ليس مستغرباً هذا النجاح الكبير على فنانة كلها رومانسية، أداؤها رائع وإحساسها يُدرّس. تغيب لتعود أقوى، وهذا هو السر، على الرغم من أن الغياب في هذا الزمن قد يحمل بين ثناياه عوامل خطيرة قد لا تصب في مصلحة الفنان. هنا يكمن سر النجمة إليسا، التي تقهر الزمان والمكان وتوحد العالم من مختلف الأطياف والألوان، على نغماتها وأعمالها التي تحرك الركود الفني الحاصل.
الإبداع هذه المرة تجسد من خلال أغنية الديو التي جمعتها بالفنان سعد لمجرد، وحملت عنوان "من أول دقيقة"، من كلمات أمير طعيمة، ألحان رامي جمال، وتوزيع موسيقي أحمد إبراهيم.
هذا العمل المشترك الذي جذبت فيه ملكة الإحساس لمجرد إلى ملعبها الذي لا يتسع إلا لمن يملك هامشاً مميزاً من الإحساس والأداء المهذب في إظهار اللحن والنغمات، شكل علامة فارقة في الأعمال المشتركة. هذه العلامة حملت عنصر الاقناع بفضل الأداء المنصهر بالإحساس المشترك، وإندماج صوتيهما في قصيدة عاطفية قل نظيرها في عالمنا العربي.
وهنا لا بد من التوقف عند ما يسمى "الديو" الذي يعتمد نجاحه على الكثير من العوامل، لذلك نجد أن هذا النوع من الأعمال المشتركة نادراً ما ترك أثراً كبيراً، أو نجح على مستوى العالم العربي.
هذا الديو متكامل من النواحي كافة، بداية من الكلام الذي وصَف ماهية الشراكة في العلاقة والتكامل والدعم المتبادل لتكملة الحياة العاطفية. هذا الكلام البعيد كل البعد من الاستهلاك التجاري لكلام الأغنية، والذي جسد أسمى أشعار الحب، وبلغت ذروة تعبيرها في المقطع الذي تتكامل فيه الحياة بين الشريك، والخضوع الكامل للغة الحب:
"فيه واحدة تمللي في ضهرك و في ضعفـــك ها تقويك
تؤمرها حبيبي وأمرك ها تقول شبيك لبيك
جنبك ولآخر عمرك ها تعيش على شان ترضيك".
في الإنتقال إلى اللحن، فقد شكل رائعة موسيقية فيها الكثير من الرومانسية والشجن المحبب إلى قلوب العشاق، أظهر اللحن أكثر التوزيع الموسيقي، الذي تكاملت فيه الآلات الموسيقية التي تطايرت منها النغمات، مشكلة حمماً عاطفية لذيذة بنكهة من رحيق الصوت المندمج، والأداء المتمكن لهذا النوع من الأغنيات.
ولعل الصدق في التقارب الحاصل والتحابب بين إليسا وسعد لمجرد في العمل المصور للديو داخل الستوديو، ساهم في توفير حالة من الإقناع لدى المستمع والمشاهد، فتحركت في داخلهم مشاعر جياشة معبرة.
العمل ومنذ صدوره، أحدث زوبعة من الإحتضان الشعبي والفني والإعلامي، حتى بات الرقم واحد في لبنان والعالم العربي وأوروبا وكندا. الأغنية حققت أرقاماً قياسية لم يحققها أي فنان عربي من قبل، ونقصد من حيث وقت الطرح والأرقام المحققة على يوتيوب. واليوم وبعد مرور حوالى الأسبوعين على طرح العمل، فقد حقق أكثر من 71 مليون مشاهدة.
هذا الرقم هو دليل قاطع وواضح على النجاح والتفوق، والإستمرارية التي تعتبر سمة الأقوياء.
إليسا صاحبة الآراء الجريئة والحقيقية، قوية في إرادتها وتمسكها بالنجاح الذي يليق بها وتليق به، حتى باتت بينهما حكاية سطرها التاريخ الحديث للموسيقى اللبنانية والعربية.