس قصة 12 محلّف إفتراضي، ليحكموا في قضية، وشارك الفيلم سابقاً في مهرجان الأفلام القصيرة. أحب الإخراج لأنني أروي القصة من وجهة نظري، وعندما أكتب وتسنح لي الفرصة أن أكون المخرج، أحافظ على الحبكة التي قمت بها، وأتيقن من عدم المس في نظرتي الخاصة. لا مانع من أن أكون في كل المجالات، لكنني أفضل أن أكون في مجال واحد، وأسخّر قدراتي من أجله. أنا مع الكتابة والتمثيل معاً، لكن فكرة الإخراج والتمثيل معاً قد تكون صعبة، ومن المرجح أن تكون للمدى البعيد.

هل تحضّر أعمالاً جديدة في المدى القريب؟

نعم أنا بصدد المشاركة مع الممثلة كريستين شويري في مسرحية "تنين تنين"، إخراج برونو جعارة، وستعرض ابتداءً من ٢٦ أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهي مقتبسة من Duets للكاتب البريطاني بيتر كيلتر، وحصلت على حقوقها وعرّبتها، فيها حبكة عن الثنائي، والعلاقات بين الرجل والمرأة، وألعب مع كريستين أكثر من دور في العمل.