تساؤلات كثيرة تدور حول الأزمة التي أثيرت عقب ظهور الفنان المصري محمد رمضان في ثلاث صور مع رياضي وفنانين إسرائيليين خلال وجوده في الامارات العربية المتحدة، وقيل لماذا كل هذا الاعتراض ومصر وقعت عام 1978 اتفاقية سلام مع إسرائيل في عهد الرئيس الراحل أنور السادات والإتفاقية مستمرة حتى وقتنا الحالي، والسؤال أين إرتكب رمضان جريمة حتى واجه كل هذا الهجوم المركز، وصولاً الى نقابة المهن التمثيلية وعدد من الفنانين، الى جانب مواقع التواصل الاجتماعي.
الهجوم حصل لأن السلام لم يفرض التطبيع على الشعب المصري، وحتى الشعب الأردني، رغم إتفاقية السلام، لم يرضَ بالتواصل الاجتماعي مع الاسرائيليين، لان في ذلك إعتراف بشرعيتهم، وإلغاء للقضية الفلسطينية والتي هي القضية المركزية على المستوى العربي العام، وتغاضي عن كل الجرائم التي تم إرتكابها بحق العرب على مرور التاريخ، لذا السلام يجمد الحروب ويحافظ على الارض من الانتهاكات الاسرائيلية وعمليات القضم للجغرافيا العربية، مع تبادل شكلي للبعثات الدبلوماسية، الا ان هذا لا يعني إجبار الشعوب على تقبل أي اسرائيلي، وحتى أن التعامل الأمني مع أجهزة الأمن الاسرائيلية يعتبر خيانة، وهناك نماذج كثيرة تؤكد هذه الناحية.
محمد رمضان ليس الفنان العربي الاول الذي يقع في فخ الإسرائيليين، الذين لا يوفرون فرصة لالتقاط صور مع نجوم وملكات جمال ومبدعين عرب على غفلة منهم، ومن ثم نشرها والتباهي بها للإيحاء بأن ثمة مودة تجمعهم، او لحرق صورة هؤلاء المشاهير داخل مجتمعاتهم، وهذا طبعاً عن طريق الخداع والتذاكي واستغلال فرصة أن معظم الشعوب العربية لا تعرف المشاهير في إسرائيل، ويمكن لأي إسرائيلي يتحدث اللغة العربية أن يخدع أي أحد ويضعه في خانة النفور.
وبمعنى مختصر، السلام يعني السياسيين والحكومات التي وقعت الاتفاقيات، لكنه شعبياً مرفوض، والتطبيع غير ممكن في دول شهدت حروباً ودفعت ثمن سيادتها دماء وشهداء، ومصر قدمت الكثير على مذبح الوطن، حتى أن السلام مع إسرائيل حصل بعد حرب أكتوبر التي حرر فيها الجيش المصري الأراضي المصرية المحتلة بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات.
من جهة أخرى، تؤكد مصادر الفنان محمد رمضان أنه ليس هناك أي شيء في الدنيا ممكن أن يغريه للتضحية بوطنيته وعروبته ونجاحاته ومحبة الناس وثقتهم به، وثمة صورة تم التقاطها مع أشخاص لا يعرف جنسيتهم، لا تعني خيانته لقناعاته أولاً، وللانتماء العربي ثانياً.
وكان رمضان قد أوضح لموقع "الفن" أنه من الجنون أن يقدم فنان حقق كل هذه النجاحات على إمتداد الوطن العربي في فترة قياسية، على رمي صورته في النار من دون أي مبرر منطقي، وما يحصل من حوله من تحريض هو تصفية لحسابات شخصية من خلف الستار للاساءة له بين عامة الناس، وفي المقابل هناك شريحة لا يستهان بها ساندته لأن بإختصار وبكل شفافية، لم يكن يعرف أن هؤلاء الذين التقطوا الصور معه هم إسرائيليون.
وكانت نقابة المهن التمثيلية في مصر برئاسة أشرف زكي، قد أعلنت توقيف الفنان محمد رمضان عن العمل بشكل نهائي، لحين خضوعه للتحقيق في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل، بسبب صوره التي انتشرت مؤخراً مع إسرائيليين.
جاء ذلك بعد الاجتماع الطارئ الذي عقده اتحاد النقابات الفنية، وحضره كل من عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية، ومسعد فودة رئيس نقابة السينمائيين، وممثلون من نقابة المهن الموسيقية، إلى جانب أعضاء من مجلس نقابة المهن التمثيلية بينهم سامي مغاوري، ومنير مكرم وأيمن عزب.
وكان مجلس نقابة المهن التمثيلية أصدر بياناً نصّ على أنه "تابع في الساعات الأخيرة بكل اهتمام ومسؤولية نابعة من موقف وطني يمثل جموع الفنانين والمبدعين المصريين، ما حدث من تصرف فردي لأحد أعضاء النقابة في أحد التجمعات الفنية بمدينة عربية شقيقة، والتقاطه الصور مع فنانين ينتمون للكيان الغاضب".
وأكدت نقابة المهن التمثيلية "الدعم التام والكامل لحقوق الشعب الفلسطيني، والتزام النقابة بالموقف الجمعي للفنانين المصريين، وتمسكها الدائم بمواقف وقرارات اتحادات النقابة الفنية المصرية والعربية تجاه مثل هذه التصرفات"، معتبرة أن هذا الموقف يدرك تماماً الفرق بين المعاهدات الرسمية التي تلتزم بها الحكومات العربية، والموقف الشعبي والثقافي والفني من قضية التطبيع.