لم يخطئ المطرب الكبير الراحل وديع الصافي عندما غنى "لبنان يا قطعة سما عالأرض تاني ما إلا لوحات الله راسما"، كما أصابت السيدة فيروز، عندما شرّعت قلبها لحب لبنان بغنائها "بحبك يا لبنان يا وطني بحبك"، ولم يبالغ الفنان المبدع الراحل نصري شمس الدين عندما غنى "بنسى الدني وما فيها إلا لبنان الغالي"، وبأعلى صوت أعلنها الموسيقار الراحل ملحم بركات "على حبك نحنا تواعدنا"، وعندما انتكس لبنان، دعت الشحرورة الراحلة صباح الوطن للنهوض مجدداً بغنائها "تعلى وتتعمر يا دار"، وأعطتنا أملاً به عندما غنت "علبنان لاقونا".
وهذه المرّة في "الموريكس دور" "لاقونا"، المهرجان الفني العريق، له بصمته الخاصة بفضل مؤسسيه الدكتورين زاهي وفادي الحلو، اللذين آمنا بالوطن، ورسّخا في ذاكرتهما حبهما له، متأثرين بكل عمالقة الفن الذين ذكرناهم، والذين أفاضوا في حبهم للبنان من خلال أغانيهم، فالوطن الجريح تُضمّد جروحه الأحداث الفنية العريقة، منها الموريكس دور، حيث يجتمع فيه النجوم اللبنانيون والعرب والعالميون أيضاً.
هذا الحفل الذي يزيد إشراقاً وبريقاً مع كل دورة، عرض على شاشة "LBCI"، وقدّمته الإعلامية هيلدا خليفة، التي تميّزت بحنكتها وتألقها وإطلالتها المبهرة، فكانت فعلاً على قدر المسؤولية، واكتملت معها عناصر النجاح.
أسماء كثيرة فازت بهذه الجائزة، التي لها قيمتها في الوسط الفني، نذكر من الفنانين والفنانات هدى حداد التي كانت أول المكرمين عن مجمل أعمالها الفنية، وأيضاً نوال الزغبي، ميريام فارس، زياد برجي، مروان خوري، نادر الأتات، محمد رمضان، أحمد سعد، ناصيف زيتون، رحمة رياض وعصام النجار.
ومن الممثلين والممثلات نذكر طارق تميم، كاريس بشار، نيقولا معوض، هالة صدقي، ورد الخال، كما لم تنسَ الموريكس دور تكريم القطاع الإنتاجي في لبنان، إذ تم تكريم المنتجين صادق الصباح وجمال سنان.
نبدأ بإطلالات النجوم التي كانت مميزة، ومن توقيع مصممين محترفين، نذكر منهم بسام نعمة، نيكولا جبران، زهير مراد ووسام يوسف، وهم يستحقون التكريم أيضاً.
ونذكر أنه ما زال التصويت مستمراً عبر "LBCI" حول أجمل إطلالة، وسوف تُعلن النتيجة لاحقاً، ضمن "توب 10" عبر أحد البرامج على الشاشة.
ننتقل الى الأمر المميز في الحفل، وهو تقديم الممثلة ماغي بو غصن، جائزة الموريكس دور للممثلة ورد الخال، وهذا دلّ على احتراف ماغي، وأخلاقها العالية وفرحها لزميلتها ورد، التي إتخذت بدورها خطوة لافتة، وهي أن تقدّم جائزة في الموريكس في السنة المقبلة، لممثلة لبنانية أو عربية.
نتحدث أيضاً عن الفنان المصري أحمد سعد، الذي وبطريقة طريفة، قال على المسرح إنه لم يأخذ حبة النرجسية، لكنه سيتحدثه عن نفسه، وغنّى "اليوم الحلوه ده، وسع وسع، اختياراتي"، ولاقى تفاعلاً كبيراً من الحضور، وعبّر عن حبه للبنان، مشيراً إلى أنه يحب الفرفشة والحياة، وهذا أثّر فينا كـ لبنانيين، لأننا شعب عاطفي، نحب الذي يحضر إللينا، أن يحترم آراءنا وذوقنا، وبالتأكيد نحن نبادل أحمد سعد بالمحبة ذاتها، التي يبادله إياها الجمهور المصري.
الفنان محمد رمضان أطلّ 3 مرات على المسرح، وذلك بلوك جميل ومميز، الإطلالة الأولى من أجل تكريمه، الإطلالة الثانية مع الفنان عصام النجار، الذي لم يبخل عليه رمضان بالكلام الجميل، مشيراً إلى المعاناة التي مرّ بها، والتي أوصلته إلى النجاح، والإطلالة الثالثة عندما تمت تدعوته لإتمام المصالحة مع الفنانة نوال الزغبي، وهنا قال رمضان: "أنا سئلت حينها من هي الفنانة اللبنانية التي تحلم بأن تعمل معها ديو، وكلمة تحلم كبيرة جداً، فمن أجل ذلك أنا لم أختر أحداً، أما نوال الزغبي فقالت: "استفزني عندما لم يذكر محمد رمضان أي إسم لبناني، لكني أحبه وأحترمه، وبالتأكيد أعرفه"، وبعدها تصافحا وتصالحا على المسرح.
الممثلة المصرية الملكة هالة صدقي ، استحقت التكريم أيضاً، وهي التي أطلقت على نفسها لقب "ملكة" في مسلسل "جعفر العمدة"، هي الإنسانة التي لمسنا عن قرب مدى تواضعها وإنسانيتها، ولاحظنا حبها الكبير للسيدة فيروز، من خلال كلامها الجميل عنها.
