تارا المعلوف ممثلة ومخرجة وعالمة نفس، أستاذة جامعية لكل أنواع الفنون، ومغنية أوبرا تتمتع بخامة صوتية نادرة، تغني بثماني وعشرين لغة عالمية. إنسانة موهوبة ورقيقة، تسعى الى الإنفتاح على الطوائف والشعوب، وحريصة على المساهمة في القضايا الإنسانية والخيرية في لبنان والعالم، وتغني لمعظم السفارات في لبنان. تسعى، ومن دون ملل، لإسعاد الناس، وتحثهم على الأمل، والمحافظة على الإبتسامة.
أهلاً وسهلاً بك، لماذا التركيز في مسيرتك على الإنسان والرسالة والإنفتاح على المشاكل الاجتماعية؟
في البداية تحية لك، ولكل متابعي موقع "الفن". عملي يتجه دائماً نحو الإنفتاح، ويجمع بين الأديان والطوائف والشعوب، ويعتمد على تقريب وجهات النظر، ليكون التعامل مع الآخر إنسانياً. أحب أن أجمع، وأساعد بأي طريقة، أي إنسان بحاجة إلى المساعدة، كما أحب أن أنشر الثقافة، وحب المعرفة والحس الوطني، هذه هي شخصيتي. أعتبر أنه من واجب الفنان أن يكون الشخص الذي يساعد المجتمع، على رؤية ما لا يراه الآخرون، وأن يبحث عن سبل لإسعاد الناس، وإيجاد حلول تخفف من ثقل الواقع، وتعطيهم الأمل والقوة، للإندفاع قدماً، وتحقيق ما لم يكونوا متخيلين أنه يمكنهم أن يحققوه.
ما هي النشاطات التي قمتِ بها خلال أزمة كورونا وإنفجار بيروت؟
خلال فترة أزمة كوفيد ١٩ واصلت أعمالي الإنسانية الخيرية الوطنية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فأحييت عدة حفلات، من بينها حفلة لجمع الأطعمة للفلبينيين الذين فقدوا أعمالهم في لبنان، وثلاث حفلات ضد كوفيد ١٩ بعنوان "الفن ضد كورونا" مع بنغلادش عبر الإنترنت، وساهمت من خلال فيديوهات ترويجية، بدعم مهرجان الدمى والعرائس في البصرة في العراق، وحزت شكراً وتنويهاً من وزارة الثقافة العراقية، وقدمت فيديو ترويجياً لدعم مهرجان لقاء الأشقاء العرب للهوايات والحرف المتنوعة في بغداد، برعاية وزارة الثقافة العراقية، في محطة سكك الحديد. أما مع الجزائر، فقمت بفيلم ترويجي يشجع على التبرع بالكتب، لدعم المكتبة في معهد الفنون، ونشر الفن والثقافة، والتبرع بالشجر، والتطوع لزرع الأشجار. وما زلت أواصل أعمالي لدعم الشعب اللبناني في أزمته الإقتصادية، خصوصاً بعد انفجار بيروت المفجع، وهناك مشاريع كثيرة أقوم بها، في محاولة للتخفيف من هذا العبء على اللبنانيين، وكل من يقطن في لبنان. كما ساهمت في إيجاد أعمال لبعض الناس، الذين فقدوا أعمالهم في هذه الأزمة. ومن الأعمال التي تتحدى المآسي، وتعطي الأمل بأن الحياة تستمر وستعود كما كانت، قمت بتنظيم وشاركت في المهرجان الغنائي الأوبرالي السياحي الأردني الدولي الأول "لون كلمة نغم" الإلكتروني بعنوان "نبض" مع ١٦ بلداً مشاركاً، بالتنسيق مع مدير المهرجان السيد فادي شاهين من الأردن. كما غنيت في ذكرى إنفجار بيروت، في ٤ آب، لعائلات الشهداء العشرة من رجال الإطفاء، برعاية محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، وكان الأمر مؤثراً جداً.
كيف انطلقت فكرة الغناء في السفارات؟
بدأ تواصلي الشخصي مع السفراء، بعد أن سمعوني أغني في حفلات تدعو للسلام والتواصل بين الناس، وحفلات خيرية إنسانية، وحفلات مع الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية بلغات عديدة، ولاحظوا تقنيتي الجيدة، وخامة صوتي النادرة، وكيفية أدائي بلغتهم الأم أغانٍ مشهورة جداً في بلدهم، أغانٍي وطنية، وأغانٍي تثير الحنين في نفوسهم، وتعجبوا من لفظي الدقيق للغتهم. كما تأثروا كثيراً في أدائي لنشيد بلدهم الوطني، بحيث أضاف إليه غنائي الأوبرالي، نفحة عنفوان. فأتتني الفكرة بأن أغني لهم في حفلاتهم الوطنية، وأصبحوا يتهافتون لأكون مفتتحة كل أعيادهم الوطنية، أو خاتمةً إياها، وينتظرون أعياد البلدان الأخرى، ليسمعوا أيضاً أناشيد، أو أغانٍ وطنية، أو أغاني حب للحبيب، أو حنين للوطن، أو للبلد الذي يحتفل بعيده. وبما أني مخرجة، رأيت أنني إن لبست زيهم التقليدي، سوف أظهر حضارتهم وثقافتهم أكثر، وأعجبهم ذلك كثيراً.
