"في ليلة ما فيها ضو قمر"، كُشفت أسرار الأصحاب السبعة، والذين مرت سنوات عديدة على صداقتهم، لتكون هذه نهايتهم المأساوية.
بإختصار هذه قصة مسلسل "أصحاب ولا أعز"، التي وإن عبرت عن شيء فهو عن حياتنا وواقعنا.
جميعنا نملك أسرار قادرة على إبعادنا عن أقرب الأشخاص لنا إن كشفت، كلنا كالقمر لنا جانب مظلم.
لم تكن حالة الجدل الواسعة التي رافقت فيلم "أصحاب ولا أعز" الذي بدأ عرضه مؤخراً على إحدى المنصات الإلكترونية غريبة، فهذا مجتمعنا الذي لم يتغير يوماً والذي لن يتغير وسيظل يرفض أي فكرة جديدة أو أسلوب جديد لعرض فكرة قديمة في أي عمل فني.
الفيلم هو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي الشهير "Perfect Strangers"، وتدور أحداثه حول مجموعة من 7 أصدقاء هم: منى زكي، إياد نصار، عادل كرم، جورج خباز، نادين لبكي، فؤاد يمين ودياموند بوعبود، الذين يجتمعون لتناول العشاء، ويقررون أن يلعبوا لعبة قائمة على وضع هواتفهم على الطاولة بطريقة تمكن الجميع من رؤية أو سماع أي رسالة تصل لأي أحد منهم، وسرعان ما تتحول اللعبة التي كانت في البداية ممتعة وشيقة، إلى كشف وابل من الفضائح التي لم يكن يعرف عنها أحد.
إنقسمت الآراء بشكل كبير حول الفيلم، فمن المتابعين من إعتبر أنه واقعي إلى حد كبير، ويحكي قصص أشخاص تشبهنا، في حين وجه البعض الآخر إنتقادات قاسية، كان للممثلة المصرية منى زكي النصيب الأكبر منها، معتبرين أن الفيلم تخطى الخطوط الحمراء بالمواضيع التي طرحها كالخيانة الزوجية والمثلية الجنسية والجنس الإفتراضي والألفاظ النابية، معتبرين أنها لا تزال تابو، والكلام عنها يشجع عليها.
الحقيقة أن مجتمعنا لم يتقبل الفكرة الأساسية التي يطرحها الفيلم، والتي إجتمعت عدة عوامل لإيصالها، هي فكرة وجود جانب خفي ومظلم في شخصية كل شخص منا، فتحت شعار التحفظ على قيم المجتمع وأخلاقياته، تخفى الجمهور وراء مخاوفه الأساسية، وهي قول الحقيقة كما هي وعلى العلن.
فبالنسبة لمجتمعاتنا، وكما تعودنا دائماً، لا بأس بأن تكون مثلي الجنس، إذا كنت لا تجاهر في الأمر، أما الإعتراف به فيعدّ بمثابة تشجيع وحثّ.
كما أن الخيانة الزوجية لا تصبح مشكلة حقيقية إلا في حال كشفها من قبل الشريك أما إذا إستطاع الطرف الأول إخفاءها، فالأمر طبيعي.
يستخدم الشخص منا كل يوم الألفاظ النابية أكثر من مرة وللتعبير عن أكثر من حالة يمرّ بها، إلا أنه يعبّر عن إستياءه في كل مرة يسمع فيها هكذا لفظ من شخص آخر.
تتفاقم أحداث الفيلم وتتعقد مشاكله أكثر مع كل سرّ يكشف ومع كل فكرة خفية تظهر إلى العلن، رغم أن هذه المشاكل موجودة منذ فترة، إلا أنها لا تشكل مشكلة طالما لا يعرفها أحد. لتأتي النهاية وتكون إثبات للفكرة، فنرى الأبطال عادوا إلى لحياتهم الطبيعية قبل كشف الأسرار.
من الناحية البصرية، فتدور أحداث القصة كاملة في إطار زماني ومكاني واحد، وهو ليس أمر سهل، ولكن إستطاع المخرج وسام سميرة أن يكسر رتابة المشهد بتنويعات بسيطة، فرغم وجودهم على مائدة الطعام كامل الوقت إلا أنها لم تكن حدود الشخصيات، فقد إستطاع الممثلون بحوارهم وتمثيلهم أن يأخذوك أبعد بكثير من مكان جلوسهم.
أما بالنسبة للموسيقى التي لحنها خالد مزنر، فكان لها حصة كبيرة في الفيلم إذ إستطاعت أن تكون جزءاً لا يتجزء من أحداثه، وتنوعت بين المشاهد والأحداث ودرجة التوتر المسيطرة عليها.