أبدع الممثل السوري قصي خولي بدور صافي في مسلسل "عشرين عشرين" من إنتاج شركة الصبّاح، وكاتبا العمل بلال شحادات ونادين جابر رسما وجهين للشخصية، وهما المروج المحترف للمخدرات الذي استعمل دكانه البسيط لبيع الخضار كغطاء لما يجري في الطابق السفلي من توضيب وإخفاء للمخدرات في الخضار من قبل بنات الهوى، ليصار إلى بيعها فيما بعد، ووجه آخر هو الإنسان المؤمن الذي يردد دائماً عبارة "يا عفو الله"، وقد نصها على سياراته، وعلى باب دكانه، ويقدم المساعدات للمعوزين والمسنين.
وتمكن قصي من أن يكون ضابط إيقاع بامتياز، يوزع تفاصيل أدائه بين الشخصيتين بخفة وبراعة وتناغم، فلا يستطيع المشاهد أن يلاحظ الإنتقال بين الشخصية والأخرى، إلى حد يصبح الكلام أحياناً غير ضروري، لما في أداء قصي من براعة واحتراف.
أدى دوره بإحساس عالٍ، وطبع أحاسيسه على وجهه، بريق عينيه عندما يغضب، نظرات الإعجاب والحياء، عندما رأى حياة (أي الممثلة نادين نسيب نجيم بدور حبيبته)، من دون حجاب في المطبخ، عبر عنها بعينيه وبحنية نظراته، والمشهد الرائع عندما فارقت الحياة إحدى الفتيات التي تنقل الكوكايين في بطنها، وكيف تأثر بسبب وضعها، وتأسف على شبابها، وعلى فقرها الذي أرغمها على هكذا عمل، فكانت لغة جسده معبرة جداً، وباتكائه على الباب ترجم انسانيته تجاهها.
قصي خولي أكثر من مبدع في هذا الدور، يبرهن مرة جديدة أن أداءه التمثيلي يفوق الشكل، والشخصية مهما كانت فقيرة أو غنية، طيبة أو شريرة، بسيطة أو ذكية، فإنه يعطي الدور حقه، ويأخذنا من الخيال إلى الحقيقة، حتى أنه يجعلنا نحب الشخصية حتى لو كانت شريرة، أو خارجة عن القانون.
بشخصيته لم يقلد أحداً من الممثلين، بل اخترع مدرسة خاصة به، لذلك أقل ما نستطيع قوله، هو أن قصي خولي أستاذ في الأداء التمثيلي.