هالة صدقي التقطت الصور التذكارية مع الجميع، على عكس بعض المشاهير الذين لا يرغبون بإلتقاط الصور، وقد قدّمتها على المسرح الإعلامية المصرية بوسي شلبي، التي أخبرتنا عن فرحتها الكبيرة، بأن تكون في الموريكس دور الذي هو أهم مهرجانات لبنان.
لفتة وفاء من الموريكس دور للمؤلف الموسيقي والمسرحي الذي واكبهم في العديد من الفترات، وهو المبدع الكبير الراحل روميو لحود، فإعتلى الممثل طوني عيسى والفنانة ألين لحود إلى المسرح، وغنيا "ميدلي" من أعمال روميو لحود، منها أغاني الفنانة الراحلة سلوى القطريب، ومن بينها "خدني معك" و"طال السهر"، وكم كانت هذه اللفتة جميلة، لأنه صادفت يوم حفل الموريكس دور ذكرى ميلاد سلوى القطريب. وهنا نشير إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي يلتقي فيها طوني عيسى وألين لحود على المسرح، فقد التقيا سابقاً في مسرحية "ع أرض الغجر" للمنتج والمؤلف الموسيقي غدي الرحباني.
الفنانة الراقية هدى التي تعودنا عليها في مسرحيات الأخوين رحباني، وتابعت بعدها في معظم مسرحيات المؤلف والملحن الكبير الراحل منصور الرحباني، وما زالت تعمل في مسرح كركلا، كانت ممتنة كثيراً لتكريمها في الموريكس دور، وهي الفنانة التي يحبها لبنان، وهي تحبه، وصاحبة الصوت الجميل، والأخلاق الرفيعة.
ومن الممثلين المكرمين أيضاً، نذكر القدير رفعت طربيه، الذي تم تكريمه عن تقديمه 50 عاماً من الإبداع، وسلمه الدرع التكريمي رئيسة تحرير موقع الفن هلا المر والإعلامي يزبك وهبه، وقالت المر عن طربيه، إنه يبقى ملك المسرح والفن والأدب، فهو ألف العديد من الكتب، وقدّم الكثير من المسرحيات، منها "شربل، صخرة طانيوس، جبران خليل جبران، وقفة ملك مع كركرلا"، إلى جانب مشاركته بالعديد من المسلسلات والأفلام.
تكريم الفنانة عبير نعمة كان مميزاً، لأنها من أجمل الأصوات في لبنان، إذ يمكنها أن تؤدي طبقات صوتية عالية جداً، وعندما صعدت إلى المسرح كانت مرتبكة، وكانت تجلس إبنتها بين الحضور، فسألت عبير الحضور إذا كانت تستطيع أن تدعو ابنتها إلى المسرح، والكل رحّب بذلك، فتأثّرت وفرحت وأهدت الجائزة لها.
اللافت هو أن الفنان ناصيف زيتون، استذكر أنه إنطلق هاوياً من قناة LBCI عبر برنامج ستار أكاديمي، وأضاف أنه اليوم تكرّم كنجم، ولم ينسَ فضل المحطة عليه، وكانت لفتة جميلة منه ومؤثرة أن يستذكر ذلك، ووجه تحية للإعلامية هيلدا خليفة التي كانت تقدّم البرنامج حينها.
الممثلة النجمة التركية شيفال سام غنّت للسيدة فيروز، وبطلب من الإعلامي سعيد حريري، أغنية "يا قمر أنا وياك" من دون موسيقى، ولاحظنا أن حضورها آسر وصوتها جميل، وقد تم تكريمها عن دورها "إندر" في مسلسل "التفاح الحرام".
وعندما صعد الممثل والكاتب والمخرج جورج خباز إلى المسرح كي يُكرّم، شكر كل فريق عمل مسلسل "النار بالنار" ومسلسل "براندو الشرق"، وطلب منه الإعلامي روبير فرنجية إلقاء قصيدة، فبدأ جورج بكلمة "وطني"، وبعدها توجّه لروبير وقال له: "أحرجتني"، وذلك لأنه نسي كلمات القصيدة.
الفنان زياد برجي كُرّم في الموريكس دور، واستذكر المخرج المبدع الراحل سيمون أسمر الذي أطلقه، وشكر الدكتورين زاهي وفادي الحلو وأعضاء اللجنة، وختم بغناء أغنية "وبطير".
الفنانة ميريام فارس اعتلت المسرح لتكريمها، وغنّت أغنيتها "هذا الحلو"، وقالت بعدها كلاماً مؤثراً عن أزمتها الصحية التي مرّت بها، مشيرة إلى أنها بقيت في فراشها 4 سنوات، ووصلت إلى وقت قالت فيه، إنها لم تعد تقدر أن تفعل أجمل شيء في حياتها، وهو المسرح، لافتة إلى أنها كانت تتمنى أن يُكتب أول فنانة لبنانية عربية تصل إلى العالمية من الجيل الجديد، لأن السيدة فيروز سبقتها، وهي التي وصل صوتها إلى كل أنحاء العالم.
ولا ننسى المخرج طوني قهوجي، الذي أبدع كعادته في الإخراج، وأوصل للمشاهدين أجمل صورة عن الحفل والمشاهير.
حفل الموريكس دور جاء على قدر المسؤولية، هذه الجائزة التي لها وقع خاص، وينتظرها الجمهور كل عام.
ولا يمكننا أن نختم المقال من دون توجيه شكر لمؤسسي الجائزة الدكتورين زاهي وفادي الحلو، اللذين يؤمنان بلبنان، ويسعيان دائماً لإظهار أجمل صورة عن الوطن.
