رغم كل الظروف الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون، لا يمكن أن يمر عيد الميلاد من دون أن نحتفل به، فهو عيد الطفل يسوع، الذي تعلمنا منه التواضع، والمحبة التي من خلالها يمكننا أن نغيّر العالم، ونعيش كلنا، مهما كان عرقنا أو لوننا، بسلام كبير.
وفي هذا العيد، نصلي، ونرنم، وما أجمل أن نلبي دعوة جوقة عريقة لنتحفل معها بعيد الميلاد، وتطرب لها آذاننا، وتهتف معها قلوبنا، قائلة :"ولد المسيح هللويا".
أحيت جوقة الجامعة الأنطونية، بقيادة توفيق معتوق، رسيتال ميلادي بعنوان Sing Along, Best of Christmas، في كنيسة سيدة الزروع في الجامعة في الحدت - بعبدا، وتضمن الرسيتال مجموعة من الكلاسيكيّات الميلاديّة المعروفة التي أدتها الجوقة، بقيادة الأب توفيق معتوق، وكان هناك أداء منفرد للباريتون سيزار ناعسي، الميتزو - سوبرانو غريس مدوّر، السوبرانو ميرا عقيقي والتينور شارل عيد، بمرافقة عازف البيانو مارك كرم.
كما إجتمعت غريس وميرا في ديو، وعاد وإنضم إليهما شارل وغنوا تريو، وكانت الأجواء جميلة جداً، إذ إستمتعنا بأداء جوقة محترفة، بقيادة مبدع رائد في مجاله.
وكان من بين الحضور رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ، ومجموعة من الإعلاميين والأصدقاء، ومتذوقي الموسيقى الكلاسيكية.
موقع "الفن" الذي كان حاضراً في الرسيتال، عاد بهذه الكلمات الخاصة.
مدير جوقة الجامعة الأنطونية والمدير الفني لمهرجان "بيروت ترنم" الأب توفيق معتوق قال :"أصبح عمر الجوقة 43 عاماً، وقد إنطلقت مع جوقة مدرسة الموسيقى في الجامعة، وإستمرت بعدها مع كلية الموسيقى. تطورت الجوقة كثيراً منذ بدايتها في العام 1978، وأصبحت مديرها في العام 2005، ومنذ ذلك الوقت، أصبح للجوقة إطلالات عالمية، منها في نيويورك وباريس وإيطاليا والبرازيل وغيرها، وهي تضم حوالى 50 عضواً، وتقدم موسيقى كلاسيكية وأوبرا، وكذلك ترنيم ماروني. أسس الجوقة المايسترو الأب يوسف واكد، وهو الذي أسس كلية الموسيقى ومدرسة الموسيقى في الجامعة، وكتب النهضة الموسيقية في الكنيسة المارونية منذ العام 1970 ولغاية اليوم".
وعن مدى إقبال الناس على رسيتالات الموسيقى الكلاسيكية، قال معتوق :"مهرجان "بيروت ترنم" يحيي خلال شهر الأعياد كل يوم حفلة، يكون لدينا ألف شخص حاضرين في الحفلة، وألف شخص غيرهم يريدون الدخول إلى مكان الحفلة، ولا يستطيعون ذلك بسبب كثافة الحضور. وأنا أطلب من كل وسائل الإعلام، أن تدعم الموسيقى الكلاسيكية، لتوصلها إلى الناس الذين يحبونها".
وعن أمنياته في الأعياد، قال :"أقول لكل الناس إنه لا يجب أن نترك المشاكل التي نعيشها تنتصر علينا، ولأعضاء جوقة الجامعة الأنطونية أقول إنه يجب أن يبقى هدفنا أن نتقدم ونقدم الأفضل، رغم كل الأوضاع الصعبة، لنقدم صورة لبنان الجميلة إلى العالم، والتي هي صورة الثقافة".
الميتزو - سوبرانو غريس مدوّر، قالت :"إنضممت إلى جوقة الجامعة الأنطونية منذ حوالى الست سنوات، وكنت قبلها في العديد من الجوقات، ولسنوات طويلة، إلا أن الجو في جوقة الجامعة الأنطونية يشبهني أكثر، لناحية صوتي ودراستي، فهذه الجوقة تروي لي غليلي من حيث الموسيقى الكلاسيكية".
وأضافت :"جمهور الموسيقى الكلاسيكية يكبر في لبنان، إلا أن الظروف الحالية صعبة جداً على الذين يؤدون الموسيقى الكلاسيكية، وعلى الذين يحبون سماعها، ولكن نحن والأب توفيق معتوق هدفنا أن نستمر ونعمل، مع عدد أعضاء الجوقة القادرين على الحضور، ومع عدد الناس الذين يستطيعون أن يحضروا أيضاً، لكي نعاكس الظروف الإقتصادية الصعبة وفيروس كورونا، لأننا لا نستطيع أن نعيش من دون موسيقى، التي هي متنفسنا وكل حياتنا".
وعن أمنياتها في الأعياد، قالت :"أتمنى من الطفل يسوع أن ينتشلنا من ما نحن به، مع أنه جميل أن نعيش الفقر، مثلما ولد هو، ولكن ليس بهذه الطريقة، فنحن نعيش اليوم فقراً نفسياً وعذاباً، وليس فقط فقر المال، أطلب منه أن يصنع أعجوبة لينقذنا، وأتمنى أن يحمل العام المقبل نوراً، على أن يكبر النور عاماً بعد عام".
