تعتمد الكثير من الأفلام والمسلسلات اليوم على ما يطلق عليه إسم "ضيوف شرف"، وهم ممثلون يعتمد ظهورهم في العمل على إطلالة خاصة قد تكون في مشهد واحد أو حلقة واحدة، تكون إختصاراً لمسار معيّن في العمل، على ضيف الشرف أن ينجح في خوض هذا المسار وإيضاحه بدقة بهذه المساحة القصيرة نوعاً ما.
فهذه مهمة وإن كانت بحجمها صغيرة في العمل، ولكن لها أهمية كبيرة من خلال تأثيرها على مجريات الأحداث، وهي بحاجة إلى ممثلين يتمتعون بقدرة عالية من الإتقان، بالدرجة الأولى في إيصال الرسالة من مشهدهم أو حلقتهم بهذه السرعة، والتأثير في المشاهد.
ومؤخراً وإنطلاقاً من هذا الموضوع، نتحدث هنا عن إطلالتين لفتتانا في الآونة الأخيرة، لممثلين قديرين هما الممثل اللبناني أسعد رشدان والممثل السوري دريد لحام، واللذين كانا ضيفين من رتبة شرف، الأول في مسلسل "هند خانم" الذي يعرض حالياً، والثاني في مسلسل "شارع شيكاغو" الذي عرض مؤخراً.
فإطلالة كل من رشدان ولحام كضيفيّ شرف في هذين العملين، كان لها وقع خاص على المشاهد، لعدة أسباب، أولها أن مجرد ظهورهما في الحلقة الأولى من العمل، فهذا الأمر كان إضافة له، وإنطلاقة قويّة، إستطاعا لفت إنتباه المشاهد وجذبه لمتابعة العمل.
والسبب الثاني، هو أن كل من رشدان ولحام، بظهورهما الخاص هذا والذي إنتهى بسرعة، مهّدا لقصة غامضة ومشوّقة تبنى عليها الأحداث اللاحقة.
فأسعد رشدان ذلك الزوج القاسي (المريض نفسياً)، الذي يعامل زوجته وأولاده بإحتقار وعنف، ويتعالى على كل من يتعامل معه، يلقى حتفه بظروف غامضة في ليلة كان فيها مخموراً، ليفتح الباب على مصراعيه أمام زوجة عانت، وأولاد أصبح لديهم عقدهم النفسية.
ودريد لحام، ذلك الرجل المسنّ الذي يعترف بجريمة قتله للراقصة "ميرامار"، ورغم أن البعض ظنّ أنه مجنون، إلا أنه يتعرض للقتل بسبب إعترافه بهذه الجريمة، ما يفسح المجال للأحداث بالإنطلاق، فقصته الغامضة هذه التي بدأت في الحلقة الاولى وإنتهت بها، كانت شرارة إنطلاق العمل وبداية للأحداث الفعلية.
أخيراً، فإن أهمية الدور وتأثيره على العمل، ليس بالضرورة أن يكونا بحجمه أو مساحته، فالأساس هو بتأثير الدور في مجريات الأحداث، وببراعة وقدرة الممثل على إيصال الرسالة ولو بمساحة قصيرة، هنا تكمن البطولة الحقيقية.