سارة الزكريا، ربما قلة من الناس يعرفون هذه الفنانة عن قرب، ويدركون مدى عفويتها وطيبتها، ومعركتها مع حياة لم ترحمها، حتى نالت حب الناس، وحققت الانتشار من خلال موجة الأغنية الشعبية، رغم أنها مولعة بالأغنيات الطربية والرومانسية، كما أكدت لي في جلسة مع المنتج اللبناني حسين كسيرة والفنانة اللبنانية ليال عبود، لكن نجومية سارة واجهتها مطبات عديدة، ولم يكن ثمن الأضواء عادياً في يومياتها، وتمكنت بصبرها من أن تتجاوز المحن، وتواصل الحفاظ على مكانة احتلتها بكل شفافية، كونها لا تجيد فنون الخداع والمراوغة والتملق والنفاق.
سارة وبعد منعها من الغناء في أم الدنيا مصر، لم تجد أي سند إعلامي لبناني، لأن البعض يجد هذا التعاطف أو الدفاع، يمكن أن يتم فهمه على أنه هجوم على نقابة المهن الموسيقية في مصر ونقيبها مصطفى كامل، لذا بقيت سارة وحيدة بمساندة حسين كسيرة ومن حولهما، تشغل فضول الباحثين عن سكوب إعلامي، من خلال تصريح لاستغلال الأزمة، التي كان من المفترض أن لا تكون قاسية إلى هذه الدرجة، تجاه فنانة تعرف قيمة الشعب المصري جيداً، وربما شاء البعض أن يحوّل عفويتها إلى كارثة كبيرة، كان من الممكن تفاديها بعقوبة أقل من قرار منع نهائي من الغناء في مصر، خصوصاً أن لبنان فيه مساحة من الحب للفنانين المصريين تتخطى كل التوقعات، وهذه الصورة تجلت في حفلات النجوم تامر حسني وعمرو دياب وهاني شاكر وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد، التي أحيوها مؤخراً في لبنان.
سارة في بلدها لم تكن بحاجة إلى أن تدلي بتصريحات، بل إلى دفاع منطقي من إعلام يستغل إطلالتها على مدار العام، ولو حصل هذا التضامن الإعلامي، كان ربما ساهم في تغيير موقف نقابة المهن الموسيقية المصرية، كما حصل حين تم منع نجوم المهرجانات في مصر من الغناء، وحينها ساند الإعلام المصري هؤلاء الفنانين، وجاء النقيب مصطفى كامل وأنصفهم من خلال مخرج قانوني ومنطقي، لكن في بلدنا، وبعد أن انقرضت معظم الأقلام العاملة في الصحافة الفنية، بدا المشهد وكأن سارة الزكريا بلا سند، ما عدا اللاهثين خلف مقابلة، ممكن أن تضاعف نسبة المتابعين هنا وهناك.
لم أكن أعرف سارة الزكريا شخصياً، هذه الفتاة الطيبة والشفافة، لكن حين تعرفت إليها عن قرب، أدركت أنها تستحق النجاح، حتى لو أن المحاربة التي تلاحقها لن تتوقف، كما هو حال التحريض ضدها.
اعتدنا في موقع "الفن" أن نسجل موقفاً مع الحق، بعد الاستماع إلى وجهة نظر الطرفين المتنازعين، ومع إحترامنا لقرار نقابة المهن الموسيقية في مصر وللنقيب مصطفى كامل، نقول إن سارة الزكريا مظلومة في مكان ما بقرار منعها من الغناء في مصر، فهي غنت في الحفل أغنيات يغنيها الفنانون المصريون، ومازحت الجمهور المصري ولم تهنه ولا أهانت مصر، بل أرادت أن تشعر الجمهور الذي يحبها بحبها له.