الباريتون سيراز ناعسي قال :"أنا أفتخر بأني كنت في جوقة الجامعة الأنطونية لمدة أربع سنوات، وهذا الرسيتال الميلادي الرابع والأخير الذي أحييه خلال ستة أيام في ظل وجودي حالياً في لبنان، فأنا أعيش في روما منذ سنة، وقمت هناك جولة لأوبرا L’Elisir D’amore".
وعن نسبة الجمهور اللبناني الذي يحب الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا، قال :"الجمهور موجود، وحفلاتنا تكون مكتملة العدد، والناس يحبون الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية، ولكن ليس هناك مسرح للأوبرا في لبنان، وكذلك الميزانية غير متوفرة، فغناء الأوبرا يتطلب كمية كبيرة من العازفين، حوالى 60 عازفاً، لتقدم مشهداً جميلاً، ونحن نغني اليوم من دون ميكرفونات، وأنا غنيت بتقنية الأوبرا، فالأوبرا هي مسرحية، فيها موسيقى والكلمات مغناة".
سيزار الذي حصد لقب "بطل لبنان في السباحة"، وعرفناه كممثل في بعض المسلسلات اللبنانية، قال عن الرياضة والتمثيل :"أعتبر الرياضة أساساً في حياتي، لأنها في خدمة الصحة، فأنا أسبح، وأحب أن أتمشى تحت الشمس، والتمثيل هو جزء أساسي لا يتجزأ من الأوبرا".
أما عن عيد الميلاد فقال :"هو فرصة ليراجع كل إنسان معنى العيد، ومعنى ولادة يسوع، نحن لدينا عيد الميلاد، وعيد الفصح الذي هو عيد القيامة، وأحياناً نحتفل بهما ولا نفكر بمعانيهما، إذا ركزنا على المعاني، سيسعدنا الأمر كشعب، لأن الإيمان هو الشيء الوحيد الذي تبقى لنا لنتمسك به، ولنزيد محبتنا لبعضنا البعض، وسنتجاوز الأزمات الصعبة، وسيكون الغد أفضل".
السوبرانو ميرا عقيقي قالت :"إنضممت إلى جوقة الجامعة الأنطونية في العام 2016، وكنت قبلها في جوقة سيدة اللويزة وجوقة الكونسرفتوار الوطني. في جوقة الجامعة الأنطونية نعمل أكثر على تقنية الصوت ونوع الموسيقى، وهذا ما أحبه، فأنا درست الغناء الكلاسيكي ووجدته في جوقة الجامعة الأنطونية".
وأضافت :"منذ أن بدأت بدراسة الغناء الكلاسيكي، وجدت أن جمهور الموسيقى الكلاسيكية يكبر، وأصبح هناك وعي أكثر، ومع كل عام، تكون هناك طرق أكثر لنشر الموسيقى الكلاسيكية، وهذا الأمر يفرحنا. حتى أن الجيل الجديد تصل إليه هذه الموسيقى، ويحبونها، ويجدون فيها نوعاً من التحدي".
وعن أمنياتها في الأعياد، قالت :"أتمنى أن يكون الفرج قريباً على لبنان، وأن يعم السلام في بلدنا، وكل الناس ينتظرون من يسوع بصيص أمل، ليستطيعوا أن يعيشوا، ويحلموا بمستقبل أفضل لأولادهم. وعلى الصعيد الشخصي، أتمنى أني يحمل لي العام الجديد مشاريع أكثر وتحديات أكبر".
التينور شارل عيد قال :"أصبح لي حوالى الثمان سنوات في جوقة الجامعة الأنطونية، وقبلها كنت أرنم في الكنيسة. عندما ينتسب الإنسان إلى جوقة أو مجموعة، يتعلم كيف يتعاطى مع الناس، وهذا الأمر نمّى لي شخصيتي. إستفدت كثيراً من جوقة الجامعة الأنطونية لناحية تقنية الصوت، إلى جانب أني أتعلم مع الأب توفيق".
وأضاف :"نحن لا نقدم اليوم أوبرا كاملة، هدفنا أن نسمع الناس مقتطفات من الموسيقى الكلاسيكية التي يحبون الإستماع إليها، والموسيقى الكلاسيكية لها جمهورها".
وعن أمنياته، قال :"أتمنى لكل اللبنانيين السعادة والتوفيق، وإن شاء الله سنجتاز كل الأزمات يعاني منها لبنان واللبنانيون. وعلى المستوى الشخصي، لا أعرف ما يخبئه لي الغد، فأنا مهندس وأعمل في شركة، وأنتظر المستقبل لأرى إن كان إتجاهي سيكون نحو الهندسة أو الموسيقى".
عازف البيانو مارك كرم قال :"أنا مع الجوقة منذ العام 2008، وقبلها كنت في مدرسة الموسيقى مع الأب واكد. علمتني الجوقة التعامل مع الغير، والأهم أن تكون جزءاً من المشروع، وتقدم أفضل وأجمل ما لديك".
وأضاف :"الموسيقى الكلاسيكية تعبر عن تجربة الإنسان مع الله، وبعده مع المجتمع، والإنسان يعتاد على أن يقدر الموسيقى الكلاسيكية، فهو لا يخلق يحبها، وعلى كل شخص أن يحترم الموسيقى التي يقدمها غيره، مهما كانت مختلفة عن ذوقه".
وختم قائلاً :"أتمنى من الناس أن يتحدثوا عن الخطأ الموجود في البلد، في أي مجال كان، حتى في الموسيقى، التي تعبر عن إختبارك في الحياة، وهذا الإختبار يجعلك تأخذ قرارك، لتكون مستقلاً عن فرض أي رأي عليك".