مسلسل "ريا وسكينة" من أشهر المسلسلات المصرية وهناك عدة اعمال كثيرة تدور حول هاتين الامرأتين، لكن ما لا يعرفه كثيرون ان قصة ريا وسكينة مقتبسة عن قصة شقيقتين حقيقيتين عاشتا في القرن الماضي في الاسكندرية في مصر واعدمتا عام 1921 بسبب ارتكابهما لـ17 جريمة قتل بالتعاون مع زوجيهما حسب الله سعيد مرعي ومحمد عبد العال.
نشأة ريا وسكينة وظروفهما الاجتماعية الصعبة
نشأت ريا وسكينة في قرية جنوبي مصر، قريبة من أسوان حيث عاشتا في حالة فقر مدقع، ثم هاجرتا الى الشمال لتعيشا حياة حرمان وبعد زواجهما انتقلتا للعيش في غرف مظلمة في حي اللبان في مدينة الاسكندرية الساحلية.
في تلك الفترة التي كانت خلال الحرب العالمية الاولى والاحتلال الانكليزي لمصر، انحرفت الاسرة الى العمل في الامور غير القانونية وتسهيل تعاطي الخمور، الى ان انتهى بهم الامر الى خطف النساء بهدف الاستيلاء على مجوهراتهن وممتلكاتهن ثم التخلص منهن عن طريق القتل، بمشاركة زوجيهما وشخصين آخرين يدعيان عرابي حسان وعبد الرازق يوسف.
تتضارب الآراء حول ريا وسكينة فمنهم من يعتبر أنهما بطلتان قاومتا الاحتلال الانكليزي، لكن هذا لا يخفي انهما قامتا بأعمال العصابة من سرقة وقتل واخفاء جثث الضحايا في منزلهما.
طريقة استدراج ريا وسكينة للضحايا
بينما كانت الاسكندرية مشغولة بالانتفاضات الشعبية ضد المحتل البريطاني، كانت ريا وسكينة تستدرجان النساء من الاماكن التي تشهد اقبالاً كبيراً مثل الاسواق كسوق "زنقة الستات"، حيث كانت ريا تذهب الى السوق وتتحدث الى المرأة التي ترتدي الحلي لاستمالتها، وتعرض عليها أواني مدعية انها رخيصة الثمن، تستدرجها الى المنزل حيث بقية العصابة بإنتظارها لقتلها وسرقة المجوهرات ودفنها أسفل المنزل.
الشقيقتان كانتا تقومان بعمليات القتل بصورة بشعة، اذ لم تتردد سكينة في استدراج صديقتها بائعة الطيور زنوبة، ليتم قتلها، بعد أن كانت تشفق على سكينة وتعينها.
قامت ريا وسكينة بإختطاف 17 فتاة وسيدة في ظروف غامضة، متسببتين بالذعر في مدينة الاسكندرية قبل أن يتم القبض عليهما عام 1921 والحكم عليهما بالاعدام، رغم ان الدستور المصري يمنع اعدام النساء.
نفذت المحكمة حكم الاعدام في ستة متهمين هم: ريا وسكينة وحسب الله زوج ريا وعبدالعال زوج سكينة وعرابي حسان وعبد الرازق يوسف. قبل تنفيذ حكم الاعدام بعبد العال صاح برئيس المحكمة : انا عندي سر لازم اقوله ... عبد الرازق بريء ولم يشترك معنا في القتل ... فرد عليه رئيس المحكمة: لماذا لم تقل ذلك من قبل ...وتم فعلاً اعدام عبدالرازق الذي كان في الثلاثين من العمر.
اعدمت ريا وعمرها 45 سنة وكانت اختها سكينة في الاربعين من العمر وخلافاً لما رأيناه في الفيلم والمسرحية فإن شخصية سكينة كانت أقوى من شخصية ريا. عندما صدر الحكم باعدامها شتمت رئيس المحكمة وقالت:" انا جدعة وحاتشنق محل الجدعان وقتلت 17 وغافلت الحكومة"، ثم نطقت بالشهادة، أما ريا فكانت منهارة وكان آخر طلب لها ان ترى ابنتها بديعة.
قضية ريا وسكينة علي همام حظيت باهتمام رسمي وشعبي كبيرين على مدى تاريخ مصر، ولا تزال القضية تشغل كثيرين رغم انقضاء مائة عام على اعدامهما الذي تم في 21 كانون الاول / ديسمبر 1921. تم اقتباسها في مسرحية عام 1980 لعبت البطولة شادية لتكون اول وآخر مسرحية تقوم ببطولتها، وعام 2005 تم اقتباسها في مسلسل تلفزيوني من 40 حلقة.
مسلسل ريا وسكينة
قام الكاتب صلاح عيسى بإعادة كتابة قصة ريا وسكينة من خلال اسقاط معاصر وتم تحويله الى مسلسل تلفزيوني من اخراج المخرج المتألق جمال عبد الحميد الذي صوّر اربعين حلقة تلفزيونية مقتبسة عن كتاب صلاح عيسى من خلال حوار اعده كاتب السيناريو مصطفى محرم. المسلسل يدور حول حياة الاختين ريا وسكينة من خلال تصوير دقيق لحياة البؤس والشقاء التي عاشها الشعب العربي في مصر ... ويدور حول الاحداث الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة في مصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لعبت الممثلة المصرية سمية الخشاب دور سكينة بينما قامت عبلة كامل بدور ريا، مع الممثلين سامي العدل بدور حسب الله ورياض الخولي بدور عبد العال.