التمثيل هو تقمص للشخصيات الدرامية، ومحاولة محاكاتها على أرض الواقع، وتجسيد ملامح وصفات تلك الشخصيات، وأبعادها المتباينة في الرواية أو المسرحية المكتوبة. يحتاج التمثيل إلى موهبة فنية، لذا تلجأ معاهد المسرح في أنحاء العالم، إلى إمتحان قبول، تختبر فيه قدرات الطلاب الفطرية، ويحتاجون بعدها إلى تدريب على الحركة والإلقاء، وتنمية طاقاتهم الحسية والروحية والإنفعالية والفكرية.
في لبنان هناك العديد من المحترفات التي تقدم دروساً في التمثيل، يشرف عليها ممثلون وممثلات محترفون، ويدربون الراغبين من مختلف الفئات العمرية، ومن دون شروط للتحصيل العلمي.
من الممثلات اللواتي يشرفنَ على محترفات للتمثيل: ميراي بانوسيان، فيفيان أنطونيوس وسولانج تراك.
موقع "الفن" إلتقى بهنَ، وكان لنا معهنَ الحوارات الآتية.
ميراي بانوسيان
هل يمكن أن تكون دروس التمثيل بديلاً عن الدراسة الجامعية؟
بالطبع لا، لأن الدروس الجامعية تتضمن حوالى ١٤ مادة، منها علم النفس، ورقص الباليه، وتاريخ المسرح، وتمارين تمثيلية، وعدة دروس أكاديمية. نحن من خلال الدروس، نقدم للتلامذة المناهج التي درسناها، منها الوقوف على المسرح، ومخارج الحروف، ودراسة الشخصية وبناؤها، والتعبير عن العواطف، وتاريخ الشخصية، وكل هذه العناصر مفيدة وصالحة، لكنها ليست أكاديمية.
هل تستقبلون شباناً وشابات ليس لديهم أي خبرة في التمثيل؟
طبعاً نستقبلهم، ومن مختلف الفئات العمرية، ابتداءً من عمر 11 عاماً، وذلك بعد خضوعهم لإختبار، والذين يستمرون في الدروس، هم الذين أظهروا موهبة وتفاعلاً. البعض يغادر لإفتقاده إلى المقومات اللازمة، فالتمثيل ليس سهلاً، هو يتطلب تمارين الصوت، والتنفس، ومخارج الحروف، وتوظيف الأحاسيس، إلى جانب تمارين جسدية، والخضوع لتدريب على تطوير الخيال والإبداع، والإنسجام بين الجسم والصوت. هي مسيرة طويلة، وتدريب التلامذة قد يستغرق سنتين أو ثلاث. وبعد الوصول إلى مرحلة متقدمة جداً في المونولوج الصعب، الذي يتضمن تحدٍ وصراعاً عاطفياً بين الحب والكراهية، وبين الخير والشر، تبدأ مرحلة إعداد المنتسب لكي يكون ممثلاً. الأداء على التلفزيون مختلف عن الأداء على المسرح، ولا يتطلب عواطف قوية مثل المسرح، وأنا أدرب على كيفية التمثيل أمام الكاميرا، وعلى المسرح وفي السينما، وخلال التدريب أصل إلى حد الغوص في أعماق التلامذة، لإستخراج كل التراكمات، ليتمنكوا من بناء شخصية، وإستقبال كاراكتير يعملون عليه، لاسيما أن الإضطراب الداخلي قد يحول دون الوصول إلى الهدف المنشود، والذي هو التصالح مع أنفسهم، وتحرير أرواحهم لدراسة البعد الجسدي والإجتماعي والبسيكولوجي للشخصيات التي سيجسدونها.
هل هناك شروط لقبول الراغبين بتلقي الدروس، خصوصاً لناحية التحصيل العلمي؟
بالطبع لدي شروط للإنتساب، في اللقاء الأول أوجه عدة أسئلة، ويخضع التلميذ لإختبار ولتمرينين أو ثلاثة، لأتأكد من قدراته، ومن السبب الذي دفعه لإختيار دروس التمثيل. وعليه أن يملك الحد الأدنى من القدرات، ولا شروط تتعلق بالتحصيل العلمي.