ما هي الصورة التي تحاول تارا المعلوف أن توصلها؟
أطلق عليُ الناس لقب سفيرة السلام من خلال الموسيقى، لأني في عملي خارج لبنان، وعملي مع السفارات في لبنان، أختار دائماً ما يلامس شعب كل سفارة، وما يحرك الحنين في قلوبهم، وعنفوانهم وحسهم الوطني تجاه بلدهم. كما أنني أشجع أبناء وطني، على تنمية حسهم الوطني، وقد قمت بحملات لمساعدة الناس، في العديد من المناطق اللبنانية، على حفظ النشيد الوطني اللبناني. هدفي دائماً أن أتواصل مع الشعوب، وأجمع الأديان والطوائف ببعضها البعض، وأجد نقاط إلتقاء، وهذه خطوة مهمة تهدف إلى سلام، ربما يراه البعض حلماً، إنما أعرف أنه ممكن أن يتحقق فعلياً. عملي يهدف إلى مساواة الإنسان بالإنسان، بعيداً عن التعصب، وعن كل ما يمكن أن يخلق شرخاً، أو عائقاً بين الناس. وغنائي ب٢٨ لغة حتى الآن، أراه وسيلة للتواصل أكثر مع الشعوب والحضارات، ووسيلة للتقرب منها، وجعلها تشعر بأني مهتمة بأن أعرف أكثر عنها، وأن أغوص بتاريخها، وأحلامها، ولغتها، وروحها ونبضها، والتي عادة لا يهتم لها إلا أبناؤها. بالإضافة إلى أنني أحب كثيراً تعلم لغات جديدة، وتحدي نفسي للفظ أحرف وكلمات جديدة، وزرع إبتسامة على أفواه تلك الشعوب، عندما يسمعون أغانيها العزيزة بصوتي، وبلفظٍ جيد، لأني أبحث عن خبير كل لغة من اللغات، ليعلمني بطريقة دقيقة، كيفية اللفظ. وكل تلك الاغاني التي غنيتها للسفارات، اجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي، بعفوية، ووصلت إلى بلدانها، حيث لاقت أصداء كبيرة هناك. وأفتخر بأن هذه موهبة فريدة من نوعها، وأتمنى أن أستطيع أن أغني بكل لغات العالم في المستقبل، إن شاء الله، وأن أتواصل مع كل الشعوب.
كيف أثرت فيك غالينا خالديفا؟
إتفقت كثيراً مع أستاذتي، لأني بطبعي جدية في دراستي وعملي. وكنت أنكب على الدراسة، وأرتشف منها المعلومات بحماس، لذا شعرت بأنني مثل ابنتها، وأعطتني ميراثاً كبيراً من المعلومات، حتى أبرع كمغنية وأستاذة غناء أوبرالي. الروس جديون جداً في تدريباتهم في كل المجالات، ولا يقبلون بالعمل غير المكتمل، وهكذا هي معلمتي. بالإضافة إلى ذلك، وجدنا نقاط كثيرة تجمعنا، منها الروح المرحة، وهذا سهّل العمل الجدي كثيراً، وجعله ممتعاً ومشوقاً. وما زلت أتواصل معها حتى الآن، وهي في الوقت الحاضر في روسيا. ومن خلال خبرتي في التعليم الجامعي لكل الفنون، وجدت طرقاً خاصة للتعليم، وتبادلت تلك الطرق مع معلمتي، وتعلمنا من بعضنا البعض أشياء كثيرة.
مع تعدد النشاطات، أي نشاط ترغبين في أن تركزي عليه دون سواه؟
أنا أستخدم كل مواهبي وطاقاتي في أي عمل أقوم به، وهدفي لا حدود له. ربما أكثر ما أحب أن أركز عليه، هو إعطاء الأمل الدائم للناس، لأن كل إنسان بحاجة لذلك. يسعدني أن أترك أثراً لطيفاً في التاريخ، وفي قلوب الناس. وأهم ما أحب أن أقوله للجميع، هو أن يتحلوا بالصبر، ويبقوا الأمل في قلوبهم، لأن الأزمات التي نعاني منها لن تستمر، وسوف نتخطاها. وأقول للمتابعين ولجمهوري :"لا توقفوا أحلامكم، فهي محرك وجدانكم، وهي التي تبقي السعادة في قلوبكم، استفيدوا من وقتكم مع العائلة، وأعيدوا النظر في أولوياتكم. وحاولوا أن تبتسموا، لتفرحوا الناس الذين من حولكم، بقدر ما تستطيعون. وعندما تبتسمون، سوف تجعلون روحكم تبتسم، وتشعر بالأمل أيضاً".