بديعة مصابني، راقصة وممثلة ومغنية سورية لبنانية، ولدت في الـ 25 من شباط عام 1892 في دمشق، وعاشت فترة طويلة من حياتها في مصر.
أسست فرقة خاصة لها حملت إسم "فرقة بديعة مصابني" كما أسست كازينو خاص بها، حمل إسمها أيضاً وخرّج مئات الفنانين والممثلين.
توفيت في مدينة زحلة اللبنانية في الـ 23 من شهر تموز عام 1974، لتكون بذلك قد أتمت 82 عاماً من العطاء الفني والشهرة الواسعة.
بداياتها
ولدت بديعة مصابني، والتي كانت تحمل إسم وديعة في مدينة دمشق لأب لبناني وأم سورية. تعرضت لحادث تحرش وهي طفلة أدى إلى هجرتها مع والدتها جميلة الشاغوري إلى أمريكا الجنوبية ومنها إلى مصر عام 1919.
أحبت الرقص والغناء والتمثيل عندما كانت في أميركا، وأحبت هذه المهنة وأخذت القرار بالعمل فيها. ودخلت عالم الفن بالصدفة عندما شاهدها رجل يدعى فؤاد سليم وهي تمارس الرياضة وسمعها تتحدث وأعجب بحديثها وإتقانها لأربع لغات، هي الإسبانية، التركية، الفرنسية والإنكليزية قراءة وكتابة، ليقوم بإقناعها بدخول عالم التمثيل، وأخذها إلى الممثل اللبناني جورج أبيض في دار التمثيل العربي بحديقة الأزبكية حيث تعلمت التمثيل واللغة العربية الدقيقة خلال 3 شهور فقط.
كانت بديعة تبلغ منم العمر 12 عاماً عندما قررت أن تهرب من والدتها بسبب الحظر الذي كانت تمارسه عليها ومنعها من التمثيل، وقالت في إحدى الحوارات التي قامت بها: "هربت من أمي وعمري 12 عاماً، كي أستمر في عالم التمثيل والرقص، كنت جريئة لحد كبير، أنا أول سيدة عربية تقص شعرها وأول امرأة قادت سيارة وركبت الطائرة".
حياتها المهنية والفنية
عملت بديعة مصابني كراقصة في فرقة جورج أبيض، وجذبت الأنظار لها بمواهبها المتعددة في الرقص والغناء والتمثيل، والتحقت بعد ذلك بفرقة الشيخ أحمد الشامي، وحققت نجاحاً كبيراً، عندما قدمت مسرحية "الليالي الملاح" مع الفنان المصري نجيب الريحاني حيث تعرفت عليه بالصدفة.
زاع صيت بديعة مصابني، وأصبح إسمها كافياَ لنجاح أي مسرح إستعراضي، ولجلب عدد كبير من الزبائن لأي ملهى ليلي، الأمر الذي دفعها لتأسيس كازينو خاص بها عام 1929، وحمل إسمها.
كما أسست بديعة مصابني شركة للإنتاج السينمائي عام 1936، لكنها لم تكن خطوة موفقة لها، وأغلقت بعد فترة قصيرة بسبب تراكم الضرائب بعد فيلم "ملكة المسارح"، الذي قامت ببطولته مع مجموعة من الفنانين.
وعادت للعمل في المسرح لتقدم إلى جانب فرقة نجيب الريحاني وجورج أبيض مجموعة أعمال مسرحية نالت نجاحاً كبيراً، وأبرزها: " أيام العز، الشاطر حسن، كافيار وعدس، البرنسيسة"، كما سجلت مجموعة من الأغاني، ومنها: "الغيرة نار، جوزني بابا، البدر طلع غنوة، غني يا بلابل، ياما سهرت ليالي عليك".
قدم الثنائي مجموعة أعمال مشتركة وتميزا سوياً ليأخذا قراراً بالزواج عام 1943، الأمر الذي كان له تأثير كبير في حياتها الفنية.
بالنسبة لكازينو بديعة مصابني، فقد أصبح ملتقى يجتمع فيه الفنانين وبمثابة صالون ثقافي ثري، وكان يقدم نجيب محفوظ ندوة أسبوعية، كما غنى فيه فنانين، منهم فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمد فوزي، إلى جانب رقص عدد من نجمات الرقص الشرقي منهم تحية كاريوكا، وسامية جمال، ونجم الاستعراض إسماعيل ياسين، ليعتبروا انهم قد تخرجوا من مدرسة بديعة مصابني وتدرجوا تحت إسمها.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ التحول الدراماتيكي في حياة بديعة مصابني حيث رحل رواد مسرح بديعة من الجنود الإنجليز وحلفائهم عائدين إلى أوطانهم وحاولت بديعة العودة، كما خسر المسرح العديد من مواهبه.
بعد أن فقدت بيدعة أعضاء فرقتها وكبرت في السن، قدمت فيلم "أم السعد" الذي فشل للغاية، وأطاح بنجاحاتها السابقة في أفلام: "إبن الشعب، وملكة المسارح والحل الأخير وليالي القاهرة" كما بدأت الجهات الحكومية تلاحقها وتطالبها بضرائب عن الثروة الهائلة التي كونتها في المسرح. فقررت بديعة مصابني أخيراً الهرب من مصر وجمعت ذهبها وأموالها وتنكرت بزي راهبة واتفقت مع طيار إنجليزي كانت تعرفه أن يهربها من مصر وطارت إلى لبنان عام 1947.
بدأت بديعة حياة جديدة في لبنان في مدينة شتورة عام 1950، لتنتهي بذلك رحلة فنية امتدت على مدار 37 عاما تزعمت فيها بديعة مملكة الليل وسلطنة الرقص الشرقي في مصر.
قصة حبها مع نجيب الريحاني وطلاقهما
جال الزوجين نجيب الريحاني وبديعة مصابني العالم سوياً، لكنه لم يستطع أن يتحمل طموحها الكبير، ولم يستطع مجاراتها، وانفصلا عن بعضهما البعض بعد استمرارهما سوياً على مدار 25 عام، فعلى الرغم من حب بديعة الشديد للريحاني، إلا أنها كانت تختلف كثيراً عنه.
وفي أحد المقابلات تحدثت بديعة مصابني عن إنفصالهما، قالت: "أنا كنت شكل وهو شكل، هو يحب النوم، ويحب السهر كثيراً، بيقعد هو وبديع خيري يألفوا ويعملوا روايات، وأنا عايزة بالنهار مثلا أروح أتغدى في مسرح وأروح أتفسح مليش راجل معايا، فين نجيب؟ نايم، فين نجيب؟ بيشتغل، فين نجيب؟ عند بديع، فاتخانقنا وسيبنا بعض قبل وفاته بأشهر".
عقد بديعة مصابني
كانت بديعة مصابني إمرأة تهوى الفن والرقص، جمعت خلال 30 عاماً من العمل استطاعت خلالها أن تجمع ثروة طائلة، رغم أن الكثيرين إتهموها بفتح صالة للرقص والمجون، ولكنها كانت تعاني من عقد في حياتها.
العقدة الأولى كانت عند تعرضها للتحرش عم عمر الـ 7 سنوات، إضافة إلى انها كانت تعاني الفقر الشديد مع أمها السورية وأبيها اللبناني ما جعلها تأتي مع أمها إلى مصر وكانت تبحث عن خال ثري لها، لكن بعد رحلة طويلة من البحث والعناء لم تجداه ووجدتا قبره. إضافة إلى ذلك، فقد توفي والدها وهي في سن صغيرة، وهاجروا أشقائها.