هل هناك أعداد مشجعة من المنتسبين؟
الأعداد مشجعة، وصل عدد تلامذتي إلى 20 تلميذاً، وكنت أتنقل بين مناطق أدما وأنطلياس، والجديدة في ستوديو صافي. وخلال الأزمات في لبنان تراجع العدد، ليعود ويرتفع من جديد، وأنا مستمرة، وعدد المنتسبين لا يستهان به، بعضهم يتابعون الدروس منذ ثلاث سنوات، والبعض منهم إنطلقوا إلى العمل في المجال الفني، وبعضهم بدأوا معي بدروس التمثيل في عمر المراهقة، وقرروا الإلتحاق بجامعة لتعميق خبرتهم في هذا المجال. وأنا أشجع كل من لديه موهبة وقدرات على الإلتحاق بجامعة.
ما هي الإضافة التي تمنحها دروس التمثيل؟
الإضافة تتعلق بشخصية مدرب التمثيل، أنا أدرب ممثلين من المجال الفني، ويأتون لتلقي دروس يحتاجون إليها لدور معين. أنا أملك خبرة من خلال مسيرتي الطويلة في المسرح والتلفزيون، كما تعلمت من أساتذة تخرجوا من لندن ومن روسيا ومن فرنسا، أذكر على سبيل المثال، أستاذ فاروجان المتخرج من لندن، والأساتذة بهيج حجيج وشكيب خوري وأنطوان ملتقى ولطيفة ملتقى وموريس معلوف، واكتسبت منهم خبرات. وبالنسبة لدروس التمثيل، فيفيان أنطونيوس وباتريسيا نمور وأنا وغيرنا، نعطي من خبرتنا، ونضيف أشياء جديدة، وأنا أرسل تلامذتي إلى فيفيان وغيرها، لأني أعلم أن ما ستقدمه هو إضافة، فكل ممثل يملك أسلوبه الخاص، وينقل خبرته إلى ممثل مبتدئ. أنا أستقبل سيدات في الخمسين والستين من عمرهنَ، لا يرغبنَ بالتمثيل، بل هنَ بحاجة إلى إكتشاف أنفسهنَ، فالتمثيل يساعد على التخلص من تراكمات مؤلمة، بواسطة التمارين العاطفية، وهو نوع من العلاج النفسي. خلال إنتشار فيروس كورونا، عانى بعض التلامذة من قلق كبير، وساعدتهم التمارين التمثيلية على التخلص من قلقهم وخوفهم. المسرح له أبعاد أكثر من التمثيل، وهو يدخل في إطار العلاج السلوكي والنفسي، وأبعاده جميلة ومفيدة، ومنه انطلقت الـ Drama Therapy، التي لها أثر كبير على المجتمعات، لاسيما على المراهقين الذين يعانون من العنف. العلاقة التي تنشأ بيني وبين التلميذ، تساعدني على اكتشاف داخله، والثقة المتبادلة بيننا، تساعده على الكشف عن مكنونات قلبه، ليصبح مثل ورقة بيضاء، ونبدأ بعدها بكتابة الشخصيات التي سيلعبها. التمثيل مسيرة قوية وجميلة.
فيفيان أنطونيوس
هل يمكن أن تكون دروس التمثيل بديلاً عن الدراسة الجامعية؟
ورش العمل ليست البديل عن الدروس الجامعية، التي تتضمن تاريخ المسرح والسينما، ودروسها ثقافة عامة لكل ممثل، وورش العمل التي مدتها ستة أشهر، غير قادرة على تزويد الطالب بالمعلومات التي تتطلب أربع أو خمس سنوات. ورش العمل مفيدة، من حيث تقديم الأهم والأساسي، وتلامذتي هم من إختصاصات مختلفة: أطباء ومهندسون ومحامون ومدرسون، وهم لا يريدون دراسة التمثيل، بل هم بحاجة إلى التقنيات الضرورية، لذا يتم حصر المعلومات والتقنيات لتقديمها لهم.
هل تستقبلون شباناً وشابات ليس لديهم أي خبرة في التمثيل؟
طبعاً نستقبلهم، ووفقاً لخبرتي، عليّ أن أقدم لهم ما هم بحاجة إليه، وهناك في المحترف مخرجون أكفاء، ونحاول معاً تزويد المنتسبين بكل الدروس والتمارين.
هل هناك شروط لقبول الراغبين بتلقي الدروس، خصوصاً لناحية التحصيل العلمي؟
لا شروط أبداً، وأستقبل أيضاً الأولاد والمراهقين الذين تجاوزوا السادسة عشرة، ولدي تلامذة بلغوا الـ 70 عاماً، الشرط الوحيد للتمثيل، هو أن يكون لدى الشخص الرغبة، والقدرة على الإلتزام والإستعداد الأخلاقي. أنا أدرب بطريقة جدية، وتنشأ غالباً علاقة صداقة مع تلامذتي، لاسيما أننا نعمل على Drama Therapy، وهم يفصحون عن مشاكلهم، وأنا بدوري أصغي إليهم. التقنيات تدعم الموهبة المحدودة، وتسمح للتلميذ بالوقوف أمام الكاميرا، ونحن نمضي في المحترف أوقاتاً ممتعة.
هل هناك أعداد مشجعة من المنتسبين؟
نعم الأعداد مشجعة، وأشكر كل التلامذة الذين منحوني ثقتهم، وكذلك الأهالي الذين سجلوا أولادهم في المحترف. أنا سعيدة بتحقيق حلمي، فقد جهزت بيت جدي، وحولته إلى محترف، ولم أتوقف عن العمل سوى عندما سافرت إلى تركيا بسبب التصوير هناك، وحل مكاني أساتذة لمتابعة الدروس.
ما هي الإضافة التي تمنحها دروس التمثيل؟
كل ممثل بحاجة إلى مدرب تمثيل، أنا عندما أشعر بالتعب وعليّ أداء دور صعب، ألجأ إلى مدرب تمثيل لمساعدتي. ورش العمل تساعد الممثلين ليكونوا على الطريق الصحيح، وأحاول أن أدعمهم لينالوا فرصتهم على مستوى الـ Casting، وأسعى إلى مرافقتهم، لأن حلمهم يشبه حلمي، و70 ٪ من تلامذتي بدأوا العمل في مجال التمثيل، من خلال أدوار محدودة، وأنا أشجعهم على أهمية إستثمار مواهبهم.
سولانج تراك
هل يمكن أن تكون دروس التمثيل بديلاً عن الدراسة الجامعية؟
من المستحسن للذي يرغب بالتمثيل، أن يتابع الدروس الجامعية لمدة أربع سنوات، لكن بعض الطلاب والطالبات، يكتشفون أن خيارهم الجامعي لم يكن موفقاً، وقد يكون من الصعب عليهم تخصيص الوقت للدراسة، لذا يلجأون إلى ورش العمل Workshops ودروس التمثيل. وللموهبة دور بارز، وهي الأهم، فهناك من يملكون الموهبة، ولم يدرسوا في الجامعة، وأبدعوا في أدوارهم وأعمالهم، وهناك من درسوا، ولا يملكون الموهبة الكاملة.
هل تستقبلون شباناً وشابات ليس لديهم أي خبرة في التمثيل؟
طبعاً نستقبلهم، وهناك بعض المنتسبين الذين يهوون التمثيل، ولا يهمهم العمل في المجال الفني، فينتسبون بهدف تطوير الشخصية، وقدرة التعبير، والقدرة على التكلم علناً، لاسيما أن دروس التكلم علناً تتضمن تمارين عن التمثيل.
هل هناك شروط لقبول الراغبين بتلقي الدروس، خصوصاً لناحية التحصيل العلمي؟
لا وجود لأي نوع من الشروط، سوى إستعداد المنتسبين للإنفتاح على التمارين، والتركيز عليها.
هل هناك أعداد مشجعة من المنتسبين؟
حالياً الأعداد مشجعة، لكنها لا زالت تقتصر على الفئات العمرية الصغيرة. يذكر أن District 7 قد فتح أبوابه منذ مدة قصيرة جداً.
ما هي الإضافة التي تمنحها دروس التمثيل؟
دروس التمثيل تقدم إضافة للهواة، فهي تنمي قدراتهم على عدة مستويات، أما بالنسبة للممثلين المحترفين، فهم بحاجة إلى تمارين من أجل حركة الجسد، لتجديد نشاطهم وإستعادة ليونة أجسادهم، لكي يبقوا في جهوزية دائمة.